باخرة “مصر- السودان”.. عرش الملك فاروق “حيّ يُبحر”
شيدت شركة توماس كوك العالمية لبناء السفن باخرة “مصر- السودان”، أقدم باخرة في نهر النيل عام 1885، في إنجلترا، ضمن مجموعة من أسطول مراكب يضم باخرتي “أرابيا ومصر”.
يقول أمير عطية، مدير الباخرة، أطلق اسم السودان عليها ليكون هناك باخرتان تحملان اسمي مصر والسودان، وفقا للقب الرسمي المستخدم لملك مصر في ذلك الوقت في كل الوثائق الرسمية والتوقيعات الملكية وهي ملك مصر والسودان.
باخرة “مصر- السودان”
ويضيف أن العائلة المالكة في مصر استخدمت الباخرة السودان مرات قليلة، واشتهرت بأنها باخرة الملك فاروق، لأنه استخدمها مرة واحدة أو مرتين أثناء زيارته لقصره في المطاعنة أو فندق الأولد كتراكت بمدينة أسوان أو فندق الونتر بالاس في الأقصر.
ماكينة البخار
تمتلئ الباخرة باللوحات الفنية والمقتنيات التاريخية النادرة، كما أنها مازالت تعمل بماكينة البخار الأصلية “الأورجينال”، وتعتبر الباخرة الوحيدة في نهر النيل التي تعمل بهذه الآلية وبنفس “الميكانيزم”، إذ تتميز بالممرات الواسعة، وتقع ماكينة البخار تقع في المنتصف وليس في المؤخرة بخلاف البواخر الأخرى التي تدعي أنها تعمل بالبخار على خلاف الحقيقة.
مواد طبيعية
يشير عطية إلى أن الباخرة مصنوعة من الخشب.. وكل المواد المستخدمة في الإنشاء طبيعية وليست بلاستيك.. منها على سبيل المثال الصدادات المصنوعة من القطن.. “لذا نبذل جهدا كبيرا في الحفاظ على نظافة الباخرة، التي تتميز بأنها مفتوحة بخلاف البواخر الأخرى”.. مضيفا أن عدد العاملين على الباخرة 70 عاملا وهو عدد هائل بالنسبة لعدد الغرف والنزلاء.
ويوضح عطية أن إجمالي عدد الغرف بالباخرة 23 غرفة فقط، بإجمالي 46 نزيلا.. وتحمل كل غرفة اسم شخصية شهيرة.. مثل غرفة الملك فاروق، وأجاثا كريستي، ونجيب محفوظ، وأم كلثوم.. منوها بأن الباخرة تتميز بالخدمة الراقية للنزلاء، الذين يكون غالبيتهم من الملوك والأمراء.
أجاثا كريستي
استلهمت الكاتبة الإنجليزية “أجاثا كريستي” فكرة قصتها الشهيرة “جريمة على النيل”.. والتي تحولت إلى فيلم سينمائي عام 1978 تم تصوير أجزاء منه على الباخرة.. من الباخرة السودان بعد قضاء عدة أيام على متنها أثناء زيارتها لمصر عام 1934.. كما تم تصوير نسخة جديدة من القصة في فيلم تلفزيوني على متن الباخرة السودان أيضا عام 2003.. بطولة النجم ديفيد سوشيه.
إضافة إلى أجاثا زار الباخرة مؤخرا العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية العربية والأجنبية.. منها الأمير شامل حفيد الملك فاروق.
ويشرح أمير عطية أن جميع النزلاء يقومون بالحجز في الباخرة عن طريق الشركة في فرنسا ولا توجد حجوزات داخلية.. وتحظى الباخرة بإقبال كبير من النزلاء، “لأننا نحترم تعاقداتنا ولا نلغي أي رحلة لأي ظروف.. ومن الممكن أن تبحر الباخرة ولو كان عليها نزيلا واحدا أو اثنين فقط.. كما أننا نتعامل مع جميع النزلاء كأنهم ملوك أو أمراء”.
تجديد الباخرة
يقول مدير الباخرة جددت الباخرة في بداية التسعينيات ودخلت في الترسانة البحرية وحصلت على التراخيص اللازمة.. وتخضع باستمرار لكل المعايير المطلوبة للإبحار.. كما تخضع لتطوير متواصل، فضلا عن إجراء عمرات صيانة متتالية للماكينات لصيانتها والحفاظ على كفاءتها.. ودهان الخشب المكون للباخرة بزيوت غالية الثمن، ما جعلها لاتزال تحتفظ بالطابع الأثري لها.
تعليق واحد