ريهام عرام: أقدم تاريخا جديدا للأسرة الخديوية عبر وثائقها المجهولة
تحت عنوان «وثائق من تاريخ الأسرة الخديوية»، صدر للدكتورة ريهام عرام، أستاذ التاريخ والآثار المصرية بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، كتابها الجديد، متناولة فيه عدد من الوثائق والتوجيهات والمخاطبات والشكاوى خلال فترات حكم الخديوي إسماعيل وتوفيق وعباس حلمي الثاني، لتقدم من خلال الكتاب سردا مختلفا للتاريخ عبر الوثائق الورقية القديمة.. «باب مصر» أجرى حوارا للتعرف أكثر على الكتاب.
كيف حصلتٍ على هذه الوثائق.. ولماذا قررت تجمعيها في كتاب؟
بالصدفة فقط، فمن هواياتي المفضلة تجميع العملات والطوابع القديمة، فأهداني صديق بعض الوثائق القديمة التي حصل عليها، فوجدت داخلها معلومات مهمة عن مصر، لابد وأن تنشر، فكل ما هو قديم له قيمة حتى الورق فهو يحمل في طياته تاريخ لابد أن ينقل للأجيال القادمة، لذا قررت توثيقه وجمعه في كتاب قد يحدث نقلة، ويزود المعرفة عن الأسرة الخديوية التي بالفعل كانت أسرة مخلصة قدمت الكثير لمصر.
عن أي حقبة زمنية تتحدث الوثائق.. وما تحليلك لهذه الفترة؟
المكاتبات جميعها من القرن الـ19، حاولت وضع الثلاثة حكام الرئيسيين الخديوي إسماعيل وعباس حلمي الثاني والخديوي توفيق، اخترت هذه الحقبة الزمنية تحديدًا لأنها فترة غنية في تاريخ مصر وكانت حينها عاصمة تجتذب جميع الطوائف والجنسيات ومن مختلف الأديان وكانوا جميعًا في تعايش تام مع المصريين، فهي فترة غنية في جميع مجالات الفن والعمارة والتاريخ طبعًا بحكم تعدد الأجناس الموجودة، فكان لهم تاريخ ودور كبير في الحفاظ على التراث وإحياء القاهرة وإدخال الحضارة الحديثة ومواكبتها لها، لتمثل هذه الفترة عصر نهضة حقيقة وضحت في الخطابات ودقة المحاسبة في شدة الكلام وسرعة والتحويل للتحقيق وإنهاءه في نفس اليوم وعدم السكوت على الأخطاء والحفاظ على حقوق المصريين والدولة، ووجود أكثر من توقيع على الورقيات والالتزام الشديد لكل مسؤول في منصبه، فكان هناك نظام مؤسسي كامل في جميع أمور الدولة، فحاولت أن أظهر مدى إخلاص رجال الدولة في ذلك الوقت.
عن ماذا تتحدث هذه الوثائق؟
الوثائق عبارة عن مجموعة من المكاتبات والمراسلات بين شخصيات عامة حول أمور إدارية للدولة، الخطابات مختلفة كان منها بتوقيع نوبار باشا على إجازة، ووثائق جران بيه مؤسس القاهرة الحديثة، ووثائق خاصة بمتحف بولاق وأمره بنقله إلى متحف آخر.
كما أن الكتاب عبارة عن أقسام طبقًا لموضوعات الوثائق، فهناك فصل خاص بالآثار، وآخر بوزارة الأشغال العمومية وهي وزارة رئيسية في هذه الفترة وكانت تقوم بأغلب المهام في الدولة في ذلك الوقت، ثم وثائق خاصة بالسرايا الخديوية متضمنة تفاصيل البناء والمساحات، ووثائق تتحدث عن شوارع المحروسة وعن التكلفة ولافتات الشوارع، وكانت حينها تذكر القاهرة تحت اسم مصر أو المحروسة، وذلك اختزالًا لأهمية وقيمة مصر في القاهرة.
وما هي أكثر الوثائق غرابة صادفتك أثناء الإطلاع والتوثيق؟
لم تكن غريبة، ولكنها ظريفة وملهمة، فمثلًا من ضمن الوثائق عقد حق انتفاع لحمامات حلوان مؤجرة لخواجة وهو عبارة عن عقد شامل محدد كل نقطة فكانت الدولة منظمة جدا حينها ولم تكن تفرط في حق من الحقوق المصرية، فالعقد من وجهة نظري عقد تقييد للخواجة فهو يسمح بجزء لجمهور العامة مجانا للراغبين في الشفاء، وجزء للأسرة الملكية وهو مجبر على الحفاظ على الجزئيين بنفس الجودة والنظافة سواء الفندق وحمامات حلوان وتغرمه بغرامات كبيرة جدا في حالة الإهمال، كما أنها محددة مرتبات السيدات والرجال العاملين هناك، وخطابات توبيخ من وزير الأشغال العمومية لأحد المهندسين يوجه له اللوم عن عدم متابعة عمله بشكل جيد مع عرض مفصل لأخطائه.
ماذا عن الصعوبات التي واجهتيها أثناء التوثيق؟
الصعوبات في تفسير الخطوط أحيانا واستخدام بعض الألفاظ خلال القرن الـ19 وهي غير دارجة حاليا، بالإضافة إلى تدهور حالة بعض الأوراق واضطراري لترميمها لكي أتمكن من قراءتها، وترجمة النصوص ترجمة بسيطة وغير متكلفة لكي تكون ميسرة للجميع، هناك خطابات باللغة الفرنسية وتم ترجمتها إلى اللغة العربية ووضعت في الكتاب بشكلها الأصلي، فهناك داخل الكتاب صورة لكل وثيقة الأصل تم الترجمة ثم التحليل.
من وجهة نظرك إلى مدى تشكل الوثائق أهمية في سرد التاريخ؟
اعتقد دائمًا أن هناك وجها آخر للتاريخ لا نعلم عنه شيئا، فما نقرأه في كتب التاريخ هو ما وصل إلينا من المؤرخ ومن وجهة نظره، وقد يكون منصفا أو ظالما لأشخاص محددين في التاريخ، أو هناك من قد يكون أتبع هواه لأن ما يخطه الأشخاص بأيديهم فهو يعبر بحق عن شخصياتهم وعن نفوسهم بلا أي تزييف، أما الوثائق فهي تشكل سردا للتاريخ بشكل آخر وتعتبر أداة هامة في التأريخ الرسمي أو غير الرسمي للدولة، على حسب قراءة المؤرخ لها.
اقرأ أيضا
باحثون في المجلس الأعلي للثقافة: مستقبل مجهول لتراث القاهرة العمراني