«السينما والعمارة».. آخر ندوات مهرجان الإسماعيلية السينمائي

تناولت آخر ندوات مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام القصيرة، في دورته الـ 26 موضوع «فلسفة العمارة وعلاقتها بالسينما»، حيث سلطت الضوء على الدور الحيوي للعمارة في تشكيل الصور السينمائية. بالإضافة إلى تقديم رؤى حول تأثير العمارة في السينما وأهمية الديكور في نقل الفكرة الفنية.
السينما والعمارة
في البداية تحدث الدكتور محمد فريد، عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين ومدرس مساعد بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، عن تأثير العمارة والعمران في السينما المصرية. وأكد على الدور المحوري للعمارة في سرد القصص وتصوير الواقع. والتعبير عن التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها مصر على مر التاريخ. وذلك من خلال ثلاث نقاط رئيسة هي: تجسيد الهوية المصرية، وتصوير الواقع الاجتماعي، والتعبير عن التحولات الثقافية. إذ تجسدت الحقب التاريخية من العمارة الفرعونية القديمة إلى الإسلامية ثم العصور الحديثة والمعاصرة. مشيرا إلى أن هذه العمارة تشهد على التحولات السياسية والاجتماعية التي تؤثر في حياة الناس.
وأضاف “فريد”، أن العمران يستخدم كمرآة للطبقات الاجتماعية، فهناك تباين بين الأحياء الفقيرة والغنية، والمدن والريف. مما يعكس الفجوة الاجتماعية بين الطبقات المختلفة. كما تصور الأفلام المصرية تأثير التطور العمراني على حياة الناس، وقد تنتقد التغيرات السلبية التي قد تؤدي إلى تدمير التراث المعماري. وذكر نماذج لتأثير العمارة في السينما المصرية، مثل فيلم “عمارة يعقوبيان” الذي أوضح الفجوة الاجتماعية بين الطبقات. وفيلم “حين ميسرة” الذي كشف عن المشاكل الاجتماعية الموجودة في العشوائيات.
تسلسل العمارة في الأفلام
وأشار “فريد” إلى الدور المحوري للعمارة في السينما، فهي عنصر فعال في تشكيل القصة وتحديد الحالة النفسية للشخصيات والتعبير عن أفكار الفيلم. كما تضيف الطابع الواقعي للفيلم، وتعكس هوية المكان وثقافته. كما تستخدم للتعبير عن الحالة النفسية للشخصيات الفيلم أو خلق جو معين، سواء كان رومانسيا أو كوميديا أو رعبا. ويمكن أيضا أن يكون المكان هو محور الأحداث أو جزءا من الحل في الفيلم.
وذكر “فريد” أهم النقاط التي توضح تأثير العمارة والعمران في تاريخ السينما المصرية، والتي ساهمت في تشكيل هوية هذه السينما وثرائها الفني. وهي: الأفلام الواقعية، ففي فترة الخمسينات والستينات، لعبت العمارة دورا في تصوير الواقع الاجتماعي والاقتصادي في مصر. واستخدمت أفلام أخرى المعالم المعمارية التي توضح التطور والتقدم في مصر، مثل فيلم “رد قلبي”.
ثم في فترة السبعينيات والثمانينيات، بدأت السينما في عكس التحولات الاجتماعية التي شهدتها مصر. أما أفلام ما بعد الثورة فقد تناولت قضايا الفساد والتدهور العمراني، كما استخدمت العمارة في خلق تكوين بصري، مثل استخدام الظلال والأضواء في فيلم “المومياء”. وفي فيلم “الفيل الأزرق”، استخدمت الأماكن لخلق حالة من التوتر والقلق.
واختتم “فريد” حديثه بأن الأفلام المصرية قد تساهم في الحفاظ على التراث المعماري المصري. من خلال إعادة بناء مباني تم تدميرها، مثل فيلم “الناصر صلاح الدين”. كما لعبت الأفلام الوثائقية دورا في توعية الجمهور بأهمية الحفاظ على التراث المعماري من خلال تسليط الضوء على المعالم التاريخية أو توثيق التراث في حالة سيئة، مثل فيلم “أهل الهوى”.
بناء ديكور سينمائي
وفي سياق آخر، أكد المخرج السينمائي أشرف فايق أن بناء ديكور جديد في أي عمل سينمائي هو مسألة صعبة نسبياً بسبب التكاليف الباهظة أو استخراج التصاريح التي قد تستغرق وقتاً طويلاً. ولكن البديل الأسلم والمتاح حاليا عن التخطيط لأي عمل سينمائي جديد هو البحث عن أماكن مناسبة للتصوير أو خلقها. فيمكن أن يتحايل المخرج على المكان بخلق مكان معين وإعادة صياغته. من خلال استخدام إكسسوارات خاصة بالمكان، مثل المستشفى أو المطار. مع وجود منسق مناظر ماهر واستخدام جيد للعدسات.
وأضاف “فايق” أن مخرج العمل السينمائي يجب أن يكون ملماً بأنواع وأرقام العدسات كي يتمكن من توجيه مدير التصوير لتوصيل رؤيته وفكرته للجمهور كما يتصورها. وقدم شرحًا سريعًا لأحجام اللقطات وأرقام العدسات، مشيرًا إلى أن الكاميرا تختلف عن كاميرا الموبايل.

وأوضح المخرج السينمائي أهمية وجود رؤية محددة وفكرة واضحة وتسلسل لقصة العمل الفني. والتي يعرضها كل مخرج برؤية تختلف عن الآخر. ورسالة العمل الفني يجب أن تصل للجمهور بوضوح، ومن المهارة أن تصل الرسالة من خلال الصورة وتفاصيلها دون حركات كثيرة للكاميرا. والأهم هو تحديد قصة الفيلم وكيفية عرضها بالإمكانيات والأدوات المتاحة.
اقرأ أيضا:
«السينما خارج حدود العاصمة».. ضمن فعاليات مهرجان الإسماعيلية السينمائي