الفنانة التشكيلية شيماء محمود: في اللوحة أبحث عن حرية المرأة
عشقت الفن ممارسة ونقدا، فكان مجال دراستها الفنون الجميلة بجامعة حلوان. بعد حصولها على جائزة الإبداع الفنى 2014 سافرت إلى إيطاليا، وهناك أعادت اكتشاف الفن الغربي، وكذلك الحضارة المصرية القديمة.. «باب مصر» يتعرف على رحلة الفنانة التشكيلية شيماء محمود.
بداية الحلم
تقول شيماء متحدثة عن طفولتها لـ«باب مصر»: كنت طفلة هادئة، عشقت الرسم والموسيقى منذ نعومة أظافري، أقضي أغلب أوقاتي مع الألوان وكراسة الرسم سواء كنت في المدرسة أو المنزل، إذ كنت أتردد على غرف الرسم والموسيقى وهو ما جعلني أقرر الالتحاق بكلية الفنون الجميلة بعد الثانوية العامة، وتخرجت فيها عام 2011، وبجانب دراسة الفن كنت أعمل في الصحافة الفنية.
وتتابع: أثناء دراستي فكرت بطريقة مختلفة عما يمكنني فعله بعد التخرج ويكون قريبا إلى الفن، ووقعت في يدي إحدى الروايات الصادرة عن دار الهلال، وشدتني الرسومات المصاحبة للرواية، ومن هنا قررت رسم هذه الرسومات، فذهبت إلى دار الهلال، ثم مجلة الكواكب، ولم أتمكن من الرسم في أي منهما، بعدها تدربت على الكتابة الصحفية وقمت بتغطية أحد المعارض التي أقيمت في الجامعة، وتم نشرها في مجلة الكواكب على صفحتين كاملتين، ومنذ ذلك وحتى الآن أعمل كمحررة وناقدة فنية.
“خصصت لي المجلة صفحتين للفن التشكيلي”، هكذا تعبر شيماء عن سعادتها بما وصلت إليه، وتقول: كل هذا بجانب دراستي الفنون الجميلة وتخصصي في فن الجداريات، وعرفت عن مسابقة الإبداع الفني التي تنظمها وزارة الثقافة بعد تخرجي، وكانت تضم مجموعة من التخصصات من بينها النقد الفني، وقد وجدت أن حصيلة مقالاتي في النقد الفني أكثر من عدد لوحاتي وخبرتي الفنية، فقد كنت حديثة التخرج، وهو ما جعلني أتقدم للمسابقة في مجال النقد الفني وفزت بالجائزة وسافرت إلى روما للدراسة مدة 6 شهور.
تجربة هامة
أثرت تجربة السفر على “شيماء” كثيرًا خاصة أنها كانت لأول مرة تسافر خارج مصر، فتقول عن هذه التجربة: “كان الهدف من المنحة الاحتكاك بالفن الغربي، وبالطبع كانت تجربة هامة في حياتي وهي التي شجعتني على تسجيل رسالة الماجستير في “تطور الفن الجرافيتي في مصر وإيطاليا”، وأيضا شجعني استقبال الإيطاليين لنا كمصريين، وشغفهم وحبهم للحضارة المصرية وتقديرهم لها، إضافة إلى التعاون مع بعض الفنانين في الورش الجماعية، وقمت بمشاركة فنان إيطالي في عمل جدارية”.
وفور عودتها من إيطاليا قررت “شيماء” أن تكثف نشاطها في الفن التشكيلي خاصة التصوير الزيتي، وأن تعود إلى فرشاتها وألوانها مرة أخرى.
المرأة في اللوحات
تحكي شيماء عن لوحاتها، وتقول: “كوني امرأة ساعدني كثيرا في إبراز ما بداخل المرأة من مشاعر وأحاسيس دفينة أريد أنا وغيري من بنات جنسي إيصالها للمتفرج، فأنا أناقش من خلال لوحاتي قضايا المرأة لكن بأسلوب مختلف، حيث أريد تغيير الفكرة التقليدية التي تنظر للمرأة على أنها جسد فقط، وأتعمد ظهور وجوه النساء شاحبة وباهتة، مما يوحي بعالم آخر يكمن داخلهن”.
“لا تنظر إلى الظاهر”، هذه كانت الرسالة التي تريد الفنانة توصيلها عبر لوحاتها، فتقول: داخل كل سيدة من هؤلاء مشاعر كثيرة متناقضة، لأن الظواهر دائما ما تكون خادعة، لذلك أظهر تلك السعادة الزائفة من خلال ملابسهن المزركشة والملونة ذات الألوان الصارخة والمبهجة مثل الحياة من حولهم، لكن مشاعرهم الدفينة هي التي تظهر وتسيطر على ملامحهم وتظهر بشكل بارد وألوان حيادية.
وتكمل حديثها: أجسد شعوري كأنثى من خلال اللوحات، إذ يظهر كافة الفنانين جمال الجسد الأنثوي في لوحاتهم، أما أنا فأرى أن كل سيدة في حياتها بطلة، فهناك الكثيرات تعاني من الحياة سواء في العمل أو المنزل أو من خلال المجتمع بعاداته وتقاليده البالية، وكل سيدة لديها القصة الخاصة بها، وعلى الرغم مما بداخل كل النساء تحاول كل سيدة أن تظهر بصور حلوة وقوية وجميلة ولا تنكر وجودها كأنثى رقيقة، وهو ما حاولت أن أظهره من خلال ملابسهن ذات الورود الرقيقة التي تتسم بالجمال والنعومة وهي صفات المرأة على مدار التاريخ، والتي تستحق أن تتعامل باللطف واللين.
وتضيف شيماء، من خلال التناقض بين الألوان الزاهية في اللوحة وبين ملامح الوجوه الحزينة أبرز ما تعيشه المرأة، فهناك البنت القوية التي تتحدي العالم وتفرض أفكارها ورغبتها على الجميع، وهناك البنت التي تشعر بالقهر والذل ولا تستطيع تغيير واقعها وترضخ لممارسات المجتمع وقوانينه، فهذا واقع، وبالطبع من الوارد تغيير هذا الخط الفني عندما أشعر بالإشباع الذاتي، وأني استطعت طرح كافة ما بداخلي أنا شخصيا كأنثى في المقام الأول وكفنانة في المقام الثاني.
خلفيات اللوحات
تستخدم شيماء خلفيات لوحاتها بشكل مختلف، قد يكون هذا بسبب دراستها فن الجداريات، فنجد الخلفيات متناقضة وتستخدم فيها قصاقيص الورق، والألوان والزخارف في بعض الأحيان، وقد تنقسم الخلفية إلى أقسام مختلفة الأشكال والتصاميم لكنها متناسقة ببراعة تجعلك تشعر بتناغم رائع.
وتختتم “شيماء” حديثها: اهتم بالخلفيات كجزء أساسي في اللوحة لكن ليس كمجرد خلفية لإبراز البطل الأساسي في اللوحة وهن النساء، فأنا استخدم على سبيل المثال فن الديكوباج في الخلفية، وهو عبارة عن استخدام قصاقيص الورق الملونة فيما يشبه القص واللصق، تختلف الرسومات والتصميمات، فهناك الخطوط والورود والمربعات والزخارف وهكذا، وفي النهاية تكون متناسقة بشكل كبير مع العنصر الأساسي في اللوحة.
وعن أمنياتها..تقول: اتمنى على المستوي الشخصي أن تنتهي من دراساتها العليا، وعلى المستوى العام أن تتخلص المرأة من كل ما يعيق ويحول بينها وبين تحقيق أهدافها وطموحاتها.
اقرأ أيضا