ملف| «المسرح العائم» في خطر.. ووزير الثقافة: «قرارات دولة»
حالة من الجدل تدور حول مسرح «فاطمة رشدي» المعروف بـ«المسرح العائم» في المنيل، بعدما أصبح مصيره مجهولا. فقد أطلق عدد من الفنانين، وعلى رأسهم سميحة أيوب، استغاثة لعدم هدم المسرح إثر قرارات شفهية تطالب بإخلائه وتسليم الأرض تمهيدا لإزالته. وسط صمت وزير الثقافة على ما يحدث!
تعليق وزير الثقافة
ترجع ملكية مسرح فاطمة رشدي العائم إلى محافظة القاهرة، لكنها منحته كحق انتفاع مدى الحياة للبيت الفني للمسرح بوزارة الثقافة. حتى الآن لم يصدر بيان رسمي من وزارة الثقافة أو البيت الفني للمسرح يوضح حقيقة الأمر. وخاصة مع تسلم الوزارة، والبيت الفني للمسرح العديد من المخاطبات بخصوص تطوير المنطقة وتتضمن إخلاء أماكن طرح النهر والمشغولة حاليا، بما في ذلك المسرح العائم.
تواصل «باب مصر» مع أحمد هنو، وزير الثقافة، لمعرفة مصير المسرح العائم من الإخلاء، ومحاولات الوزارة للحفاظ عليه من الهدم، وإذا ما كان سيتم نقله لمكان آخر.
قال هنو لـ«باب مصر»: “التواصل يكون مع المخرج خالد جلال الذي صدر له الخطاب”، وعن تفاصيل المشروع قال الوزير غاضبا: “هذه قرارات الدولة، أرفض التعليق، والتواصل يكون من خلال المستشار الإعلامي للوزارة”.
حاول «باب مصر» التواصل مع المخرج خالد جلال رئيس قطاع المسرح، لمعرفة تفاصيل الخطاب ومصير المسرح، لكن لم يرد على الرسائل أو المكالمات.
تدخل البرلمان
يأتي قرار إخلاء وإزالة المسرح العائم باعتباره واحدا من عدد من منشآت الهامة التي سوف تتأثر بالقرار الخاص بإخلاء المنشآت تمهيدا لسحب جميع أراضي طرح النيل التابعة للدولة بنظام حق الانتفاع، والتي تمتد من منطقة شبرا وحتى حلوان.
ومن بين هذ المؤسسات: مسرح فاطمة رشدي العائم بالمنيل، كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، المسرح العائم، نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، وحديقة أم كلثوم.
وقد تقدمت النائبة الدكتورة مها عبدالناصر بطلب إحاطة موجه إلى كلاً من رئيس مجلس الوزراء، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزير الثقافة، بشأن هذا القرار.
وفي تصريحات خاصة لـ«باب مصر»، تقول د. مها عبدالناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي: “تقدمت بطلب الإحاطة بسبب القرار الذي تم إصداره وستتأثر به أربعة أماكن هامة بإخلائهم وإزالتهم”.
وتساءلت عضو مجلس النواب عن إمكانية إلغاء عقود حق الانتفاع لجميع أراضي النهر الممتدة من شبرا إلى حلوان. بما في ذلك أراضي المنشآت الأربعة. وأشارت إلى الأهمية التاريخية للمسرح العائم بمنطقة المنيل في وسط القاهرة، والذي يعود تاريخه إلى خمسينات القرن الماضي. ويُعتبر واحدًا من أعرق المسارح في مصر والوطن العربي. وكان يحمل اسم الفنانة المصرية “فاطمة رشدي” تكريما لهم باعتبارها من رائدات المسرح والسينما.
وتضيف في طلب الإحاطة: “يأتي قرار هدم المعلم الثقافي، على الرغم من صيانته وتطويره قبل عدة سنوات”.
مصير المسرح العائم
يضم المسرح العائم مسرحين: المسرح الصغير والمسرح الكبير، وقد شهدت خشبته على مدار العقود العديد من العروض التي قدمها أبرز فناني ومثقفي المنطقة. وتستكمل عبدالناصر: “هذا الوضع أثار استنكار العديد من الفنانين والمثقفين الذين ناشدوا الجهات المعنية بالتراجع عن هذا القرار. لكن لا يبدو أن هناك استجابة لذلك”.
وطالبت عبدالناصر، الجهات المعنية والوزارات بالرد. وتضيف: “سأتواصل معهم بصفة مباشرة لمعرفة التحركات”. مشيرة إلى أهمية المسرح العائم العريق الذي يضم بداخله مسرحا للطفل ومسرحا للشباب. بالإضافة إلى المسرح الرئيسي، الذي شهد تمثيل عمالقة الفن المصري.
وعن رأيها بشأن مصير المناطق المتضررة، تقول: “الوضع بائس، ولا أستطيع تخيله، فكلية السياحة والفنادق على سبيل المثال ليس لها مكان آخر داخل حرم الجامعة. وأعتقد أنها تصدر بشكل غير مدروس أو بسبب عدم اهتمام”.
وقالت إن منطقة كلية السياحة والفنادق ترتبط بدراسة الطلبة العلمية، بالإضافة إلى أهميتها التاريخية، وعمرها الذي يقدر بـ75 عاما. وتسائلت عن مصير حديقة أم كلثوم التي تضمنها القرار، وتستكمل: “يقدر عمرها بـ25 عاما، وإلغاءها يتسبب في فقدان مساحة حيوية للمنطقة”.
أرض المسرح
ترجع نشأة المسرح العائم إلى خمسينيات القرن الماضي، في عهد د. ثروت عكاشة، وزير الثقافة والإرشاد القومي حينها، بهدف نشر الفن في أنحاء مصر. وفي البداية كان عبارة عن عوامة متحركة تقدم العروض المسرحية بين محافظات مصر المطلة على النيل. وبعد الانتهاء من الرحلة كنت تستقر في المنيل. وكانت الأولوية في العروض، للأعمال الكوميدية، وبعدها تم بناء المسرح بشكل ثابت بصورته الحالية. وفي السبعينات كرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات الفنانة فاطمة رشدي بإطلاق اسمها على المسرح باعتبارها إحدى رائدات المسرح والسينما.
أما قضية أرض «مسرح فاطمة رشدي العائم» فتعود إلى التسعينيات. حيث أولى المسؤولون أهمية خاصة للمسرح العائم، في مؤتمر المسرح الرابع عام 1997، الذي شملت توصياته مقترحات هياكل تنظيمية لمسارح الدولة على ثلاثة مستويات، المسارح المغلقة والمفتوحة والمتنقلة.
وبحسب كتاب “المسرح والديمقراطية في مصر والعالم العربي” الصادر عن دار الشروق للكاتب أحمد سخسوخ، طالب المؤتمر باستصدار قرار من الجهات المختصة لتخصيص أرض المسرح العائم لوزارة الثقافة. والسعي لدى الوزارات والجهات المعنية لاستغلال مسارحها. بما في ذلك المسرح المركزي للمجلس الأعلى للشباب والرياضة ومسرح اتحاد الطلاب بالبالون.
اقرأ أيضا:
«المسارح العائمة» في العالم: تاريخ موجز
«المسرح العائم»: شهد بدايات العندليب..ولقاءات عبد الناصر السرية بعد النكسة