سيمون دي بوفوار العرب.. كيف نعت الصحف العالمية نوال السعداوي؟
«سيمون دي بوفوار العرب» و«المصرية الأكثر جرأة» كلها ألقاب حازت عليها الكاتبة، الناشطة النسوية، الطبيبة والطبيبة النفسية نوال السعداوي، التي توفيت عن عمر يناهز 89 عاما، بعد تاريخ ومسيرة طويلة كافحت خلالها لدعم النساء في مصر ومكافحة الممارسات التي تلحق بهن الضرر، هذا ما جعلها تتصدر عناوين الصحف العالمية التي نعتها وسلطت الضوء على العديد من المحطات البارزة في حياتها.
قوة منذ الطفولة
تحدي التقاليد الخاطئة والإصرار على رأيها منذ الطفولة، كان ملخص ما نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية عن االناشطة النسوية نوال السعداوي، وبحسب المقال المنشور كانت نوال مخالفة للتقاليد منذ صغرها، التحدي الأول لها عندما كانت طفلة حيث أبلغت جدتها الريفية برفضها الزواج، بعدما رتبت لها زواجا تقليديا وهي في العاشرة من عمرها، ولجأت إلى أكل الباذنجان نئ لتغيير لون أسنانها.
وتابعت الصحيفة البريطانية أنها منذ ذلك الوقت اكتسبت قوتها التي أدت إلى استقلاليتها الشديدة في الفكر، وكفاحها ضد عدم المساواة، الأمر الذي أدى لاحقا إلى فقدان وظيفتها، وفرض حظر على كتاباتها، ودخول السجن بل التهديد بالقتل والنفي.
كتابات خالدة
فيما سلطت صحيفة «إندبندنت» البريطانية الضوء على كتابات السعداوي التي وصلت إلى 50 كتابا مثيرا للجدل لسنوات عديدة في مجتمع محافظ للغاية، وهو الأمر نفسه الذي كان غريبا على الابنة الثانية لـ9 أطفال ولدوا في أسرة من أصول ثرية، لتصبح طبيبة بعد دراستها الطب في جامعة القاهرة، وكذلك في جامعة كولومبيا في نيويورك، قبل تخصصها في الطب النفسي.
شغلت نوال منصب مديرة الصحة العامة، حتى طُردت من وزارة الصحة بعد نشر كتابها «المرأة والجنس» في عام 1972، والذي تناول قضايا مثل الاضطهاد الجنسي للمرأة، ورفع الوعي ضد ختان الإناث التي تعرضت له في سن السادسة.
وتابع التقرير أنها استغلت الوقت خلال سجنها لمدة شهرين خلال حملة سياسية واسعة عام 1981، لكتابة كتاب آخر بعنوان «مذكرات من سجن النساء» باستخدام لفافة من المناديل الورقية وقلم حواجب لتدوين تجربتها، بحسب ما نشرته الصحيفة البريطانية.
«أنا أكتب بالعربية، كل كتبي باللغة العربية وبعد ذلك يتم ترجمتها، دوري هو تغيير شعبي» طبقت الكاتبة المصرية جملتها الشهيرة خلال إقامتها بالولايات المتحدة، حيث استمرت في الكتابة هناك وترجمت كتبها لأكثر من 40 لغة حول العالم.
ختان الإناث جريمة
اهتمت شبكة «سي إن إن الأمريكية» بتخصيص السعداوي سنوات طويلة من عمرها لمكافحة ختان الإناث، حيث عُرفت بدفاعها القوي والمستمر عن حقوق المرأة، وحاربت بقوة ضد عادة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
وظلت تندد بهذه العادة، الأمر الذي كان جريئا في أواخر القرن الماضي قبل محاربة الدولة لاحقا لاستمرار هذه الممارسة، وحظر مصر لختان الإناث في عام 2008، ودعمت قضيتها بتدشين جمعية تضامن المرأة العربية، وأصبحت المؤسس المشارك للجمعية العربية لحقوق الإنسان، وفي عام 1981 دشنت مجلة نسوية بعنوان «المواجهة».
وقالت في مقابلة سابقة مع «سي إن إن» في عام 2011: “لا يمكن تحرير المرأة في مجتمع طبقي أو أبوي يسيطر عليه الذكور، ولهذا السبب يتعين علينا التخلص من الاضطهاد الطبقي واضطهاد النوع الاجتماعي، فلا يمكننا الحديث عن ثورة بدون نساء».
بطولة رمزية
ووصفها الموقع الإسباني لشبكة «فرانس 24» بأنها أهم مفكرة نسوية مصرية وعربية، ووفقا للتقرير: “تُعرف السعداوي بشكل خاص في إفريقيا والعالم العربي بأنها مرشدة للعديد من النساء، وكانت مدافعة كبيرة عن حقوق المرأة واضلت من أجل مستقبل الحرية النسوية”.
وضربت نوال مثالا بسيطا ولكنه رمزي لمقاومة النموذج المطلوب دائما من النساء حول شكلهن، حيث اعتادت الظهور على الساحة بدون مكياج وبدون صبغة شعرها حتى تحول شعرها بالكامل إلى اللون الأبيض.
وأشادت صحيفة «لو موند» الفرنسية بجهودها التي أثمرت عن تحطيم المحرمات، ونضالها من أجل تحرير المرأة برغم إثارة مواقفها وصراحتها جدلا قويا في المحتمع المصري، ولكنها نجحت في إلهام أجيالا من النساء في المجتمع العربي.
خسارة مُحزنة
أبرزت وكالة الأنباء العالمية « تومسون رويترز» الخسارة الكبيرة لغياب الكاتبة المصرية عن الأوساط الثقافية، حيث نشرت تقريرا عن تكريمها بعد وفاتها ونعي الكتاب والسياسيون والنسويات لها، والذين اجتمعوا، أمس الإثنين، لتكريم الناشطة المصرية الرائدة التي تعد واحدة من الشخصيات النسائية الأكثر إلهاما في الشرق الأوسط.
وقال محبيها في مصر إنهم سيحيون ذكرى ميلادها بتدشين معهد وجائزة تحمل اسمها في مصر، فيما قالت الممثلة بشرى إنها تبحث عن شركة إنتاج لتقديم فيلم عن حياتها، وكذلك أعلن “مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية” وهو منظمة حقوقية مصرية، إنه سيخصص جائزة سنوية باسم السعداوي بقيمة 1000 يورو أي حوالي 1190 دولارا أمريكيا.
فيما نعتها الكاتبة التركية البريطانية “أليف شفق”، وكذلك عضو الكونجرس الأمريكية “إلهان عمر”، والناشطة النسائية المصرية الأمريكية منى الطحاوي، وكتبت شفق على حسابها بموقع التغريدات تويتر: “هذه خسارة محزنة لمنطقتنا ولعالمنا، ارقدي بسلام”.
وقالت “نيمكو علي” الناشطة البريطانية البارزة في مجال مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، إن السعداوي عززت عملها ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر، وكتبت على حسابها بموقع تويتر: “نوال السعداوي أنقذت حياتي عندما كنت في الثالثة عشر من عمري، موتها خسارة لنا جميعا”.
كما أشادت “ويني بيانيما”، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، بتأثير السعداوي على النسويات في جنوب الكرة الأرضية، وقالت على حسابها بموقع تويتر: “لقد ألهمت جيلنا من النسويات الجنوبيات.. لقد منحتنا الشجاعة واللغة لتحدي اضطهاد النساء وتبعيتهن والمطالبة بالمساواة … لقد غيرتنا.. لقد غيرت العالم”.
3 تعليقات