“الركض إلى العشق” في حضرة مولانا بشارع المعز
“يا حضرة مولانا مَنْ لا يركض إلى فتنة العشق يمشي طريقًا لا شيء فيه حي” هكذا يقول مولانا جلال الدين الرومي.
مولانا الرومي هو مؤسس الطريقة المولوية، ولها أقر وحيد في مصر وهي التكية المولوية، التي نظمت إدارة الوعي الأثري بالجمالية زيارة لها خلال الأسبوع المنصرم.
توجد المجموعة المولوية في شارع السيوفية، وهو امتداد شارع المعز، والشارعان كانا “شارع القصبة العظمى” قديما، ويصل من باب الفتوح إلى السيدة نفيسة
مسرح المولوية أو “مسرح الدراويش”، الموجود في التكية هو المسرح الوحيد للمولوية في مصر، وهو مبنى فوق ساحة مدرسة الأمير سنقرالسعدي، أحد أمراء المماليك البحرية في عصر الناصر قلاون، التي أنشئت عام 721 هـ..
ومع دخول الجيش العثماني إلى مصر كان بعض الجنود من مريدي ومحبي الطريقة المولوية، فاختاروا مكان المدرسة لبناء مسرح الدراويش فوق الصحن المكشوف للمدرسة، وحوله غرف الدراويش ليسكونوا فيها.
مولانا
تنسب الطريقة المولوية لمولانا جلال الدين الرومي، فلفظ المولوية مستمد من لفظ مولانا الذي كان يلقب به جلال الدين الرومي، صاحب كتاب المثنوي.
الرومي هو عالم سني حنفي صوفي يتقبل جميع الفرق الإسلامية ولا يهتم بالفوارق بينها، بل يجمع بينها في طريقته بالتسامح والتقبل، ولد في مدينة بلخ (أفغانستان حاليا) لأب عالم دين.
وبعد اجتياح المغول انتقل إلى مدينة قونية، إحدى مدن تركيا، وتسلم نجل جلال الدين تنظيم طريقة المولوية بعد والده، وهو الذي حول دوران السماع إلى تدريب يمكن تعلمه للوصول إلى حال معين.
السماع خانة
صلاح رمضان، مفتش آثار، مسؤول التكية المولوية (السماع خانة)، يقول إن المولوية تضح فكرتها واساسها الدوران فالكواكب تدور في السماء والدورة الدموية تدور داخل جسم الانسان، والذكر ليس فقط باللسان ولكن بالجسد أيضا.
يتكون مسرح الدراويش من دائرة يطلق عليها “طبلية”، المركز لونه داكن بخلاف باقي المسرح، ويحيط بالمسرح سور خشبي يفصل دائرة الحضور عن دائرة الراقصين، ويوجد محراب القبلة لإقامة الصلاة، والسيدات لهن مكان خاص بالدور العلوي خلف حجاب خشبي يشبه المشربية.
يحيط بالمسرح 12 عمودًا يعلو كل عمود أحد أسماء الأئمة الإثنى عشر، وترفع الأعمدة قبة المسرح المزينة برسوم عثمانية تمثل الشمس مركزها، وفي حافة القبة رسم الأرض وبينهم مزين برسومات طيور، ومزينة بكتابات بخطوط عربية، ومعلق أعلي المسرح في اتجاه القبلة لافتة كبيرة خضراء مكتوب عليها بخط مميز باللون الذهبي “في حضرت مولانا”، ورسم الخط للشيخ محمد عبدالعزيز الرفاعي 1341 هـ.
المولوية ذكر بالجسد
وفي الرقص المولوي يتحرك الدراويش عكس عقارب الساعة في حركات دائرية، والراقص يدور حول نفسه ويدور في نفس الوقت في دائرة المسرح، رافعا يده اليمنى إلى السماء، وخافضا يده اليسرى تجاه الأرض، ليجمع خير السماء باليمنى ويرسله للأرض باليسرى، ويقدم أربع وصلات للسماع تعبر عن فصول السنة.
وزي الدراويش عبارة عن عباءة سوداء، فوق جلباب أبيض فضفاض، والكابلو “طقية كبيرة على الرأس”، والزي يمثل الكفن وخروج الروح من الجسد والطاقية تمثل شاهد القبر والعباءة السوداء هى الدنيا والتنورة البيضاء الكفن.
وعند خلع العباءة السوداء “خلع رداء الدنيا” للدوران بالكفن، يفقد الدرويش توازنه ويصبح مثل الطيور التى تطير في السماء والمرسومة في قبة التكية.
يُختار درويش المولوية ليدخل الطريقة في عمر صغير، غالبا قبل أن الثامنة عشرة، ويمر بمراحل كثيرة لإعداده، فعند اختياره لا يخرج من التكية لمدة ألف يوم، وغيرها من الإعدادات اللازمة لتعليمه.
أما مريدو المولوية، فهم يحضرون حلقات الذكر ويدخلون للسماع في مسرح الدراويش خارج الإطار الخشبي المحدد للطبلية المسرح.
تاريخ بناء المسرح غير محدد بدقة وأيضا تاريخ بدء الطريقة المولوية بالتكية غير محدد، لكن تاريخ الانتهاء معروف بغلق التكية عام 1952، التي استخدمت بعد غلقها لفترة كمستشفي ودار مسنين.
أما المسرح فتم ترميمه عدة مرات، مرة في عهد الخديوي توفيق، ومرة أخري عام 1975 كانت بواسطة المركز الإيطالي لترميم الآثار بالتعاون مع وزارة الآثار، وآخر ترميم انتهى عام 2002.
متحف المولوية
أسفل المسرح يضم متحف المولوية، ويوجد به نماذج من ملابس دراويش المولوية، ونماذج من أعمال أشهر الخطاطين الشيخ محمد عبدالعزيز الرفاعي، وأواني الطعام والشراب التى وجدت في الحفائر أسفل السماع خانة.
2 تعليقات