حكايات وأساطير «بيرجنت النساج».. على مسرح ثقافة الفيوم
على مسرح صلاح حامد بقصر ثقافة الفيوم، قدمت الفرقة القومية للفنون المسرحية بالفيوم، فعاليات العرض المسرحي «بيرجنت النساج»، من تأليف هنريك إبسن وجيرهارت هوبتمان. العرض من صياغة عادل بركات وأحمد الدسوقي، أشعار محمود عبدالمعطي، ألحان نبيل جرجس، استعراضات عصام ترك، والمخرج المنفذ حسين محمود، سينوغرافيا وإخراج الفنان عادل بركات.
بيرجنت النساج
يدمج المؤلف في العرض المسرحي بين نصين شهيرين من الأدب العالمي هما “بيرجنت” للكاتب هنريك إبسن و”النساجون” للكاتب جيرهارت هوبتمان، وعن العرض يقول المخرج عادل بركات: “العرض عبارة عن رحلة الإنسان ما بين الظلمة والنور في محاولة لإيجاد وتحقيق ذاته، والإجابة على السؤال الفلسفي الوجودي من أنا ومن أكون”.
ويشير بركات إلى أن العرض يتناول كيف للمرء أن يحقق ذاته وأن يكون مؤثرًا سواء في حياته وحياة الآخرين، ومن خلاله يتم طرح العديد من الأسئلة هل تحقيق الذات يكون في السلطة أو المال والثورة أو الشهوات أو الحب والزواج أم جميع ما سبق معًا، أم في أن يجد نفسه، ونكتشف من خلال العرض أنه للحصول على الذات يجب أن يقتل المرء أسوأ ما في نفسه وإبراز أفضل ما فيها، وأن يكون المرء فاعلًا ومحبًا من خلال النور الداخلي، كما أن العرض يحاول إرسال رسالة وهي أن الحلم مسموح، ولكن لابد أن يكون حلم يقف على أرض الواقع، وأن الفعل الجميل والأثر الطيب هو ما يتركه الشخص.
وتابع: كنت أتعامل مع التجربة على المستوى الفني من خلال أفكار وروح بيرجنت، انطلاقًا من الواقع من خلال عالم النسيج، وعبر الخيوط والأقمشة الملونة التي يمكن عن طريقها نسج الأفكار والأحلام، وكيفية السفر ما بين عالم النسيج والخيوط وهو العالم الحقيقي المادي والواقعي إلى عالم الأحلام والخيال والأفكار، لذا فقد دخلت من عالم الواقع لعالم الخيال، وتمتلئ تلك العوالم بالعديد من الشخصيات اكتمل تحققها واكتمل تواجدها بجانب الممثلين، بالطبع استخدام عناصر أخري لتوضيح العالم الفانتازي أو عالم الخيال، حيث استخدمنا العرائس والماسكات والأقنعة، ولعب الديكور دورا هاما لكنه لا يكتمل سوى بوجود العناصر والمفردات الأخرى من أزياء وإضاءة وموسيقى وأشعار، فقد حاولت توصيل فكرة العرض بشكل متكامل، فحياتنا وأفكارنا ما هي إلا خيوط، تبدأ بنقطة ثم تمتد فهي رحلة من الميلاد إلى الموت، حيث إن خط الحياة يشبه خط النسيج.
ويقول مخرج العرض: سعدت كثيرًا بالتعاون مع فرقة الفيوم القومية للمسرح، فهي فرقة لها تاريخ حافل، وتضم العديد من الفنانين والمبدعين الكبار، وكان اهتمامي بجانب تقديم تلك التجربة المسرحية الهامة، هو أن يكون هناك نوع من التدريب للأجيال الجديدة من الفنانين، وقد سعدت جدا بانضمام مجموعة من الشباب الجدد للفرقة القومية ليكونوا امتدادًا لتلك الفرقة العريقة.
صعوبة الدور
البطولة النسائية للعرض كانت من نصيب الفنانة جيهان عبدالمولي، التي تقول عن دورها في العرض: “أقدم في العرض شخصيتين، حيث أمثل دور الأم “الملكة آس” ودور الحبيبة الفتاة الطيبة والجميلة “سولفيج”، وبالطبع كان هناك نوعا من التحدي والصعوبة لم أمر بها من قبل، فأنا أمثل شخصيتين متباعدتين في نفس العرض المسرحي، كون العمر الزمني بينهما كبير، فالأم كبيرة في العمر، والفتاة شابة، إضافة إلى الاختلاف الكبير في الشكل والتكوين ما بين السيدة العجوز بيديها المرتعشة واعتمادها على العكاز، وبين الفتاة الشابة الرقيقة والناعمة رشيقة الحركة، وقد كنت سعيدة لأداء الشخصيتين، وذلك لأن تمثيل عدة شخصيات داخل العمل الواحد يساعد في إبراز إمكانيات الممثل وطاقاته الفنية والتمثيلية، كما كان التحدي في تفاعل الجمهور مع العرض الذي يعتمد على اللغة العربية الفصحى.
رحلة الإنسان
أما الفنان محمود عبدالمعطي، رئيس قسم المسرح بفرع ثقافة الفيوم، يتحدث عن دوره في العرض المسرحي “برجنت النساج”، فيقول: بالنسبة لي يعتبر الدور جديدًا، ليس لأنه رحلة بطل أو شخصية أو أديب أو غيرها، لكنها رحلة الإنسان، فشخصية برجنت إنسان مختلف نشأ صغيرًا في أحضان والدته التي ربته بعد وفاة والده، وكانت تحكي له الحكايات المليئة بالخيال والشخصيات الخارقة للطبيعة والجن والعفاريت والملوك والأميرات والجبال والوديان والحيوانات الناطقة والغزلان الطائرة وغيرها من الحكايات والأساطير، التي انغمس فيها برجنت بكل حواسه، حيث كان يعيش في عالم الخيال والأحلام أكثر من عالمه الحقيقي، وكانت تلك هي حياة بيرجنت حتى حدث التحول بعد أن صدمه موت والدته، فقرر أن ينتقل برجنت الحالم إلى حياة الواقع مع إصراره على الحصول على الثروة، بل وصل به الأمر أنه كان يسعى لكي يكون إمبراطور العالم، وبالرغم من حصوله على كل ما تمنى عبر رحلة كبيرة، إلا أنه اكتشف أنه لم يحقق ذاته، وهنا كانت الفكرة الأساسية التي يحاول العرض توصيلها للمشاهدين هي”أنه من المهم تحقيق الذات سواء في الحلم أو على أرض الواقع”.
وتابع: الدور إضافة كبيرة لمشواري الفني طيلة السنوات الماضية، فهو مختلف تمامًا عن أدواري السابقة والتي كان آخرها دور “المفتي” رجل الدين المتطلع للسلطة في العرض المسرحي “طقوس الإشارات والتحولات” الذي حصل على أربع جوائز بالمهرجان القومي للمسرح في دورته قبل الماضية، وقد حصلت على الجائزة التشجيعية للمهرجان، وكان التحدي الأكبر لي أن الدور يمثل شاب عشريني وأنا عمري الحقيقي 48 عاما، وكان علي أن أقدم هذه الشخصية بصورة مقنعة، بكل ما بها من حب للحياة والشباب، وهو ما جعلني أبذل مجهودًا بدنيًا كبيرًا كي أقنع الجمهور بشخصية برجنت.
يضيف عبدالمعطي، أتمنى أن يتم اختيار العرض للمشاركة في الدورة القادمة لمهرجان المسرح التجريبي، وهو ما نسعى إليه، وأن تحصد الفرقة القومية للفنون المسرحية بالفيوم العديد من جوائز المهرجان.
تعليق واحد