«المضغة».. كيف شعبي قديم لـ«نساء الصعيد»
على الرغم من تمسك أهالي محافظات الصعيد بالعادات والتقاليد والأعراف، والتي تجرم تناول السيدات في صعيد مصر الأدخنة، إلا أن نساء الصعيد وخاصةً العجائز منهن، يتناولن نوعا من التبغ الشعبي، يمسى “المضغة” وهو زهيد السعر، ويعتبر أحد أقدم أنواع الدخان في جنوب مصر.
هناك في قري ونجوع مدن ومراكز محافظة قنا المختلفة، حيث يقبل كبار السن خاصة النساء منهن، على تناول «المدغة»، أو كما ينطقها أهالي الصعيد «المضغة»، وذلك لتتحول إلى «كيف ومزاج» لنساء وعجائز المحافظة.
المضغة نوعا من أنواع التبغ، تباع في محلات بيع البقالة والسجائر بمدن ومراكز محافظة قنا، وتنتشر بشكل أكبر في القرى والنجوع، ويصل سعرها إلى جنيه واحد للكيس.
لسنوات عديدة يتناول المضغة النساء العجائز في محافظة قنا ومحافظات الصعيد، كنوع من أنواع المكيفات، ويتم تناولها عن طريق وضعها أسفل – اللسان أو بجوار اللثة – داخل فم الإنسان.
وبحسب رمضان رشوان، 30 عاما، تاجر بمركز نجع حمادي شمال قنا، فأن المضغة عليها طلب شديد مثلها مثل السجائر المختلفة، خاصةً أنها تعتبر نوعا من أنواع التبغ ولكن بسعر رخيص.
ويتابع رشوان في حديثه لـ”ولاد البلد”: أن المضغة تباع منذ قديم الأزل في محافظات الصعيد خاصة.. حيث أنه يعرف أن محافظات وجه بحري ومحافظات الدلتا، انته تناول المضغة بداخلها.
النساء العجائز الأكثر تناولا
ويضيف التاجر أن المضغة يقبل عليها النساء وخاصةً العجائز منهن.. لافتاً إلى أن هناك إقبالا من الرجال على شراؤها وتناولها.
ولكن النسبة الأكبر تكون للسيدات، بسبب أن أغلب الرجال يتناولون السجائر أو الشيشة.. وأصبحت لا تعطيهم النسبة الأكبر من المكيفات، بعد ظهور أنواع عدة من السجائر خلال الـ20 عاما الماضية.
وألمحت السيدة السبعينية أم منتصر، إلى أنها تتناولها مرة واحدة في اليوم.. وتتناولها أثناء بيعها للخضروات في أسواق نجع حمادي شمال بقنا.
وذكرت أم منتصر، أن هناك العديد من النساء يتناولنها في القرى والنجوع، ومختلف محافظات الصعيد، وليس الذكور فقط، منوهةً بأنها معروفة جدا في القرى، وبدأت في الانتشار أكثر بعد غلاء أسعار السجائر وباقي أنواع المكيفات.
وتابعت قائلةً: “المضغة تعالج أمراض الأسنان واللثة وتسكن الصداع، وتحسن المزاج للجميع سواء كان كبارا أو صغارا رجالا أم نساء”.
قصة ظهور المضغة
وبحسب الدكتور سيد العربي، مؤرخ وباحث في التراث القديم، فأن المضغة تعتبر أول وأقدم أنواع الكيف التي ظهرت في مصر منذ القرن الثامن عشر، حيث أن شركات الدخان قديما كانت تستوردها مع السجائر والمعسل.
وأفاد العربي أن كتاب الحياة والتبغ للمؤلف السوري ياسر الأحمدي، الذي صدر في العاصمة اللبنانية بيروت، ذكر أن المضغة كانت تأتي من دول أفريقيا وخاصةً دولة السودان، وذاع صيتها خلال حكم محمد علي باشا، خاصةً أنه كان تاجر سجائر، وبدأ ظهورها حينما قرر محمد علي زراعة التبغ المصري، الذي كان أردأ أنواع التبغ في العالم كله.
وتابع العربي، بأنها ظهرت في مصر بأوائل القرنين الثاني والتاسع عشر.. حينما قررت مصر زراعة التبغ.. لكونها النبات الرئيسي والأساسي الذي يتحول إلى سجائر ومعسلات.
أضرارها
ومن جانبه أفاد الدكتور محمود البدري، أخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية بمركز قنا، أن المضغة مثلها مثل جميع أنواع الأدخنة المختلفة سواء السجائر أو المعسلات.. لكن تختلف فقط في كونها تحتوي على كمية أكبر وخام من مادة النيكوتين.
وأوضح أخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية، أن المضغة هي المادة الأساسية التي تستخدم في صناعة التبغ.. الذي يستخدم في صناعة السجائر.. مشيرا إلى أنها عبارة عن النبات الأصلي الذي يصنع منه التبغ.. ويتم استيرادها من دولة البرازيل والأورجواي ودول قارة أفريقيا.
ولفت الطبيب إلى أن الأضرار الصحية للمضغة أكبر وأوسع من أضرار السجائر والمعسلات.. لاحتوائها على التبغ الخام ونسبة كبيرة من مادة النيكوتين.
تأثير فوري
وألمح الطبيب إلى أن المضغة لها تأثير فوري في الأمراض.. حيث إن متناولها تطيب آلامه فورا بسبب كمية النيكوتين الكبيرة بداخلها.. كونها من شجرة التبغ الأساسية.
وأضاف الطبيب، أن أضرارها تتخطى أضرار السجائر والمعسلات.. حيث إنها تتسبب في إصابة الإنسان بأمراض عدة من أبرزها، سرطان اللثة واللسان وسرطان الرئتين وسرطان الفم المتكامل، فضلاً عن تهتك الرئتين، وقرح المعدة، والسكتة الدماغية، وانخفاض الخصوبة والربو، وتصلب الشرايين، والفشل الكلوي المزمن، وأمراض القلب والعقم، والضعف الجنسي.
تعليق واحد