د.داليا الشرقاوي تكتب: علمتني الجرأة في التجوال

كنت أتصفح الفيس بوك، وكانت تلك الفترة تشهد هدما مفاجئا لمنطقة جبانات الغفير. أردت أن أعرف المزيد عنها وعن المرحلة التاريخية التي تمثلها، وقد عبّرت آراء المتخصصين عن شجبهم واعتراضهم على ذلك الهدم الذي كان في عام 2021- 2020م.
وجدت تعليقا للدكتورة جليلة القاضي على بوست لأحد أصدقائي على الفيس بوك، ووجدت أن آرائها شديدة التخصص، وعالمة بالكثير من تفاصيلها، تعرف مراحلها التاريخية جيدا، عندها أرسلت لها طلب صداقة، وكنت أتابعها بكل الاهتمام، حتى علمت من خلال صفحتها أنها ستقوم بتوثيق القرافة قبل عمليات الهدم المتوقعة. حينها طلبت منها الانضمام، أردت أن أعرف أكثر عن الأماكن التي طالما شاهدتها من خلال الصور.
***
اتفقنا على اللقاء، وانتظرتها تحت منزلها الكائن في القاهرة الخديوية. عرفتها مباشرة، فوجهها لا يختلف عن صورتها على الفيس بوك، وجدتها امرأة جميلة رقيقة هادئة، يظهر الذكاء في عينيها. تعارفنا بسهولة شديدة، فوجهها لا يختلف عن صورتها التي أعرفها. ذهبنا إلى زيارة متحف الحضارات الذي كان مفتوحا حديثا.
استمتعنا بالجولة وكانت تعليقاتها فيها كثير من المعرفة، والمعرفة العابرة للتاريخ، وارتباط الحضارة المصرية منذ نشأتها مرورا بالعصور الإسلامية حتى وصلنا للعصر الحديث.
بعدها تجولنا بالسيارة في القاهرة، وكانت تشرح لي كل منطقة نسير بها. حتى وصلنا إلى شارع محمد علي، وعندها أشارت على بوائك وأعمدة الشارع، والتي هي جزء من بنيان العمارات، التي مثلت الاتجاه السائد في عمارة القرن التاسع عشر. وأن تلك الظاهرة منتشرة في مدن عدة داخل مصر وخارجها.
***
لقد علمتني الجرأة في التجوال، وأن المناطق القديمة غنية في عمارتها وسكانها.
البحث في قرافة القاهرة هو تخصصها الأصيل، لقد كانت موضوع رسالتها في الدكتوراه. وقد أصدرت كتابا عنها باللغة الفرنسية، وآخر بالإنجليزية، وأخيرا تم إصداره بالعربية في داخل مصر منذ أيام.
دكتورة جليلة لها حضور قوي في ندواتها، وقد تمكنت من موضوعاتها مهما اختلفت باقتدار، أفكارها منظمة، وأهدافها واضحة، وإلقاؤها سهل وبسيط، يصل لغير المتخصصين بسهولة.
هي متفانية في توثيق قرافة القاهرة الكبرى، قبل التغييرات التي تطرأ على مدينة تراثية حية، تشهد تحولا كبيرا في فترات وجيزة قبل اندثارها.
أشكرها كثيرا على كل شئ، وأتمنى لها عاما سعيدا وعمرا مديدا وقدرة متواصلة على العطاء.
اقرأ أيضا:
ملف| «جليلة القاضي».. 75 عاما في مواجهة القبح
جليلة القاضي: المتمردة الساخرة
أمنية عبدالبر تكتب: جليلة، أستاذتي وصديقتي
طارق المري يكتب: الجليلة بنت القاضي