بابا نويل.. شخصية حقيقية بالكنيسة القبطية وأسطورية للأطفال

بابا نويل هو شخصية حقيقية وربما يتعجب البعض عندما يعرف إن الكنيسة القبطية تحتفل بعيد نياحته خلال شهر كيهك، وهو القديس نيكولاس، أسقف مورا بآسيا الصغرى، توفي في القرن الرابع الميلادي، كما ذكرت حياته في سطور من السنكسار القبطي.

السنكسار القبطي

يعد السنكسار كتاب قبطي من أعداد الكنيسة القبطية، يحوي سير الآباء القديسين والشهداء “السنكسارات”، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتب حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات اليومية، وهو يستخدم التقويم القبطي والشهور القبطية “ثلاثة عشر شهرًا”، وكل شهر فيها 30 يومًا، والشهر الأخير المكمل هو شهر نسيء يطلق عليه الشهر الصغير، وتبدأ السنة القبطية في يوم 12 سبتمبر.

القديس نيكولاؤس

ذكر السنكسار في العاشر من شهر كيهك المبارك، تنيح القديس البار نيكولاؤس أسقف مورا، مشيرًا إلى أنه ولد في مدينة مورا، اسم أبيه أبيفانيوس وأمه تونة، وقد جمع والديه بين الغنى ومخافة الله، ولم يكن لهما أطفالا يقر أعينهما ويرث غناهما، ولما بلغا سن اليأس، تحنن الله عليهما ورزقهما هذا بنيكولاؤس، ومنذ حداثته وعي كل تعاليم الكنيسة.

وأشار السنكسار إلى أن نيكولاؤس قد سيم شماسًا، ثم ترهب في دير كان ابن عمه رئيسًا عليه، فعاش حياة النسك والجهاد والفضيلة حتى سيم قسًا، وهو في التاسعة عشرة من عمره.

تعليم نيكولاؤس

وأوضح السنكسار أن الله أعطى نيكولاؤس موهبة عمل الآيات وشفاء المرضى، حتى ليجل عن الوصف ما أجراه من آيات وقدمه من إحسانات وصدقات، ومنها أنه كان بمدينة مورا رجل غني فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضروري ليومه، منوهًا بأن ذلك الرجل كان له ثلاث بنات قد جاوزن أعمارهن سن الزواج ولم يزوجهن لسوء حالته، فلجأ إلى أن يوجههن للعمل في أحد الاعمال المهينة.

ولكن الرب كشف لنيكولاؤس ما اعتزمه هذا الرجل، فأخذ من مال أبويه مائة دينار، ووضعها في كيس وتسلل ليلًا دون أن يشعر به أحد، وألقاها من نافذة منزل الرجل، وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرًا.

واستطاع أن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى، وفي ليلة أخرى كرر نيكولاؤس عمله، وألقى بكيس ثان من نافذة المنزل، وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية، إلا أن الرجل اشتاق أن يعرف ذلك المحسن، فظل ساهرًا يترقب، وفي المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس، شرع إلى خارج المنزل ليرى من الذي ألقاه، فعرف أنه نيكولاؤس، فخرّ عند قدميه وشكره كثيرًا، لأنه أنقذ فتياته من فقر المال، وما كان سيتعرضن له، أما هو فلم يقبل منهم أن يشكروه، بل أمرهم أن يشكروا الله الذي وضع هذه الفكرة في قلبه.

أسقف مورا

ونوه بأنه قبل انتخابه لرتبة الأسقفية، رأى ذات ليلة في الحلم، كرسيًا عظيمًا وحلة بهية موضوعة عليه وإنسانا يقول له: “إلبس هذه الحلة واجلس على هذا الكرسي”. ثم رأى في ليلة أخرى السيدة العذراء تناوله بعضًا من ملابس الكهنوت والسيد المسيح يناوله الإنجيل. مشيرًا إلى أنه عند تنيح أسقف مورا ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم. واعلمه بأن المختار لهذه الرتبة هو نيكولاؤس وأعلمه بفضائله.

ولما استيقظ، أخبر الأساقفة بما رأى فصدقوا الرؤيا، وعلموا أنها من السيد المسيح. وأخذوا نيكولاؤس وسيم أسقفا على مورا. موضحًا أنه بعد تولي الملك دقلديانوس الملك آثار عبادة الأوثان. وقبض على جماعة من المؤمنين وسمع عن نيكولاؤس وقبض عليه أيضًا وعذبه كثيرًا لعدة سنوات. كان السيد المسيح يقيمه من العذاب سالمًا ليكون غصنًا كبيرًا في شجرة الإيمان. ولما ضجر منه دقلديانوس ألقاه في السجن. فكان وهو في السجن يكتب إلى رعيته ويشجعهم ويثبتهم. ولم يزل في السجن إلى إن أهلك الله دقلديانوس. وتولى بعده قسطنطين، فأخرج الذين كانوا في السجون من بينهم نيكولاؤس، وعاد إلى كرسيه.

وأكد أنه لما اجتمع مجمع نيقية سنة 325 ميلادية لمحاكمة أريوس. كان هذا الأب بين الأباء المجتمعين، وتوفي عن عمر ناهز الثمانين عامًا. وقضى منهم على كرسي الأسقفية أربعين عامًا.

سانت كلوز

وأكد أن القديس نيكولاؤس “نيقولا” هو الشخصية الحقيقية وراء قصة سانت كلوز أو بابا نويل الذي يترك الهدايا لأطفال ليلة عيد الميلاد.

وفاة نيكولاؤس

وأكدت مريم صموئيل، حاصلة على ليسانس الأداب، أن نيكولاؤس توفي في ميرا ودفن في كاتدرائيتها. وكانت أيام حياته تقترب من الثمانين عامًا منها حوالي أربعين عامًا أسقفًا. منوهة بأنه بعد وفاة القديس نيكولاؤس انتشرت سيرته العطرة في أماكن عديدة في روسيا وأوربا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا. وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد على اسمه. وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة، وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعني أب الميلاد.

موطن بابا نويل

تقول مريم: ظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد، وذهب البعض الآخر إلى أن موطنه فنلندا. خاصة أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيًا على أنها مسقط رأس بابا نويل. ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويًا، منوهة بأنه مع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم نيكولاؤس أو “سانت نيقولا”، وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز.

البدلة الحمراء

وتضيف مريم، أما الصورة الحديثة لبابا نويل، فصممت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس. وهو الشاعر الذي كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان “الليلة التي قبل عيد الميلاد”، يصف فيها هذا الزائر المحبب ليلة عيد الميلاد. منوهة بأنه في عام 1881 قام الرسام الأمريكي توماس نيست في جريدة هاربرس بإنتاج أول رسم لبابا نويل. كما نعرفه اليوم ببدلته الحمراء الجميلة وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع. مشيرة إلى أن تلك الصورة استخدمت ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى. ومن وقتها انتشر بابا نويل في ثوبه الأحمر اللون موضحة أنه صار من أشهر الشخصيات التي يحبها الأطفال في كل أنحاء العالم.

ومع تغير المكان تخلى “سانتا كلوز” عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب. وبدأ في امتطاء زحافة على الجليد يجرها 8 غزلان يطلق عليها حيوان “الرنة” ذو الشكل المميز.

الأطفال وسانتا

وتكمل مريم، أن سانتا كلوز “بابا نويل” يضع للأطفال الهدايا داخل جوارب صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم. حيث كان يتسلل سانتا من خلال فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلًا ويفاجئون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور أكثر. منوهة بأن بابا نويل ظهر في مصر وأخذ في الانتشار بالكنائس القبطية خلال احتفالها برأس السنة الميلادية. وصار رمزًا شعبيًا للاحتفال بالعام الجديد. وهو يعد قديس معترف به في الكنيسة الأولى، وهي كنيسة القرن الرابع الميلادي.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر