ختام مشروع «اتفرج وجرب» لتعليم مسرح العرائس بالمنيا

تحت شعار«دير مواس فيها فن»، شهد مركز الجيزويت الثقافي بالمنيا ختام مشروع «اتفرج وجرب»، الذي أقيم بدعم من معهد جوته الألماني. استهدف المشروع تعليم الأطفال من سن 9 إلى 16 عاما في مركز دير مواس وقراه فنون مسرح العرائس من خلال ثلاث ورش عمل رئيسية: صناعة العرائس، الكتابة الإبداعية، والتمثيل الصوتي. خلال الحفل الختامي، عرض الأطفال نتاج جهودهم، حيث قدموا عرائس ماريونيت وأراجوز صمموها بأنفسهم، بالإضافة إلى نماذج من كتاباتهم الإبداعية.

عرائس من صنع الأطفال

كانت عيون الأطفال تتوهج حماسة وهم يمسكون بالعرائس التي صنعوها بأيديهم، وكل عروسة تحمل قصة مختلفة تعكس أحلامهم وآمالهم، بينما كانت أصواتهم ترتفع في الهواء وهم يمثلون شخصياتهم. كان عبدالله يبتسم برضا، إذ نجح في زرع بذور الأمل في نفوس هؤلاء الأطفال ومنحهم فرصة للتعبير عن أنفسهم بحرية. كان يشعر أن هذا المشروع ليس مجرد ورش عمل، بل هو ثورة ثقافية صغيرة، تحاول كسر قيود الجمود والرتابة التي سادت المجتمع لسنوات طويلة.

من هنا انطلق عبدالله محمد عيسى، مدير المشروع وحاصل على ليسانس الآداب قسم علوم مسرح شعبة تمثيل وإخراج جامعة المنيا، لم يكن مجرد معلم، بل كان فناناً حقيقيًا. حمل في قلبه شغفًا كبيرًا بالمسرح والفن، وشعر بمسؤولية إيصال هذا الشغف إلى أجيال جديدة. بدأ رحلته بتحدٍ كبير وهو تغيير نظرة مجتمع محافظ يرى الفن ترفًا لا ضرورة له. وظف موهبته وقدراته الإبداعية في تعليم 32 طفلا بمسقط رأسه بمركز دير مواس 5 أنواع من الفنون: الكتابة الإبداعية والتمثيل الصوتي وصناعة العرائس الماريونيت والأراجوز والكلاون، وذلك عبر خمس ورش بمشاركة متخصصين في كل فن على حدة خلال الفترة من فبراير وحتى أغسطس 2024.

مقاومة شديدة

يقول عبدالله: “واجهت مقاومة شديدة من الأهالي والمسؤولين. فقد رأى البعض أن الفن مضيعة للوقت، واعتبره آخرون تهديدًا للقيم الدينية. كما واجهنا تعنتا من قبل مسؤول الثقافة في المركز والذي رفض مساعدتنا في تقديم عروضنا في قصر الثقافة بحجة أن المسرح شيء من الصناديق لا يمكن تقديمه للناس وأنه نقمة وليس نعمة، مما تسبب في تعطيلنا أكثر من أسبوعين. لجأنا إلى مركز الشباب في المركز الذي استضافنا مقابل مبلغ مالي”.

ويضيف عيسى أنه بدأ في إقناع أولياء أمور الأطفال بضرورة تعليم أطفالهم الفن والمسرح، حيث يسهمان في بناء شخصيات متكاملة ومتوازنة من خلال توفير بيئة محفزة للإبداع والتعبير. يمكن للفن والمسرح أن يشكلا مستقبلًا مشرقا للأطفال، واستجاب عدد لا بأس به من أولياء الأمور للبدء في المشروع.

وتابع: “استهدفنا تقديم عروضنا عن طريق الفرجة الشعبية في الشوارع، لأنها الأقرب لقلوب الناس والتي اختفت منذ زمن بعيد. الفرجة الشعبية ستصل إلى الناس بأسرع صورة، وإذا أعجبتهم سيكون من السهل إقناعهم بالحضور لمشاهدة عروض مسرحية في المسرح”. أسميت المشروع “اتفرج وجرب” لأن الفرجة ستحفز الأطفال أو أولياء الأمور على التجربة. كنا مشهورين بالفرجة الشعبية منذ زمن، لكنها اختفت بسبب صعود التيارات الإسلامية بالمركز. فجاء “اتفرج وجرب” كمحاولة لهز الغربال في مجتمع ساكن تماما لا يؤمن بالفن ولا الثقافة، ويعتبرها ترفيها وتعطيلا لحال الأطفال.

فنانون صغار

ويستكمل مدير المشروع: “انطلقت ورش العمل في أجواء من الخجل والتردد من قبل الأطفال. لكنهم مع الوقت تحولوا إلى فنانين صغار كانوا يرسمون، يكتبون، يمثلون، ويصنعون العرائس. الورشة كانت مكانًا آمنًا لهم للتعبير عن أنفسهم بحرية. وبعد أشهر من العمل الجاد، جاء وقت الحصاد. إذ قدم الأطفال عروضًا مسرحية مبهرة في الشارع أذهلت الجمهور. وكانت العروض مليئة بالحياة واللون، وعبرت عن مشاعر وأحلام الأطفال بصدق”.

ويرى عبدالله أنه على الرغم من النجاح الذي حققه مشروع “اتفرج وجرب”، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. يحتاج المشروع إلى دعم مادي ومعنوي مستمر، كما يحتاج إلى توسيع نطاقه ليشمل المزيد من الأطفال والمجتمعات.

اقرأ أيضا:

من السجن للحرية.. قصة تحول «سجن كوبيل» إلى مركز تدريب صحفي

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر