جلسة سرية تقلب موازين قضية «مهربي الآثار المصرية» بفرنسا
خضع أبرز متهمين في قضية شراء آثار مصرية مسروقة في متحف اللوفر الفرنسي، لاستكمال التحقيق الذي تضمن جلسة استماع سرية، عُقدت قبل أيام في محكمة استئناف باريس وكانت سببا في مستجدات مثيرة عن مصيرهما.
وكان أبرزها، أنه سيتم النظر في طلبات إلغاء لائحة اتهام جان لوك مارتينيز وجان فرانسوا شارنييه وروبن ديب. حيث يشتبه الثلاثة بالتواطؤ في عمليات احتيال طالت متحف “لوفر أبوظبي” الإماراتي.
رفع الاتهام عن مدير اللوفر ومساعده
في البداية طلب المحامي العام رفع لائحة الاتهام عن المتهمين. وهما جان لوك مارتينيز الرئيس السابق لمتحف اللوفر الفرنسي، وجان فرانسوا شارنييه المدير العلمي السابق لوكالة المتاحف الفرنسية.
والغريب أنه بعد التهم العديدة الموجهة لهما والتي أثرت على مناصبهما العلمية. إلا أنه من الممكن أن تنقلب موازين القضية وينقلب الوضع لصالحهما. وكان من تأثير التهم الموجهة لهما إقالة شارنييه من منصبه كمدير علمي لوكالة المتاحف الفرنسية للاشتباه في الاشتراك في شراء 7 قطع آثار مصرية مسروقة بقيمة 50 مليون يورو.
ووفقا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، يرجع الفضل في هذا التغيير المفاجئ إلى محاميهما وهما “فرانسوا أرتوبيل” و”كورين هيرشكوفيتش”. اللذان قدما حججا تؤكد عدم وجود أدلة جادة لاتهامهما. بل وطلب المدعي العام شفويا إلغاء اسميهما من لائحة الاتهام. ومن المتوقع أن يتم إعلان الحكم بشأنهما رسميا في 3 فبراير 2023.
جلسة استماع سرية
وعن كواليس جلسة الاستماع السرية، استطاعت صحيفة “لوموند” نشر تفاصيل منها. حيث بدأ كل من جان لوك وجان فرانسوا في تقديم الوثائق القديمة التي تحفظت عليها الشرطة الفرنسية وتم حفظها في المكتب المركزي.
ويتضح الكثير من المفارقات بين ما قدماه من أوراق وما فسره الخبراء خلال الشهور الماضية. حيث تختلف صورة المحاضر الرسمية عن تصريحات الخبراء والمحققون. وهو ما دفع مكتب مكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية. (OCBC) للمطالبة بإبطال لائحة الاتهام.
ومن بين الأوراق التي تم تقديمها، رسالة بريد إلكتروني بتاريخ 16 فبراير 2015. حذر فيها جان فرانسوا شارنييه، فريقه من شكوكه بشأن شيئين متهمين الآن، تمثال “فرس النهر” المصنوع من الخزف الأزرق، والذي يخشى عدم وجود مصدر لوثائق امتلاكه الرسمية، وتمثال آخر منحوت من البرونز من إيزيس لاكتانز.
وتستكمل الرسالة أنه طلب رؤية تقرير رسمي لرأي متحف اللوفر. بل وأرسل مذكرة في 11 أكتوبر 2016، إلى رؤسائه لحثهم على الاتصال بالسلطات المصرية قبل شراء شاهد “توت عنخ آمون” الجرانيتي المُشتبه فيه أنه مُهربا.
مدير اللوفر يحاول تبرئة نفسه
أما جان لوك، دافع عن نفسه قائلا إنه لم يسمع عن الشكوك التي عبر عنها عالم المصريات “مارك جابولد” عن شاهد توت عنخ آمون حتى عام 2019. أي بعد 3 سنوات من شرائه. لذلك لم يستطع ذكر هذه التحفظات خلال لجنة شراء القطعة عام 2016 أما التدقق منها لم يكن جزءا من دوره كما أوضح.
وبهذا قد يؤدي الحكم المتوقع العام المقبل، إلى إلغاء التحقيق ضدهما في قضية تورط متحف اللوفر أبوظبي ومتحف متروبوليتان. ليتخذ التحقيق الفرنسي مسارا في حلقة أبعد من المتوقع عن تهريب الآثار المصرية. بعد طلب من المدعي العام من محكمة الاستئناف لإسقاط جميع التهم الموجهة إلى رئيس متحف اللوفر السابق جان لوك مارتينيز وأمين المتحف جان فرانسوا تشارنييه.
وهذا الطلب الغريب يتعارض مع نصيحة القضاة الذين قادوا التحقيق الجنائي. إذ أشار المدعي العام إلى عدم وجود دليل يدعم التهم الموجهة إليهما. بالإضافة إلى أن الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها ضد مارتينيز تسببت في تأخيره عن تقديم ما يثبت دحضها.
قرارات غير متوقعة
ووفقا لمجلة “ذي آرت نيوز بيبر”، إذا وافقت الغرفة على الطلب. سيصبح جان فرانسوا شارنييه شاهدًا مساعدًا في القضية ويمكن استبعاد جان لوك مارتينيز تمامًا من القضية بالكامل، على الرغم من أن القاضي الذي يقود التحقيق لا يزال بإمكانه إعادة النظر في دوره.
وتأتي هذه التغييرات بعدما تم تعيين قاضية جديدة، وهي السيدة صوفي أليكسيتش، لإصدار حكما في القضية. وفي كلتا الحالتين، تلقي هذه المستجدات الضوء على الاتجاه الجديد الذي اتخذه التحقيق خاصة بعدما حظي كلا الرجلين اهتمامًا إعلاميًا واسعًا بعد تسريبات للصحافة. وتم على إثرها فصل تشارنييه من منصبه كمستشار تطوير متحف لمشروع التراث الثقافي الفرنسي السعودي في محافظة العلا السعودية.
لكن في الوقت نفسه طلب المدعي العام استمرار توجيه تهم تهريب العصابات إلى روبن ديب، مدير معرض سيروب سيمونيان في هامبورج، المحتجز في باريس منذ مارس الماضي.
الآثار المُهربة بين الإهمال والخداع
ولا تزال مذكرة توقيف سيروب سيمونيان المصدر الرئيسي للآثار المصرية المباعة لمتحف متروبوليتان ومتحف اللوفر أبوظبي بأكثر من 55 مليون يورو، معلقة في ألمانيا. وخلال ذلك، سيتم تسليم تقرير حول طرق تحسين إجراءات اقتناء المتاحف إلى وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبدالملك، قبل مغادرتها إلى أبوظبي للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة للمتحف الإماراتي في 11 نوفمبر.
يأتي هذا التراجع بشأن “جاك وجاك” بعدما شهدت لائحة الاتهام، في مايو الماضي، ضد الرئيس السابق لمتحف اللوفر جان لوك مارتينيز، في قضية القطع المصرية السبعة ذات الأصل غير المشروع التي اشتراها متحف اللوفر أبوظبي، تطورا جديدا. باعتقال جان فرانسوا شارنييه، ذراعه اليمنى في وكالة المتاحف الفرنسية وأمين متحف اللوفر الآن.
ولرسم الخط الفاصل بين الإهمال والخداع. أصدرت وزارة الثقافة، بالتوازي مع التحقيق القضائي، تقريرًا عن إجراءات شراء اللوفر للآثار من الباطن. وكان من المتوقع صدور استنتاجات ماري كريستين لابورديت وأرنود أوسيريدكزوك وكريستيان جياكوموتو قبل شهرين.
وكان قد كشف التحقيق الذي أجراه المكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية، والذي تمكنت لوموند من استشارته، عن عيوب خطيرة في شروط الاستحواذ على متحف اللوفر أبوظبي، الذي تعتبر إجراءاته أقل صرامة من إجراءات المتاحف الفرنسية.
أحكام سابقة
من الأحكام التي صدرت سابقا وتتعلق بالقضية، الحكم الصادر بحق أدريان برتيلو، الموظف السابق في وكالة المتاحف الفرنسية. وصدر الحكم أمام الشرطة خلال جلسة الاستماع في 22 نوفمبر 2021.
وعن اتهام شارنييه بصفته المدير العلمي لوكالة المتاحف الفرنسية، شغل منذ عام 2013 إلى 2018، أحد الأدوار الأولى في اختيار الأعمال لمتحف اللوفر أبوظبي. وبسبب خبرته وثقة تسلسله الهرمي. كان من مسؤوليته التحقق من تكوين الملف والتوقيع عليه، وهذه الوثيقة تثبت صحة أصل العمل وصحته.
ودعما لعمله، كان من المفترض أن يقوم أمين فرنسي متخصص بإلقاء الضوء على القطعة والوثائق التي تتعلق بشرائها. ومع ذلك، من الناحية العملية لم يحدث ذلك بحسب ما قال ماتيو ثينوز خلال تحقيق الشرطة معه. وقال: “الصفقة تمت بسرعة”.
اقرأ أيضا
تفاصيل القبض على مستشارين باعا آثار مصرية مسروقة للوفر أبوظبي