حارس معبد أبوسمبل: أنا حفيد رمسيس الثاني
تحدث ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني بمعبد أبوسمبل مرتين في العام، في 22 فبراير و22 أكتوبر، أحد ألغاز الحضارة المصرية القديمة الذي لم يتكشف بعد. حسن بصري، أحد حراس معبد أبي سمبل، تابع الظاهرة بحكم عمله لأكثر من أربعة عشر عاما..«باب مصر» يحاوره.
12 لغة بالفطرة
حسن سليمان حسن الشهير بـ”حسن بصري”، صاحب الـ39 عاما، رغم عدم استكماله التعليم واكتفائه بالحصول على الشهادة الإعدادية فقط، إلا أنه يجيد التحدث بـ12 لغة (الإنجليزية – الإسبانية – الفرنسية – الإيطالية – الصينية – الروسية – البولندية –الألمانية – البلجيكي) وغيرها..
ويروي حسن لـ«باب مصر» رحلته في حراسة تراث الأجداد، فيقول: البداية ترجع إلى رحلة طويلة بدأها الأب في ثمانينات القرن الماضي عندما انتقل ضمن (أهل النوبة المهجرين) من معبد أبوسمبل فترة الفيضان، وانتقل إلى منطقة “نصر النوبة” في كوم أمبو، وعمل الأب هناك في مستشفى أبوسمبل السياحية، وفي عام 1997 انتقل إلى أسوان، واستقر بها، ونشأ حسن على حب الآثار فبدأ العمل في مجال السياحة رافضا استكمال تعليمه “الخبرة الحياتية عندي أهم”، وعمل في أكثر من بازار سياحي.
وفي عام 2006 عمل بإحدى المشاريع في القاهرة، وعرف حينها عن إتاحة فرصتين للعمل، إما حارس في وزارة الآثار أو وظيفة أخرى تابعة لوزارة الري، تقدم بأوراقه في الوظيفتين وبالفعل تم قبوله في كليهما، ولكنه فضل الالتحاق بوزارة الآثار: “خبرتي في السياحة طويلة وأنا بحب آثار بلادي لو أقضي عمري كله فيها”. على المستوى الشخصي يعيش حياة كالرهبان، بدون زواج “من يعمل في حماية تراثه لا يستطيع الاستقلال بحياته الشخصية”.
حارس معبد أبوسمبل
في العام الأول في حراسة الآثار، تعلم “حسن” أكبر قدر ممكن من الحراس القدامى، ومنهم “عم كمال أبويا التاني”، والمدير أحمد صالح، الذي حرص على تعليمه شرح الرموز على جدران المعبد، تمهيدا لليومين الأكثر إقبالا من الجماهير لرصد ومتابعة ظاهرة تعامد أشعة الشمس على معبدي أبوسمبل، خاصة أنه تم تعيينه في الأول من أكتوبر قبل حدوث الظاهرة بأيام، “خلال 20 يوم عرفت الشغل إزاي وحبيت المكان”.
يقول بصري عن يومي التعامد: يتم الاستعداد ليوم 22 أكتوبر و 22 فبراير بوقت كافي بعدة أيام من تجهيزات بالمكان لإعداد مسبق خلال الساعات الأخيرة، موضحا أنه وزملائه (12 حارسا) يحرصون على التواجد بالمعبد قبل الظاهرة بيوم كامل، “كلنا نبات هناك”، وفي الرابعة فجرا يتم فتح الأبواب لدخول الزوار، وعادة ما يكون أول فوج ياباني، “محترمين المواعيد وأول ناس بيجوا من بدري”.
إلغاء الاحتفال
تم إلغاء الاحتفالات الرسمية هذا العام بمعبدي أبوسمبل، إلا أن حسن وزملائه الحراس أقاموا بالمعبد منذ أمس، ويقول لـ«باب مصر»: إنه تم فتح المعابد في الموعد السنوي نفسه (الرابعة فجرا) تحسبا لاستقبال زوار أجانب أو مصريين رغم إلغاء الاحتفال الرسمي المعتاد بقرار من وزارة الآثار ومحافظ أسوان اللواء أشرف عطية.
ساعات الترتيبات تتلخص في دقائق معدودة وهي لحظة تعامد أشعة الشمس على المعبد، وعادة بعد فتح الأبواب يدخل الصالة الثانية عدد قليل من الزوار معظمهم يجلب معه وسائد مريحة للجلوس، أما باقي الزوار يصطفون في طابور طويل بدءا من الساعة الرابعة ويكون لكل شخص فيهم الحق في مشاهدة الظاهرة عن قرب لمدة لا تزيد عن 3 ثواني، على مدار الـ25 دقيقة مدة حدوث الظاهرة، أما الثلاث دقائق الأخيرة يتخلى فيهم الزوار عن الانتظام ويبدأوا في التفرق بشكل عشوائي لالتقاط الصور.
مفتاح الحياة
وخارج المعبد يوجد شاشات عرض كبيرة تقل عليها الظاهرة بطريقة البث المباشر للجماهير الكبيرة الموجودة بالخارج ومنهم كبار الزوار أو الوزراء، ورغم المسؤولية التي تقع على عاتق حسن وزملائه الحراس، إلا أنهم يتبعون قاعدة واحدة: “خليك بشوش عشان الزائر يجي مرة واتنين ويحب المكان”.
للمعبد عدة مفاتيح أبرزها مفتاح الصالة الكبيرة الملقب بـ«مفتاح الحياة» وعادة ما يحب الزوار التصوير مع حسن حاملا المفتاح، ويقول أن هذا المفتاح غير أثري ولكن تم تصميمه منذ نقل المعابد ومنذ هذا الوقت يطلب الزوار التقاط الصور معه للذكرى، ومنها صورة شهيرة التقطها حسن مع طالبة ضمن فوج من جامعة عين شمس، ويقول: “الصورة دي هي عملت نفرتاري وأنا عملت دور رمسيس بيقدم الولاء والطاعة”.