«ديناصور وحجارة» من سطح القمر.. في المتحف الجيولوجي بالقاهرة
هل صدقت يومًا بوجود آلة الزمن التي كانت وما زالت محور اهتمام صناع أفلام الخيال العلمي؟ إذا لم تكن تصدق وجودها وتعتبره «أسطورة»، فهنا في مصر يوجد البديل على ضفاف كورنيش نهر النيل بالعاصمة المصرية القاهرة، وبرسم دخول لا يتعدى ٥ جنيهات.
آلة الزمن المصرية تلك، تتمثل في «المتحف الجيولوجى» بمنطقة «أثر النبي» على كورنيش النيل بالعاصمة المصرية القاهرة، بمجرد دخولك إياه ستنتقل من عصرنا الحديث إلى العصور الزمنية المختلفة لتطور كوكب الأرض، وطبقات قشرته ونوعية الصخور التي تختبيء في باطنه، إضافة إلى ما شهده هذا التطور من ارتقاء الكائنات الحية من فقاريات واللافقاريات وثدييات، وغيرها من أكبر الكائنات الحية كالديناصور.
“ولاد البلد” رصدت المتحف التاريخي، بأقسامه الثلاثة «الفقارية، واللافقارية، والصخور والمعادن»، في ظل تجاهل إعلامي كبير له، رغم كونه الأول من نوعه في العالم العربي والشرق الأوسط، والرابع على مستوى العالم، منذ إنشائه في 1901.
وقالت الدكتورة إيناس أحمد، المشرفة الأكاديمية بالمتحف الجيولوجي المصري، أول مصرية متخصصة في الحفريات الفقارية، إن المتحف به عظامًا عملاقة للديناصور المصري «الباراليتيتين سترومورى»، الذي يطلق عليه «ديناصور المد والجزر»، ويعد أول ديناصور يتم اكتشافه في مصر من ذوات الأقدام الأربع.
وتابعت: أن ذلك الديناصور كان يعيش في بيئة «المانجروف»، التي تقع بطول الشاطئ الجنوبي لـ«محيط التيزيس» القديم، الذي يطلق عليه العلماء اسم «جد البحر المتوسط»، وكان الديناصور فريسة وغذاء لعدة أنواع أخرى من الديناصورات.
ولفتت إلى أن المتحف يضم مقتنيات أسرة محمد علي، فبعد اندلاع ثورة يوليو 1952، ومصادرة ممتلكات الأسرة الملكية، قرر القائمون على الثورة إهداء المتحف بعض المقتنيات للعرض، ومن أبرزها الأصداف المشغولة التي تبين براعة الصانع المصري في النحت على الصدف، ومن بينها «صدفة بطن قدميات» نقش عليها صورة الملك فؤاد، وصدفة أخرى نُقش عليها تابلوهات رقصات من أوبرا عايدة قدمت بمناسبة افتتاح قناة السويس، إضافة إلى أوان من النحاس مطلية بالنيكل مهداة من الملك فاروق بمناسبة اكتشاف خام النيكل لأول مرة فى الصحراء الشرقية عام 1940، وأخيرًا واحدة من 4 كهرمانات داخل كل منها حشرة محفوظة حفظًا كاملًا بكل أجزائها الرخوة ترجع إلى عصر «الأوليجوسين».
وألمحت إلى أن المتحف يضم أيضا 3 جماجم بأحجام مختلفة لحيوان يشبه نوعًا ما الخرتيت، ويدعى حيوان «الأرسينو ثيريوم»، الذي يرجع وجوده إلى 40 مليون سنة، وكل من هذه الجماجم الثلاث تمثل مراحل عمرية مختلفة لتلك الحقبة.
ونوهت بأن المتحف الجيولوجي المصري ينقسم إلى 3 أقسام، الأول قسم الحفريات اللافقارية، والثاني الحفريات الفقارية، الذي يميز مصر على مستوى العالم، أما الثالث فهو قسم الصخور والمعادن، ويحتوي على أهم العينات، منها عينة صخرة القمر وبعض النيازك العالمية والنيازك المصرية.
وأفادت انه من ضمن أشهر العناصر الموجودة في قسم الصخور والمعادن، «صخرة القمر»، وهي على شكل صخرة صغيرة محفوظة داخل كريستالة، تم إهداؤها لمصر في فترة السبعينيات، ويوضع أسفل الكريستالة علم مكون من الأحمر والأبيض والأسود، للدلالة على فترة الاتحاد بين مصر وسوريا. وتم إهداء هذه القطعة من «صخرة القمر» لمصر كرمز للسلام مع الولايات المتحدة ودول العالم.
وأضافت: «تعرضت مصر لغزوات كثيرة، وكانت الصخرة التي يطلق عليها (حجر البورفيرى) أو (حجر السماق الإمبراطوري)، من أبرز أسباب الغزوات التي تعرضت لها، بعدما استهوت عددا من الأباطرة الرومان عندما احتلوا مصر سنة ٣١ قبل الميلاد».
وتابعت: «كان محمد علي باشا عثر على الحجر سنة 1823، في جبل الدخان، ونقله عن طريق الجمال والثيران إلى القاهرة».
وذكرت أنه على الرغم من كثرة الأفلام الأجنبية التي تتحدث عن النيازك، التي على وشك أن تضرب كوكب الأرض وتسبب تدميره، إلى أن يتدخل مجموعة من الأبطال في محاولة لإنقاذ الكوكب من هذا الدمار الشامل، ومن أبرزها «أرمجادون»، بطولة الفنان العالمي بروس ويليس- إلا أنه لن يتخيل أحد أن مصر كان لها نصيب حقيقي من هذه النيازك التي سقطت عليها.
وأكدت أن أشهر هذه النيازك هو «جبل كامل»، جنوب الصحراء المصرية، الذي اكتشف منذ 5 آلاف عام، واحتلت الحفرة التي تسبب بها هذا النيزك الترتيب رقم 175 على مستوى العالم التي تتميز بصفات وخصائص مميزة للنيازك.
وأكملت: أن المتحف يضم قسم الحفريات الفقارية، الذي يميز مصر عالميا، لأنه تم رصد 13 رتبة حفرية ثدييات في مصر، من أصل 28 رتبة ثدييات على مستوى العالم، وهو ما يمكن أن نقول معه إن مصر تحتوي ثلث آثار العالم، ونصف حفرياته.
ومن أهم الحفريات الفقارية، الموجودة في هذا القسم، جمجمة «الايجيبتو بيسكاس»، الذي يمثل حلقة الوصل بين الرئيسيات الدنيا والرئيسيات العليا، ويبلغ عمرها حوالي 30 مليون سنة، ووزنها 3كيلوجرامات.
القسم الثالث في المتحف هو «الزواحف التي تبيض»، ويُعد أضخمها الديناصورات، التي تم اكتشافها في الصحراء الغربية، تلك المنطقة التي تشتهر بوجود حفريات للديناصورات، وتضم مختلف أنواع الديناصورات، طيلة تطورها البيولوجي، فبداية الديناصورات لم تكن مهولة مثلما هو متعارف عليها، وإنما بدأت بأحجام طبيعية، إلى أن تطورت لأحجامها الضخمة.
الديناصورات المصرية ليست جديدة، فالعالم «أرنست سترومو»، كان له الفضل في اكتشاف 4 أنواع من الديناصورات في الصحراء الغربية في القرن الماضي، وتولى ترحيلها إلى ألمانيا وإنشاء متحف كبير لها، ولكن تم تدمير المتحف في الحرب العالمية الثانية، وبعد هذه الفترة تمت عمليات استكشاف جديدة على الأراضي المصرية وبها تم اكتشاف الديناصور «الباراليتيتين سترومورى».
وكان تغير درجة الحرارة وعوامل أخرى السبب في اختفاء الديناصورات وانتهاء حقبتها، ومنها أيضًا تغير الغطاء النباتي، واختلاف أساليب التغذية، ووجود بعض المفترسات التي تتغذى على البيض الذي تضعه، ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير، كانت النيزك الذي اصطدم بكوكب الأرض وتسبب في تغيرات مختلفة منها اختفاء الديناصورات، وذلك بحسب المشرفة الأكاديمية بالمتحف الجيولوجي المصري، أول مصرية متخصصة في الحفريات الفقارية.
تاريخ الإنشاء
بحسب الدكتور محمد يوسف، المدير العام للمتحف الجيولوجي المصري، فأن المتحف تم إنشاؤه عام 1901 ميلادية، إبان حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، أحد أفراد الأسرة العلوية، وكان موقعه في شارع السلطان حسين بالقاهرة، إلا أن تم نقله إلى موقعه الحالي على ضفاف كورنيش النيل
أقدم متاحف أفريقيا
المشرفة الأكاديمية بالمتحف الجيولوجي المصري، أول مصرية متخصصة في الحفريات الفقارية، أول متخصصة مصرية في علم الحفريات الفقارية، أكدت أن المتحف له أهمية كبيرة جدًا خاصة أنه من أقدم المتاحف في القارة الإفريقية، وبدأ الاهتمام به منذ عام 1901؛ عندما بدأت عمليات الاستكشاف للحفريات الفقارية الموجودة بمنطقة الفيوم، ومن أبرز العلماء المصريين الذين عملوا في المتحف الجيولوجي باهر الخشاب، ومصطفى شوقي، ويسري عطية.
2 تعليقات