تعديات على النيل: أندية اجتماعية تتحول لمحال تجارية في حي الزمالك
تحديات كثيرة تواجهها أحياء القاهرة والتي تهدد بفقدان هويتها وإخفاء ملامحها التراثية فضلا عن الخروج عن الطبيعة الخاصة. وذلك بعد توجه العديد من النوادي الاجتماعية غير الهادفة للربح لبناء أماكن تجارية بعضها يتم من خلال مخالفات إنشائية.
محلات للإيجار بأندية غير ربحية
نادي تلو آخر على النيل تتبدل أهدافه من الترفيه وتوفير مكان هادئ إلى تجريف الأرض واقتلاع أشجار لتحويل المساحة المخصصة لرواد النادي إلى مقاهي ومطاعم تجارية. وكان آخرها تخصيص مساحة تقدر بـ2500 متر مربع بنادي نقابة المهندسين في الزمالك لتحويلها إلى مقاهي ومطاعم متجاورة للإيجار.
يضم شارع أبو الفدا بحي الزمالك، أكثر من 25 مطعم متجاور في شارع واحد عرضه لا يتجاوز 6 أمتار. ويتم استكمالها ببناء مطاعم ومقاهي في نادي نقابة المهندسين من الناحية المطلة على النيل. مما يهدد بإزالة سور النادي لتطل المقاهي على الشارع مباشرة.
يروي حسام العيوطي، أحد سكان حي الزمالك، تفاصيل الأزمة لـ”باب مصر”. ويقول إنها لا تقتصر على حي الزمالك ولا تتمثل في حي بعينه. ولكن بناء الكثير من المقاهي والمطاعم في أماكن غير مخصصة لها أو شوارع تجارية، يهدد باختفاء ملامح المدينة وتاريخها.
وتابع: في حالة إنشاءات نادي نقابة المهندسين، فإنها تسلب المواطن الحق في رؤية النيل. ويستكمل: “هذه قضية أخرى تجعلنا نتساءل كيف حصلت النقابة على تصريح الإنشاء واقتلاع الأشجار رغم وجود قانون يجرم ذلك”.
وأوضح أن المشكلة في حي الزمالك وغيره من الأحياء المطلة على النيل، أنها تتسم بطبيعة خاصة في طريقها للاختفاء. ومن بينها كورنيش النيل الذي لم يعد حقا للمواطن. بل لمن يدفع مقابل للجلوس أمامه في مقهى أو مطعم. ويضيف، هذا ليس النادي الأول الذي يخصص جزء منه لأهداف ربحية. وسبق تحويل مساحات من نوادي أخرى في أحياء سكنية لاستغلاها تجاريا.
نادي غير مخصص لأهداف ربحية
يرجع تاريخ تدشين نادي نقابة المهندسين في الزمالك إلى عام 1982، على مساحة تقدر بـ7300 متر مربع. وبحسب الموقع الرسمي لنقابة المهندسين المصرية، فإنه نادي اجتماعي، علمي، ثقافي، ومتكامل خاص بأعضاء النقابة. وتصفه النقابة: “يهدف النادي – أبو الفدا – الزمالك، إلى تقيم الخدمات المتكاملة للأعضاء دون النظر إلى تحقيق ربح مادي”.
ويستكمل العيوطي: “توقعنا أن الأصوات المرتفعة وعملية الإنشاء لتطوير النادي والخدمات. لكن فوجئنا أن 2000 متر يتم بنائها لمحلات ومطاعم للإيجار. وهذا يتنافى مع الغرض المخصص له النادي باعتباره غير ربحي”.
وأضاف أن الدخول لهذه المطاعم سيكون من الخارج بعد هدم سور النادي دون الحاجة لدخوله. وهذا سيتطلب تصريح آخر من الحي الذي من المفترض أن يكون مرفوضا لأنه مسار مخصص للمشاة. مشيرا إلى أن وجود هذا الكم الكبير من المطاعم والمقاهي سينتج عنه وجود الكثير من السيارات. وبالتالي زحام وضوضاء وهذا يتنافى أيضا مع طبيعة الأحياء السكنية.
وتطرق إلى إشكالية الحصول على موافقة من الحي. يقول لـ”باب مصر”: “هذه أزمة معقدة، لأن الرئيس بنفسه حاول حلها، لكن نحن نواجه الآن طريقتان خلال عرض الأزمة على الجهات الرسمية. الأولى هي عدم وجود تواصل والثاني وجود فرصة للمناقشة مع المسؤولين وإيجاد حل لها”.
اقتصاد مصر والمقاهي
أثارت أزمة الاتجاه إلى بناء الكثير من المقاهي والمطاعم من أرض النوادي غير المخصصة للربح، إلى التأثير سلبا على الشباب.
ويضيف: “بدلا من استغلال النادي في ممارسة الشباب الرياضة ووجود أماكن طبيعية تحسن المناخ بحسب التوجيهات في قمة المناخ. يتم إنشاء الكثير من المقاهي والمطاعم ذات الطعام غير الصحي. وبالتالي إنفاق الشباب أموالهم دون عائد لهم أو اقتصادي للدولة”.
تعدي على التراث
“فساد محليات” هكذا لخصت الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم العمراني بجامعة القاهرة، تحويل النوادي غير الهادفة للربح إلى محلات ومطاعم للإيجار. مفسرة ذلك بأن المنطقة – حي الزمالك – مُسجلة طبقا لقانون 119 لسنة 2008 أنها منطقة تراثية.
وتابعت رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسيات بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري ومقررة اللجنة العلمية العليا، أنه عند تسجيل منطقة يتطلب لها اشتراطات وحماية، أي أنها لا ينطبق عليها القانون العام.
وأشارت إلى أن بناء المحلات والمطاعم والمقاهي يعني عدم التزام الحي باشتراطات الحماية. وتقول: “إما اتبع القانون أو استثنيه والاستثناء هنا معناه الخروج من القواعد لحماية طابع وأصالة المكان”. بالإضافة إلى أزمة أخرى وهي بناء المحلات والمطاعم على شاطئ النيل، وهذه كارثة ثانية، لأنها تتضمن مخالفة اشتراطات حماية النيل وقطع الأشجار وتجريف الأرض الخضراء.
حق المصريين في النيل
وأوضحت حواس: “لا يجوز حجب النيل عن المارة ولا يجوز التعدي على مصباح النيل أو بناء أدوار عالية عبر استخدامات تجارية ملوثة بصريا، مجددا أقول النيل ملك للمصريين وأي جهة مسؤولة عن نهر النيل فهي مسؤولة عن حمايته وليست مسؤولة عن استغلاله أيا كان شخصه.
وعلى حد وصفها، هذه الأنشطة لها أماكن محددة من بينها أدوار أرضية في العمارات، لكن إقامتها على النيل يُغيّر طابع المدينة ويستبدله. وتساءلت مجددا: “ما هو الاستثناء الذي حصل عليه نادي نقابة المهندسين لبناء هذا الكم الكبير من المحلات، إنها علامة استفهام عن التراخيص والاستثناءات، وحال عدم وجود رد من النقابة إذن البناء تم بدون قاعدة أو أساس”.
واستكملت تساؤلاتها: “بأي حق يتحول نشاط نادي من اجتماعي إلى تجاري!”، مضيفة: “يبدو أن الاستثناءات حدثت دون الرجوع إلى الجهة المعنية لإبداء الرأي الفني، نحن نتحدث عن أزمة لأن هذا كله تجاوز من الحي وإصدار تراخيص غير متوافقة مع الاشتراطات.
وتطرقت إلى أول نادي طبق هذه الفكرة وهو “نادي الزمالك” باعتبار تجربته ناجحة في إقامة أنشطة تجارية رغم نشاطه الاجتماعي. وتقول: “نجح نادي الزمالك في ذلك وأحيى المكان لأنه وسط عمران وخدم المنطقة بالفعل لأن السور كان مكان مهمل يتضمن سلوكيات غير حميدة، ونفذ طريق خدمي بخلاف الطريق العام”.
اقرأ أيضا
السلطات المصرية تستعيد جواز سفر السادات بعد عرضه في مزاد على الإنترنت