شاعر السيرة محمد نصرالدين: هكذا انتصرنا على أغاني “المهرجانات”

كتب- مصطفي عدلي

تراث السيرة الهلالية واحد من أهم المورثات الشعبية الخالدة، التي ظلت محافظة علي رونقها وجمالها، رغم السنوات الطوال، واستطاع شعراء السير الهلالية أن يورثوا هذا الفن الخالد لأبنائه، وهو ما أدى إلى صمودها في مواجهة موجة الأغاني على اختلاف عصورها، رغم تطور أدواتها.

والسيرة لها من الدلال على عاشقيها ما يجعلها تتحكم في أمزجتهم، فتارة تجد الرجل الوقور الذي غطى  شعره اللون الأبيض يرقص بعصاه طربًا، على مقطوعة من التراث الشعبي، وكأنه شاب عشريني، وإن رأيته سارحا مع موال السيرة فلا تعجب، وعندما تشاهد دموع الرجال تنساب على وجنتيهم حزنا عندما يعلن الشاعر في قصته عن مقتل الأمير عامر الخفاجي ملك بلاد العراق، فهو أمر عادي.

“ولاد البلد” التقت بشاعر السيرة الهلالية الشاب محمد عزت نصر الدين السوهاجي، ابن الفنان الشعبي عزت نصر الدين، لتفتح معه صندوق الحكايات، وتتعرف بقرب على تراث السيرة الهلالية، وما السبب الذي يجعل الأهالي في الصعيد خاصة يتمسكون بها، وينتصرون لها على ما سواها من أغانٍ.

Exif_JPEG_420

عن نصرالدين شاعر السيرة

هو محمد عزت نصر الدين السوهاجي، من مواليد 1994، قرية بار خيل بمركز البلينا- محافظة سوهاج، والده الفنان الشعبي عزت نصر الدين، وعمه فنان السيرة الهلالية الراحل عز الدين نصر الدين.

قدم عدة حفلات بالإذاعة والتلفزيون، كما شارك في حفلات بالقاهرة وعدة محافظات، وشارك في احتفالية بدولة الإمارات العربية.

الشاعر بالفضل لأساتذة جامعات ومختصون ساعدوه في جمع التراث الشعبي واستفاد منهم كثيرًا ومنهم دكتور الأدب الشعبي أحمد الحجاجي، ومسعود شومان، ومحمد حسين عبد الحافظ، وخالد أبوالليل، ودعاء صالح، كذلك فرقته الشعبية التي وقفت بجانبه وساعدته في أن يكون واحدا من شعراء السيرة الهلالية .

هوية ليست هواية فقط

الشاعر الشاب محمد عزت نصر الدين، هو شاعر السيرة الذي يعتبرها بطاقة هويته، فهي هواية قبل أن تكون مهنة يمتهنها ويتمرس عليها، ساعده على ذلك أنه نشأ في عائلة تعشق السيرة الهلالية وتتغنى حتى في جلساتهم العائلية.

نصر ادين يقول إن عمه شاعر السيرة الهلالية الراحل عز الدين نصر الدين زرع فيه حب السيرة الهلالية، وعلمه إياها منذ نعمومة أظافره، وكان يأخذه معه في المناسبات التي يحييها.

يتابع الشاعر الشاب أن والده عندما وجد لديه الموهبة دربه علي استخدام الربابة التي يقوم بالتغني بها بقصص ومواويل السيرة الهلالية، مشيرا الي ان الامر كان صعبا في البداية ولكنه فيما بعد أصبح متمرسا حافظا لجزء كبيرا من قصص وتراث السيرة الهلالية.

أول مرة أمام الكاميرات

يروي عزت أنه بدأ في الوقوف أمام الجماهير قبل أن يكمل التاسعة من عمره، وبدأ التغني بمواويل السيرة الهلالية التي سرعان ما أصبح يحفظها عن ظهر قلب.

اتجه بعد ذلك إلى حفظ موروث السيرة الهلالية الكبيرة وساعده في ذلك عمه الشاعر عز الدين نصر الدين، الذي تعلم علي يديه السيرة، حتى أصبح “السميعة” يلقبونه بخليفة الشاعر الذي رحل عن دنيانا في سن مبكرة بسبب المرض.

يشير نصر الدين الصغير  إلى أنه أحيا من قبل عدة حفلات بالإذاعة والتلفزيون، متذكرًا المرة الأولى، التي وقف فيها أمام عدسات الكاميرات، وظهر علي شاشات التلفزيون، في احتفالات محكى القلعة بالقاهرة، وقتها كان عمره لا يتجاوز 15 عاما.

عزت نصر الدين

 يستطرد الشاعر أنه في الآونة الأخيرة أحيا بصحبة فرقته الشعبية، التي يترأسها والده، حفلاً في دولة الإمارات العربية، بصحبة شعراء السيرة الهلالية الكبار سيد الضوي، عبدالباسط الصعيدي، لينال إعجاب حاكم الشارقة بعد أدائه فن الموال الشعبي.

تراث السيرة الهلالية يمتد تاريخه العريق ليشمل الوطن العربي بأسره، وبخاصة السعودية وتونس والجزائر والعراق، فكانت هذه الدول بمثابة حجر الأساس لتراث السيرة الهلالية، هكذا يقول.

الخال الذي لم أره

“هناك شعراء أثروا السيرة الهلالية، وساهموا بشكل كبير في حفظها من الاندثار”، بهذا الجملة يبدأ الشاعر الشاب حديقه عن الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، يتابع: إن الخال كان واحدا من أهم الشعراء، الذين جمعوا وحافظو علي إرث السيرة الهلالية، ليظل مرجعنا الأساسي في حفظ تاريخ السيرة.

الرقص على أنغام السيرة
الرقص على أنغام السيرة

نعم، الحظ لم يسعدني لألتقي بـ”الخال”، لكن ما زلت استمع إلى سيرة بني هلال عبر صوت العم جابر أبو حسين، عم شعراء السيرة الهلالية في الصعيد، وكما نطلق عليه “عم عمام”، الذي قدمه الأبنودي لأول مرة، وسجل له قصص بالإذاعة، وأدخله عالم “الكاسيت”، وسجل له أكثر من 52 شريط كاسيت ما زلنا نستدل بها علي تاريخ السيرة الهلالية.

الفرح من غير سيرة ما يحلاش

يعتقد الشاعر أن تراث السيرة الهلالية سيظل شامخًا ولن يندثر لأن رواة السيرة الهلالية يورثون هذه الفنون لأبنائهم كما حدث معي وما سأفعله مع أبنائي، بالإضافة إلى أن أهالي الصعيد بصفة خاصة استطاعوا أن ينتصروا لتراث السيرة والفن الشعبي عموما، في وقت سادت فيه أغاني المهرجانات و”دي- جي”.

وأفضل دليل على بقاء فن السيرة بقوة مناسبات وأفراح الصعيد، التي أصبح أكثر الأهالي يصرون علي إحياء مناسباتهم بالتراث الشعبي “من الأخر الفرح من غير سيرة ما يحلاش”، قالها الشاعر وهو يعدد أهم القصص التي يطلبها الأهالي في مناسباتهم وعلي رأسها قصة منصور، وعامر الخفاجي، والتغريبة، وطلوع الأيتام من أرض تونس، إضافة الي مواويل السيرة.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر