تفاصيل قضية تورط ألماني في اقتناء آثار مسروقة من مصر بعد 2011
انتبهت الشرطة الألمانية إلى اقتناء رجل أعمال ألماني شهير 3 قطع آثار مصرية مُشتبه في أصولها، لينشأ بعدها نزاع أمام القضاء الألماني بشأن مصير القطع الثلاثة المصرية القديمة، استمر على مدار عدة أعوام حتى النطق بالحكم قبل أيام.
جامع آثار ألماني أمام القضاء
عقدت الجلسة النهائية الصادرة بالحكم في ديسمبر الماضي، بعد نزاع استمر أمام محكمة دوسلدورف الإدارية بين رجل الأعمال “ديرك جيموندن” المتخصص في العقارات من مدينة “راينلاند بالاتينات” وولاية شمال الراين وستفاليا. إذ تتعلق القضية بمصادرة 3 قطع آثار مصرية قديمة تقدر عمرها بآلاف الأعوام، وهي عبارة عن تابوت، ودبابيس زينة، ولوحة جنائزية.
وترجع بداية الأزمة حين اشترى ديرك جيموندن (صاحب الـ80 عامًا) هذه القطع الأثرية التي يبلغ عمرها ثلاثة آلاف عام عبر الإنترنت من دار مزادات أمريكية في عام 2020. لم يتوقع أنه سينتهي به الأمر في المحكمة. تمت مصادرة الأعمال الثلاثة عند استيرادها إلى ألمانيا من قبل وزارة الثقافة والعلوم في شمال الراين وستفاليا.
قانون الحماية الثقافية
وأرجع الخبراء السبب في احتجازها إلى دخولها ما يسمى بقانون الحماية الثقافية حيز التنفيذ في عام 2016. الذي يهدف إلى حماية الأصول الثقافية التي لها أهمية خاصة في ألمانيا بسبب أهميتها البارزة للهوية الثقافية.
ويُزعم أن القطع الأثرية الثلاث سُرقت بشكل غير قانوني من مقابرهم. ثم أُخرجت من مصر بشكل غير قانوني، وتعد ألمانيا واحدة من البلاد التي تدعم قضايا استعادة الآثار المسروقة.
وبحسب وكالة الأنباء الألمانية DPA: “من المحتمل أن قطعتين منهم خرجوا من مصر بعد الثورة المصرية في عام 2011. حين تم نهب المقابر بشكل منهجي. في ذلك الوقت، لم يكن جزء من التراث الثقافي محميًا. وقد انسحبت الأجهزة الأمنية، والنتيجة سرقة آلاف القطع الأثرية وانتهى بها الأمر في السوق”.
مسار 3 قطع آثار مصرية
القطع الأثرية الثلاث محل الجدل، هم قناعا مصريا قدّر الخبراء عمره بأنه يتجاوز 2000 عام. والقطعة الثانية هي بروش يعود لحوالي 3500 عام وتمت إزالتهما من مجموعته في عام 2020.
وعن القطعة الثالثة هي قناع تابوت عمرها 2500 عام، نجا بها جيموندن من الأحكام القضائية بعد نجاحه في إثبات أنها لا تخضع لقانون الحماية الثقافية. وعن كيفية حصوله على هذه القطع، قال إنه في ربيع عام 2020، اشترى ثلاث قطع أثرية في مزاد بالولايات المتحدة الأمريكية.
كواليس القضية
أما عن كواليس القضية، كانت قد قررت محكمة «دوسلدورف» الإدارية في مطلع ديسمبر الماضي، مصادرة وزارة الثقافة في الولاية قناع تابوت مصري قديم. وبروش زينة مصري قديم عندما تم استيرادهما إلى ألمانيا. وحكم القضاة بأنه من المحتمل أن تكون القطعتين الأثريتين، تم اكتشافهما في مصر أثناء عمليات التنقيب غير الشرعية. ثم تم إخراجهما بشكل غير قانوني من مصر.
ويصف تقرير القضاء، هذا القناع بأنه “بلا شك أحد الأصول الثقافية الوطنية لمصر ويندرج تحت قانون الحماية الثقافية”. وبحسب التقرير، فإن القناع تم صنعه في منطقة هي جزء من الأراضي المصرية اليوم. وهذه المنطقة التي تم اكتشاف القناع بها، جرت فيها حفريات عديدة بين عامي 2011 و2017. والغريب أن هذا القناع لم يظهر قبل عام 2017. ويرجح القضاة أنه من المحتمل أن يكون من حفريات مسروقة، خاصة أنه تم بيعه لأول مرة في مزاد علني في باريس عام 2017.
عودة آثار مسروقة لمصر
خسر جامع الأعمال الفنية الألماني “ديرك جيموندي” المعركة القضائية بشأن قناع قديم سُرق من مصر. ورفضت محكمة ألمانية حجته وأبقت على قرار سابق بشأن هذه القضية.
وكان قد قدم جيموندي، البالغ من العمر 80 عامًا، شكوى إلى إدارة شمال الراين-وستفاليا بعد أن صادرت السلطات الألمانية القناع والبروش. ومع ذلك، قضت المحكمة الإدارية في دوسلدورف بأن وزارة الثقافة في شمال الراين-وستفاليا كانت على حق في أخذ هاتين القطعتين.
وبعد هذا الحكم رفع “ديرك جيموندن” دعوى قضائية، وساعدته زوجته نظرا لبلوغه عامه الثمانين. وهي أيضا شريكته في تأسيس متحفه الشخصي “أوبنتراوت 3” حيث سيتم عرض هذه القطع. وعلى مدار عامين، استمرت المحاولات لاسترداد القطعتين، وجادل المدعي، وقال إن القناع والبروش كانا في ملكية خاصة لأميركي منذ السبعينيات. لكن اتضح أنهما جراء عمليات تنقيب غير شرعية في مصر.
ولتفادي عقوبة أكبر، أعلن جامع الآثار الثمانيني أنه مستعد لإعادة القناع إلى مصر، واقترح إعادته في أسرع وقت. وقال: “قبل أن يختفي في بعض المستودعات – مثل العديد من القطع الأخرى – يجب إعادته ليتم عرضه في متحف مصري”.
وافق القاضي “أندرياس هيوش” على هذا الاقتراح، خاصة أن قانون الحماية الثقافية يسمح بعودة الآثار المنهوبة. وقال ممثل ألمانيا إنهم سيكونون سعداء بتنفيذ الاقتراح.
متحف ألماني خاص
أوبنتراوت3 (Obentraut 3) اسم المؤسسة الفنية التي يملكها جامع الآثار وهو عبارة عن متحف شخصي. واختار مكانه أثري أيضا مبنى ذو طابع تقليدي كان مصنع نبيذ قديم يرجع تاريخه إلى القرن السابع عشر. وفي التعريف الخاص بالمتحف على الموقع الرسمي يصفه بأنه “موطنا للعديد من المعروضات من زمن مصر القديمة إلى الفن المعاصر”.
يضم المتحف الخاص العديد من الأقسام أبرزها المصري القديم، الفن الآسيوي، الفن الإفريقي، لوحات معاصرة، فنون النحت، فنون الأمريكتين ومعروضات لفن النحت.
اقرأ أيضا:
«شريف سنبل».. من سيرة المؤرخ الفوتوغرافي الذي غيّر نظرتنا للتاريخ