«سويسري يفجر قضية جديدة»: يمتلك آثار مصرية سُرقت مع شاهد توت عنخ آمون
فجر ملياردير سويسري تفاصيل جديدة في قضية الآثار المصرية المُحتمل أنها مسروقة بفرنسا. إذ طلب انضمام سويسرا إلى التحقيقات بعدما رفع دعوى جنائية قال فيها إنه يمتلك قطعة آثار مصرية يشك في شرعية خروجها من مصر مطالبا بالتحقيق في مصدرها.
التحقيق في آثار مصرية بسويسرا
وبعدما انضم متحف “اللوفر أبوظبي” كجانب مدني في التحقيق الذي شكلته وزارة الثقافة الفرنسيى، رفع هاوي جمع الآثار الملياردير السويسري “جان كلود غندور” دعوى جنائية. في أعقاب الفضيحة التي تورط فيها مدير متحف اللوفر السابق جان لوك مارتينيز.
تحركت سويسرا وفقا للشكوى الجنائية التي رفعها جامع التحف السويسري بهدف التحقق من صحة شهادة خروج قطعة أثرية يقتنيها من مصر، ضمن مجموعته الضخمة التي تتخطى 1600 قطعة أثرية. وهي لوحة من وجوه الفيوم اشتراها في نوفمبر 2014 من جاليري “فينيكس” للفنون القديمة في جنيف بسويسرا.
الدعوى التي رفعها غبور ستغير مجرى التحقيق الفرنسي، لسببين الأول أنه قام بشرائها من نفس التاجر – روبن ديب – المشتبه به في قضية “شاهد توت عنخ آمون” المحتمل أنه منهوب. والثاني أن الوثيقة التي معه للوحة الفيوم تحمل نسخة متطابقة من بيانات وثيقة شاهد توت عنخ آمون.
ولكن رغم ذلك ما زال الطلب السويسري قيد الدراسة الفرنسية. وبشكل عام فإن الهدف من انضمام متحفي “اللوفر” و”اللوفر أبوظبي” في وقت لاحق، كطرف مدني في التحقيق الجنائي. وأخيرا سويسرا، للوصول إلى ملفات التحقيق وإثبات الحقائق والتصرف وفقا لذلك الأمر.
لوحة من وجوه الفيوم – من مقتنيات السويسري جان كلود غندور
شكوى “جان كلود غندور”
كشف الفريق القانوني لجامع التحف السويسري تفاصيل تقدمه بشكوى جنائية. وقال فيها إنه يزعم فيها امتلاكه شهادة ملكية مزورة لقطعة أثرية من وجوه الفيوم المصرية التي يرجع تاريخها إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد.
على الرغم من نسب غندور لأب وأم أوروبيين. إلا أنه عاش في مصر ولديه واحدة من أفضل مجموعات الآثار المصرية الخاصة في العالم، ولوحات الفنون التشكيلي الأصلية، بحسب سيرته في مجلة “فوربس” الأمريكية.
وذكر في الشكوى التي قدمها قبل أيام، تحديدا في 3 يونيو، تفاصيل اقتنائها. إذ اشتراها في عام 2014 مقابل ما يقرب من مليون يورو، من معرض “ڤينيكس” للفنون القديمة، في جنيف بسويسرا.
لم يخطر في باله أن مجموعة الآثار الضخمة التي يقتنيها قد تتضمن قطعة قد تكون مسروقة. إذ قدم الشكوى بعد أن أبلغه أحد الصحفيين أن اللوحة لها نفس مصدر القطع الأثرية الأخرى المشبوهة التي تصدرت عناوين الصحف مؤخرًا. ومن بينها التابوت الذهبي المسروق للكاهن “نجم عنخ” والذي أعاده متحف متروبوليتان للفنون إلى مصر في عام 2019.
لوحة من وجوه الفيوم
يروي الملياردير السويسري المكانة المميزة لهذه القطعة في مجموعته الخاصة. إذ اختارها للعرض حتى وقت قريب في “مؤسسة غندور للفن” في جنيف. وهي المؤسسة الخاصة به لهواة جمع الآثار والقطع القديمة.
هذه القطعة تحديدا رآها الكثير على مدار سنوات. إذ جابت عدد من دول العالم، فبعد انتهاء عرضها بالمؤسسة أعارها للعرض في متاحف بفرنسا وسويسرا. بالإضافة إلى استخدام صورتها في متحف مونتريال ضمن مشروع رقمي تفاعلي.
وبالتالي على حد وصفه لصحيفة “ذي آرت نيوز بيبر” فإنه لم يخفيها. وقال: “شاهد هذه القطعة العالم بالكامل”، على مدار أكثر من ثماني سنوات ولم يذكر أحد أنها مسروقة أو ذات أصول مشكوك فيها”.
ولكن رغم حبه لاقتناء الآثار والتحف، إلا أنه توقف عن شراءها العام الماضي معلنا السبب: “لقد فهمت ما جرى في هذا السوق، هناك الكثير من التجار ودور المزادات لا يتمتعون بتفويض كامل للبيع وقبضت الشرطة على البعض وما زالت تتبع الآخرين”.
تابوت وشاهد ولوحة
لخص غندور رحلته الطويلة في اقتناء الآثار بأنه جمع كل قطعة بشكل قانوني. وكان حريصا للغاية على التأكد من الأوراق من خلال جهات مختصة. وهذا هو السبب لمطالبه بالتحقيق في مصدر لوحة الفيوم
وتشترك “لوحة الفيوم” مع “تابوت نجم عنخ” و”شاهد توت عنخ آمون” الجرانيتي الذي اشتراه اللوفر أبوظبي في عام 2016 – قيد التحقيق – أنهم تم شرائهم من أحد المشتبه به الرئيسيين في القضية. وهو “روبن ديب” عبر دار مزادات “بيبر بيرجي”.
وتوضح أوراق القطع الثلاث أنهم يعودوا إلى جامع التحف الألماني “يوهانس بيرينس” وتاجر مصري يدعى “حبيب تواضروس”.
وعند التقدم بالشكوى قال فيها إنه لا يعرف من المسؤول النهائي عن تهريبها من مصر. لكن الشكوى تتضمن أنه لديه إمكانية الحصول على تعويض عن الأضرار. إذ يسمح القانون السويسري بتقديم بلاغ ضد جهة غير معروفة.
ووفقا للمعلومات التي نشرتها صحيفة “ذي آرت نيوز بيبر” باع هذه القطعة إلى الجاليري، المشتبه به الرئيسي في القضية، روبن ديب، مقابل 355 ألف يورو في نوفمبر 2013، في دار مزادات “بيبر بيرجي” في باريس، مع شريكه الخبير “كريستوف كونيكي”.
أدلة تؤكد تزوير الوثيقة
وتحمل وثيقة لوحة الفيوم البيانات نفسها المدونة في وثيقة “شاهد توت عنخ آمون” التي باعها كونيكي لمتحف “اللوفر أبو ظبي”. وهي أنها خرجت من مصر في ثلاثينات القرن الماضي. من خلال تاجر في القاهرة يدعى “حبيب تواضروس” وضابط في البحرية الألمانية يدعى “يوهانس بيرنيس”.
هذه الشكوك أثارت انتباه غندور الذي قرر البحث عن هوية أيا من حبيب تواضروس أو يوهانس بيرنيس قبل التقدم بشكوى.
وقال لصحيفة “لوموند” الفرنسية: “نعتقد أن بيرنيس شخص غير موجود على الإطلاق في الحقيقة. هو اسم وهمي تمت كتابته فقط، أو على الأقل لم يكن من هواة جمع التحف الفنية”.
ومن جانبه علق المتحدث باسم جاليري “فينيكس” للفنون القديمة في بيان: “ما تم تداوله في الصحافة حول الآثار المصرية في فرنسا يوضح أن الشخص الذي تم نسب الآثار إليه – يوهانس بيرينس – في المعرض الخاص بدار المزادات بيير بيرجي وخبيرها السيد كونيكي. تم اختلاقه من قبل روبن ديب”.
وتابع البيان: “هذه النتيجة، إذا تم التحقق منها، ستوحد قضية الآثار القديمة المسروقة في جاليري فينيكس مع متحف متروبوليتان ومتحف اللوفر أبوظبي في قائمة متزايدة من الضحايا المحتملين للمبيعات التي قام بها ديب ومعارفه”.
صداقة غندور ومارتينيز
وكجزء من نفس القضية، اتُهم المدير السابق لمتحف اللوفر في باريس، جان لوك مارتينيز، بالاشتراك في قضايا احتيال وغسل أموال في آثار يُزعم أنها مُهربة من مصر واشتراها متحف اللوفر. ولكن وفقا لـ”آي آر تي نيت نيوز” أوضح محاميه أنه ينفي هذه الاتهامات.
ولكن بخلاف اتهام مارتينيز، على المستوى الشخصي جمعه علاقة قوية بالملياردير السويسري غندور. إذ عملا معا في التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع. وشغل غندور منصب عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة الأخلاقيات حتى وقت قريب، ومارتينيز كان رئيسا للجنة العلمية.
الثقافة الفرنسية في مهب الريح!
هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها فرنسا قضية آثار مسروقة. في عام 2017 تم التحقيق في بيع أثاث مزيف من القرن الثامن عشر إلى قصر فرساي.
وحاليا تتابع وزارة الثقافة الفرنسية القضية عن كثب، باعتبار فرنسا هي الدولة الوحيدة المتورطة في القضية. وأكدت وزيرة الثقافة الجديدة ريما عبدالملك في بيان لها “التزام فرنسا الدائم بمكافحة الاتجار بالفن”.
وأعلنت “عبدالملك” عن تشكيل لجنة قانونية لتتبع طريقة عمل وإجراءات الحصول على قطعة آثار مصرية في وقت خروجها للتأكد من صحة الأوراق.
وتضم اللجنة “ماري كريستين لابورديت”، الرئيس السابق للمتاحف الفرنسية، كريستيان جياكوموتو، مصرفي وجامع مقتنيات ومتبرع للمتحف يرأس لجنة التدقيق في وكالة متحف فرنسا (المنظمة المسؤولة عن التعاون مع متحف اللوفر أبوظبي)؛ والمدير العام السابق والعضو الآن في هيئة التنظيم المالي، ومن المتوقع أن يقدموا نتائج التحقيق هذا الصيف.
ولكن تبعات قضية الاتجار بالآثار المصرية في فرنسا لا تقتصر على استردادها أو التوصل إلى المتهم الحقيقي. ولكنها بمثابة ضربة لعلم المصريات الفرنسي، الذي دافعت عنه فرنسا باستمرار منذ عهد نابليون.
وتعد علاقة فرنسا بعلم المصريات وثيقة على مدار ما يزيد عن 150 عاما، عبر أكثر من 50 بعثة في مصر، و3 مراكز بحثية والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة. بل تم الاحتفال ببعض الآثار في كلا البلدين وبحسب صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية أعاد متحف “اللوفر” افتتاح حفريات تم العثور عليها في “سرابيوم” سقارة، لمكتشفها الباحث الفرنسي أوغست مارييت عام 1851.
اقرأ أيضا
خاص| سر أهمية شاهدة «اللوفر»: النداء الأخير من توت عنخ آمون
التحقيقات مستمرة في فرنسا: من يسترد تمثال رأس كليوباترا؟
ما وراء سجن مدير «اللوفر».. أوراق من قضايا مافيا آثار مصر في فرنسا