حيّوا أهل الشام| حملوا سيارته على الأعناق.. هكذا استقبل السوريون عبدالناصر
عندما زار الرئيس جمال عبدالناصر دمشق عام 1958 كان مئات الآلاف يقفون كالطوفان في استقباله، كانت العيون مشدوهة نحوه، والأيادي ترتفع لتحيته والحناجر تهتف للوحدة.
وسط هذا كله لم تمر إلا لحظات حتى أصبحت سيارة عبدالناصر على أكتاف السوريين، معبرين عن فرحتهم بالرئيس القادم إليهم من شطر دولة الوحدة الجنوبي، كان ذلك أصدق تعبير لشعب متعطش تجاه زعيم منتظر.
والواقع أنه لم يسبق لزعيم عربي أن حمل على الأكتاف قبل الراحل جمال عبدالناصر في دمشق، بعد أن وصل الرئيس الراحل إلى مطار المدينة الواقع في الجزء الشمالي من دولة الوحدة، عقب إعلانها بيومين في الرابع والعشرين من فبراير 1958.
تتالت زيارات عبدالناصر إلى سوريا خلال سنوات الوحدة الثلاث، حلب كانت محطته التالية، خزان سوريا الاقتصادي كانت بوابة عبدالناصر الأخرى، حين زارها ليشهد استقبالًا آخر في شوارعها التي جابها بالكثير من الهتافات التي تحيي دولة الوحدة وتحييه.
لم تنم حلب، كما تذكر صحيفة الوطن السورية القديمة “عبد الناصر يهز المدينة بزيارته فتخرج لتحية الرئيس الأول للجمهورية العربية المتحدة”.
حمص كانت أختا للمدن السورية الكبرى، عبدالناصر في مدينة ابن الوليد – نسبة للصحابي خالد ابن الوليد الذي دفن فيها- يراه السكان فاتحا لعصر عربي جديد فيحتشدون بمختلف أطيافهم الدينية والاجتماعية مستقبلين الزعيم العربي الأول في العصر الحديث، الذي فكر في الوحدة وسعى إليها، هكذا رآه السوريون في تلك الأيام.
الزعيم في بطريركية السريا الأرثوذوكس في حمص، بصحبة بطريرك أنطايكة وسائر المشرق للسريان الأرثوذوكس إغناطيوس يعقوب الثالث.
ولعل أكثر زيارات عبد الناصر العالقة في أذهان السوريين، تلك التي كانت إلى مدينة السويداء جنوب سوريا، حيث استقبل بقصيدة شعرية كان مطلعها:
أطلَّ جَمال يا شٌـمَّ الجِبالِ
فضـُميه بأنـفاسِ الـدلالِ
زعيمي مرحبًا تأتيك عفوًا
من الشَعبِ الطمُوحِ إلى المعَالي
زعيمي مرحبًا تأتيك عفوًا
من السُمر الرَواعِف و النِصالِ
فذا جَبلٌ على الأهوالِ صَلدٌ
بَنـُوه تعَشـقوا مـُرَّ النِضـالِ
فمُرنا نبتدِرها من عُمانَ
إلى وَهـرانَ دامـيةَ الجـِبالِ
في تلك المدينة أيضًا ظهرت حشود أهالي جبل العرب وقد ملأت ساحة سلطان باشا الأطرش ومداخلها وشوارعها بالكامل إلى جانب أسطح المنازل المجاورة التي امتلأت بالنساء والصبايا بلباسهنَّ التقليدي، وقد حمل أهالي القرى بيارق تلك القرى التي قاتلوا أيام الثورة وهم يحملونها.
كان هذا الجمع النادر الوجود الذي يضم آلاف مؤلفة كلها تنظر إلى شرفة السرايا تنتظر منه كلمة بعد أن أُلقيت أبيات من مطلع القصيدة التي ذكرناها، إلاَّ أنَّ الرئيس الذي تحمل عناء السفر واستقبال الأهالي عبر طريقًا طويلة تمتد من دمشق إلى قرى حوران، حتى وصل إلى قرى الجبل، حيث توقف ركبه في أرض المزرعة، التي جرت فيها عام 1925 معركة تاريخية نادرة انتصر فيها الثوار السوريون على جيوش فرنسا أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا.
وكان لعبدالناصر جولات كثيرة، فالزعيم الرحال زار مدنا أخرى كدير الزور وحماة واللاذقية والحسكة والقامشلي، فكان له خلال ثلاث سنوات من الوحدة، وقفة على بقعة من أرض سوريا.
اقرأ أيضا
- مقولة اليوم| حيوا أهل الشام
- حيوا أهل الشام| الوحدة المصرية- السورية.. سنوات التلاحم والانفصال
- حيوا أهل الشام| “السكاكيني”.. “المقاول” صديق الباب العالي
- حيوا أهل الشام| “روز اليوسف”.. الفنانة “صاحبة الجلالة
- حيّوا أهل الشام| كيف ساهم الشوام في نشأة المسرح المصري؟
10 تعليقات