رحلة «القوصي» وراء الخط العربي
من مدرسة معركة التحرير الابتدائية بقوص، خرجت موهبة محمد فوزي طايع، الذي يعمل حاليا أخصائي للخط العربي بمدرسة الثانوية بنين. بدأت علاقة طايع بالخط منذ الصغر، لكن لم يكن هناك مكان يمكن أن يستوعب هذا الشغف في قريته ما اضطره للسفر للدراسة بمدرسة الخطوط العربية بالقاهرة، فتعلم فيها وأتقن أسرار كل الخطوط.. «باب مصر» يتعرف على موهبته.
بداية الموهبة
يقول طايع لـ«باب مصر»: بدأت البحث عن موهبتي في حدود الإمكانيات المتاحة لي، كان أولها الكتابة على الورق بشكل مغاير، ثم تقليد الرسوم والخطوط من ورق الجرائد، ومنها تنمية موهبته أولا بأول حتى وصل لمرحلة الإعدادية ومنها للثانوية العامة وبعدها الانضمام لجماعة الخط العربي داخل المدرسة في عام 1984.
وتابع: شاركت في العديد من المسابقات الخاصة بمجالي في مديرية التربية والتعليم بقنا، وأحرزت المركز الثالث على مستوى المحافظة وكرمني المحافظ حينها عبدالمنصف حزين في عيد المعلم بمكافئة 7 جنيهات و8 قروش، فكانت أول مكافئة أحصل عليها، وشجعني هذا على الاستمرار في تنمية موهبتي.
السفر من الصعيد
حال عدم وجود مدرسة للخط العربي في الصعيد بين «محمد» وموهبته، إلا أنه لم يستسلم، فيقول: أنهيت دراستي وتعييني في التربية والتعليم عام 1995، وخلال هذه الفترة لم أجد مدرسة للخطوط العربية في الصعيد لأدرس فيها، فقررت السفر إلى القاهرة ونقل عملي هناك من أجل الدراسة في العاصمة، وهو ما كان بمدرسة الخط العربي بباب اللوق.
واستطرد حديثه: درست بالمدرسة عامين، استفدت كثيرا من الدراسة والمدرسين على حد سواء، كان يقولون لي إنني نموذج رائع، وموهبتي جعلتني أسبق زملائي في المدرسة، وكان المدرسون يتنافسون بي على مستوى الجمهورية.
الأب الروحي
يحكي طايع عن الأب الروحي ومثله الذي علمه الخط العربي، فيقول: “محمد حمام هو أبويا الروحي، علمني الخط العربي، وأرسلني للعمل في كتابة الأختام والكليشيهات في زنكوخراف الحرية بشارع محمد علي، كنت أجلس على مكتب الشيخ حسني والد الفنانة سعاد حسني بالقاهرة”.
ويضيف، جلست مرة مع مدير مكتب الخط العربي في شركة المقاولون العرب، في مقابلة بحثا عن عمل، فقال لي حينها: “أنت لو درست خط عربي هتطيح في الكل”، وبالفعل درسته، وعملت فترة طويلة بوكالات الدعاية والإعلان بالقاهرة.
ويقول الخطاط: في عام 2011 عدت من القاهرة إلى قوص لظروف أسرية، وحينها قابلت الأستاذ حساني المشهور بـ”حسوكة” للخطوط العربية بقوص، شجعني على دراسة الدبلوم في مدرسة الخطوط العربية الحديثة بقوص، وبالفعل حصلت على شهادتها عام 2017، وحاليا أدرس الدبلوم التخصصي في الخطوط العربية.
ويوضح، عملت بعد عودتي من القاهرة أخصائيا اجتماعيا بمدرسة عبدالعزيز القوصي للتعليم الأساسي، وكان القائمون عليها يجددونها فقمت بكتابة وتخطيط 20 لوحة بالخط العربي على جدران وحوائط المدرسة بالكامل، وصممت أيضا العديد من اللوحات داخل مكتب مدير المدرسة الثانوية بنين، بعدما انتقلت للعمل بها حتى الآن، وكتبت بعض الخطوط كجداريات على سور المدرسة الداخلي والخارجي.
كما أدرب حاليا الشباب على الخط العربي بقصر الثقافة وداخل مدرسة الخطوط العربية بقوص.
الخط العربي
يحكي فوزي عن سر حبه للخط العربي، ويقول: أنا شغوف جدا بالخط العربي، أستمد قدسيته من القرآن الكريم، والأنواع التي أهواها الرقعة والنسخ والفارسي أو “النستعليق” ثلث والديواني والكوفي الذي يعد أصعب الخطوط ويحتاج جهد كبير.
وتابع: أحب الخط الفارسي كثيرا ويسيطر على اهتمامي هذه الفترة، وأرى أنه به مرونة وجمال، بينما خط الرقعة والثلث صعب بالنسبة إلى غير الأكاديمي، أما عن اللوحات الإعلانية، فتكتب بالفارسي أو الرقعة، حيث تكون سهلة على المشاهد والقارئ، ويفضل استخدام النسخ عند كتابة الكلمة الواحدة المفردة في اللوحة الإعلانية.
نصائح للخطاطين
يوجه «محمد» نصائح للخطاط، فيقول: لابد أن يراعي الفراغات بين الكلمات والتنسيق في الخط، وأيضا ارتفاع وسمك الخط، الخط العربي مرتبط بالعين، فالخطاط الجيد يقرأ الخط بعينه قبل كتابته، ويجب أيضا إلمامه بقواعد الخطوط يجعله يملي الكتابة على اليد وليس العكس.
ويختتم حديثه: أناشد المسؤولين بإقامة دورات تحسين للخط العربي بالنسبة للمدرسية في المرحلة الابتدائية ليعلمون الأطفال داخل المدارس تحسين خطوطهم.