«جراج» على النيل واقتلاع الأشجار.. ماذا يحدث في حي الزمالك؟
فوجيء سكان حي الزمالك باستمرار الأعمال الإنشائية على ضفاف النيل ومد جانبه بالرمال والحصى، صباح أمس، واقتلاع كل الأشجار التي تشمل أنواعا نادرة ضمن مشروع تطوير المنطقة. إذ كشف سكان الحي، استمرار أعمال الهدم أمام شارع سراي الجزيرة، أمام مخرج “نايل ماكسيم” الذي يعد من المداخل الرئيسية للزمالك، استمرارا لمشروع بناء ممشى أعلى جراج للسيارات.
استغاثة سكان الزمالك
استغاث حامد محمود، من ساكني حي الزمالك، من عملية التطوير واقتلاع الأشجار وقال: “تبين لنا إقامة جراج على مستوى النيل من باخرة إمبريال بطول 300 متر تقريبا”.
ولتنفيذ المشروع سيتم إزالة الأشجار والحديثة المطلة على ضفاف النيل. ويتابع في استغاثته: “الجراج يتم بناءه في شارع سراي الجزيرة وهو من المداخل الرئيسية للزمالك وسيؤدي وجود جراج فى هذه المنطقة إلى زيادة الزحام والتكدس المروري لضيق الشارع. وأيضا كونه منطقة سكنية”.
اقرأ أيضا| إنذار بهدم مقبرة يحيى حقي في ذكرى رحيله الثلاثين
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها بناء الجراج بالمنطقة نفسها الجدل. ويوضح: “ردم النيل وبدء أعمال الهدم واقتلاع الأشجار يعني أن شركة المقاولات مستمرة في تنفيذ الجراج. وكأن احتجاج سكان الزمالك السابق ليس له قيمة”.
مطالب سكان الزمالك
الأزمة الكبرى تتمثل في المخاوف البيئية والمرورية بجزيرة حي الزمالك. خاصة أن عرض الشارع 15 متر فقط. وعادة ما يشهد زحام مروري بسبب السيارات لأن شارع سراي الجزيرة يعد من المداخل الرئيسية لجزيرة الزمالك.
وطالب سكان حي الزمالك بإلغاء تنفيذ الجراجات ضمن مشروع ممشى أهل مصر وتقديم دراسة بيئية ومررية وفتح حوار مجتمعي مع سكان الزمالك.
وكشف حامد محمود، مؤسس مبادرة “الزمالك تنتفض” كواليس الأزمة. ويقول لـ”باب مصر”: “بعدما بدأت الأعمال الإنشائية أمس تواصلنا مع الشركة المنفذة لمشروع ممشى أهل مصر واكتشفنا أنهم سيشيدوا جراج على مستوى النيل”.
ويتابع أن الأعمال مستمرة منذ فترة على ضفاف النيل عبر نزع الأشجار وتسوية الأرض نفسها. لكن بداية الأزمة نفسها ترجع قبل عامين، وكشف الكواليس لـ“باب مصر”.
عامين من الجدل
ويقول بداية الأزمة يرجع إلى قبل عامين. إذ تفاجأ سكان حي الزمالك بمشروع أهل مصر وكان بهدف ممارسة سكان حي الزمالك الرياضة.
ويستكمل: “تواصلنا مع منفذي المشروع من خلال جمعية خدمات الزمالك وسكان الزمالك، والدكتور أشرف حاتم ممثل البرلمان. ومن بداية ظهور فكرة الممشى ولدى السكان مخاوف وسجلنا اعتراضنا لضرورة مراعاة الحي السكني والكتلة السكنية”.
وبالمقارنة بين فكرة الممشى في الزمالك والممشى الآخر من جهة ماسبيرو. تتسم الشوارع هناك باتساع نسبيا فضلا عن تصنيف الحي تجاريا مما يجعله قادرا على استيعاب الكثافة المرورية.
وسجل سكان الزمالك اعتراضهم نظرا لأن الحي سكني ذو طابع تاريخي وتراثية. فضلا عن تأثر البيئة باقتلاع الأشجار وردم ضفاف النيل في ظل وجود قوانين البيئة والدستور يحمي السكان ويكفل لهم حياة هادئة.
وبعد اعتراض سكان الزمالك لهذه الأسباب، وأن البنية التحتية للجزيرة لا تستوعب أعمال إنشائية على ضفافها. وكذلك وجود أكثر من 150 مقهى ومطعم في الجزيرة مما يشكل صعوبة في استيعاب أماكن ترفيهية جديدة.
اقرأ أيضا| مستندات| بقرار مزور.. هل يملك ورثة «بيت مدكور» حق هدم تاريخ مصر العثماني؟
وتابع: “في ذلك الوقت قال المسؤولين لنا أن الهدف الأساسي من المشروع هو الرياضة وركوب العجل وأكدوا عدم وجود محلات تجارية”.
انقذوا جزيرة الأمراء والملوك
في يوليو 2021، تجددت الأزمة ببدء أعمال الإنشاء، وبعد حوار مجتمعي بين الشركة المُنفذة للمشروع والسكان بحضور جمعية الزمالك ونواب البرلمان عن الحي د. سحر عطية ود.شرف حاتم تغير الموقف. عرضت الشركة المنفذة حينها مقطع فيديو سداسي الأبعاد وكان واضحا وجود الحدائق في شارع سراي الجزيرة وأكشاك بسيطة. وتضمن وجود جراج بارتفاع الشارع.
وبدأ التنفيذ في أكتوبر الماضي عبر تحطيم سور الرصيف، وكسر المداخل والمنحدر. ولاحظ السكان منذ شهر وجود سور معدني يتم بناءه لسد الرصيف العلوي لشارع سراي الجزيرة وبناء جراج بارتفاع النيل وليس الرصيف.
جراج للمطاعم العائمة
بعد تجمع سكاني تم إزالة السور المعدني من قبل الشركة المنفذة للمشروع، قبل شهر. وذلك بمساعدة د. أشرف حاتم ود. نيفين الطاهري ود. سحر عطية. بجانب احتجاجات الأهالي في حي الزمالك. دشنوا حملة إلكترونية تحمل عدة وسوم من بينها، #لا_لجراج_سرايا_الجزيرة و#لا_لتدمير_النيل و#لا_لقتل_الاشجار.
وقالوا في بيان: “لا يجوز اقتحام الحي السكني وتغييره بدون حوار مع السكان وأخذ موافقتهم أو رفضهم”.
وصرح صاحب مبادرة “الزمالك تنتفض” أن سكان الحي علموا أن الجراج يتم تدشينه لزوار المطاعم العائمة مع ضم مطعم عائم خلال الفترة المقبلة في منتصف الباخرتين. ويقول لـ“باب مصر”: “الممشى أساسه المنفعة العامة لخدمة الناس كلها لكن حاليا أصبح بغرض تجاري لزوار المطاعم العائمة الجديدة”.
ثروة عقارية
ناشد الاستشاري الهندسي شريف عبدالباقي، بمراجعة الأمر بالقواعد الهندسية والبيئية البسية الأولي.، وقال إن هذا العمل مناف تماما لأي تخطيط عمراني أو بيئ لعمل ممر تجاري في النيل في منطقة سكنية.
ووصف المشروع بأنه يؤثر على الثروة العقارية في حي الزمالك. ورغم أنها ملك قطاع خاص لكنها من المناطق القليلة في مصر التي يرغب الأجانب في التملك بها.
ويقول الاستشاري الهندسي: “أرجو من السادة المسؤولين الذين يعكفون على عمل جراج و ممر مشاة في النيل في الزمالك مراجعة المشروع. لأنها تتسم بتميز موقعها وهدوئها النسبى”.
زراعة 100 مليون شجرة
يأتي هذا الجدل في أعقاب استضافة مصر لقمة المناخ في شرم الشيخ (cop27) والدعوة إلى زراعة 100 مليون شجرة. ويعد اقتلاع الأشجار وتلويث النيل جريمة يُعاقب عليها القانون في مصر. بحسب قانون البناء رقم 119 لعام 2008. وقانون البيئة رقم 4 لعام 1994، والذي ينص على:
مادة لحماية البيئة:
المحافظة علي مكونات البيئة و الارتقاء بها. ومنع تدهورها أو تلوثها أو الإقلال من حدة التلوث وتشمل هذه المكونات الهواء والبحار والمياه الداخلية متضمنة نهر النيل والبحيرات والمياه الجوفية والأراضى. والمحميات الطبيعية والموارد الطبيعية الأخرى.
التلوث المائي:
إدخال أية مواد أو طاقة في البيئة المائية بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ينتج عنه ضرر بالموارد الحية أو غير الحية. أو يهدد صحة الانسان أو يعوق الأنشطة المائية. بما في ذلك صيد الأسماك و الأنشطة السياحية أو يفسد صلاحية مياه البحر للاستعمال أو ينقص من التمتع بها أو يغير من خواصها.
ويعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد علي عشرين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد 2و3 فقرة أخيرة. و4 و5 و7 من القانون رقم 48 لسنة 1982 في شأن حماية نهر النيل. والمجاري المائية من التلوث والقرارات المنفذة له.