“الدير المحرق” بأسيوط.. هنا دشن المسيح أقدم مذبح في العالم
تصوير: أحمد دريم
“الدير المحرق” هو أحد الأبنية القبطية التاريخية التي تربط الماضي بالحاضر، إذ كان مقرًا لسيدة العذراء قديمًا ويضم أقدم مذبح في العالم، وفي نفس الوقت يضم عددًا من الكنائس الحديثة ذات الطراز الايطالي، وعلى قدر عظمته التاريخية صُمم هذا البناء الشاسع المساحة، والذي ترتفع أسواره كثيرًا لتشعر وكأنك بين جدران قلعة أو حصن منيع، إنه الدير المحرق بمركز القوصية محافظة أسيوط.
يستقبلنا داخل الدير الراهب أثناسيوس المحرقي، أحد الآباء في الدير المحرق، ليأخذنا بجولة بالدير للتعرف على متحوياته.
يقول الراهب أثناسيوس: إن المباني داخل الدير تنقسم إلى مباني أثرية قديمة وأخرى حديثة، من المباني القديمة هي الكنيسة السيدة العذراء الأثرية، والحصن الأثري القديم، أما المباني الحديثة هى كنيسة السيدة العذراء الجديدة وكنيسة أخرى وقصر الضيافة.
دير المحرق
بدأنا جولتنا من الداخل إلى الخارج، وبعد أن مشينا داخل الدير ما يقرب من 10 دقائق تقريبًا وصلنا إلى الحصن الأثري القديم.
الحصن
يقع الحصن الأثري القديم من الناحية الشمالية الغربية على يسار الكنيسة الأثرية، ويرجع تاريخه إلى القرن السادس أو السابع الميلادي، وهو عبارة عن بناء حجري دائري الشكل، يبلغ ارتفاعه نحو 16 مترًا.
من خلال سلم خشبي يرتفع ثلاث درجات، ندخل إليه لنصعد إلى سلم ينتهي بقنطرة خشبية، يتم التحكم فيها من داخل الحصن، فهي متصلة ببكرة خشبية عن طريق حبل يرفع في حالة الإحساس بأي خطر، ومنع وصول الجيوش إلى الدير في حالة الحروب قديمًا.
يتكون الحصن من 3 طوابق، طابق لغرف المعيشة وطابق لغرف تخزين الطعام وطابق للطوارئ، بالإضافة إلى مكان لدفن الموتى فوق سطح الحصن، فضلًا عن كنيسة الحصن.
كنيسة الحصن
أما كنيسة الحصن فتنقسم إلى قسمين أساسين: الأول حجرات الهيكل الثلاثة.. والغرفة الوسطى أكبرهما يغطيها قبة كبيرة.. ويتوسطها مذبح الكنيسة ويتوسط جدارها الشرقي حنيه، أما الغرفتين على جانبي الغرفة الوسطي يغطي كل منها قبة ضحلة يتوسط جدار كل منها عدد من الدخلات، أما القسم الثاني فهو صحن الكنيسة.
وعن الوجهات الخارجية للحصن فهى الواجهة الجنوبية، وهي عبارة عن ثلاث بلاطات حجرية مربعة الشكل تمثل زخارف محورة لصلبان، والواجهة الغربية هى الواجهة الرئيسية، التي تعد أغنى واجهات الحصن لما يميزها من عناصر زخرفية وما يتخللها من أشكال الصلبان المصنوعة من الحجر.
كنيسة العذراء الأثرية
تقع الكنيسة في الجزء الجنوبي الغربي داخل الدير المحرق على يمين الحصن الأثري.. وتنفرد الكنيسة الأثرية ببساطة بنائها، إذ صممت من الطوب اللبن والحوائط غير المنتظمة.. وعدم وجود أية نقوش زخرفيه عتيقة أو رسومات قبطية مرسومة على حوائطها.. والأهم من ذلك أنها تضم أقدم مذبح على مستوى العالم.
الدخول إلى الكنيسة عن طريق مدخل بالواجهة الشمالية الشرقية يؤدي إلى الصالة الخارجية “الدوكسار البحري”.. ويعلو المدخل الرئيسي لوحة من الطوب المنحوت عليها زخرفة علي شكل صليب.. تنتهي أطرافة بأشكال وريدان.
وهناك مدخل آخر إلى الكنيسة عن طريق الصالة الخارجية يعلوه أيضا صليب مزخرف.. أما المدخل الحديث للكنيسة فهو عن طريق عدة مداخل اكتشفت بعد أعمال الترميم المعماري.. التي أجريت تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار.. وهم مدخلان من الناحية الجنوبية والثالث من الناحية الغريبة ويؤدي إلى الصالة الخارجية.
العناصر المعمارية بالكنيسة
كما يمكن تقسيم الكنيسة إلى قسمين أساسين: القسم الأول الحجرات الثلاثة للجزء الشمالي الشرقي.. وهي الحجرة الوسطي.. وتمثل حجرة الهيكل وتضم شرقية الكنيسة.. وتتوسط هذه الحجرة المذبح الحجري وهو مكعب الشكل وغير متساوي الأضلاع وعلى سطحه رخامة منقوشة عليها كتابة باللغة اليونانية، ترجع إلى العصر العثماني.
الحجرة اليسرى: وهي بسيطة من الناحية الفنية والمعمارية واستخدمت لملابس الكهنة.. وهي دون باب يفتح على صحن الكنيسة وتغطيها قبة ترجع إلى العصر العثماني.
الحجرة اليمنى: هي بسيطة أيضا في تكوينها الفني والمعماري.. واستخدمت لخدمة الشمامسة.. وبها حفرة في الأرض أسفل الحائط الشرقي.. وتغطي الحجرة قبة صغيرة ترجع إلى العصر العثماني.. ونلاحظ أن الهيكل وحجرتيه.. والمذبح هم أهم وأقدم ما تحويه الكنيسة الأثرية، بل إن المذبح هو الأقدم فى العالم.
الحجاب الخشبي
يتكون من عدد من القطع الصغيرة الخشب المعشق، مركب بشكل هندسي بديع.. وتم تجميعه بدقة فائقة عن طريق التعشيق بشكل وحدات زخرفيه متكررة.. تأخذ شكل الصليب المحفور والمطعم بالعاج.. يتوسط الحجاب باب صغير رشيق.. يتكون من مصراعين “درفتين” تحتويان على أشكال هندسية متداخلة مع أشكال الصلبان.
القسم الثاني من الكنيسة هو صحن الكنيسة.. والذي قسم بواسطة صفين من الأعمدة.. في كل صف تسع مربعات عن طريق العقود.. ويغطي هذه المربعات سبع قباب محمولة على حنايا ركنية.
كنيسة السيدة العذراء الجديدة
تأسست عام 1940، ولهيكل الكنيسة 3 مذابح.. الرئيسي هو الأوسط على اسم السيدة العذراء.. والقبلي مارجرجس.. بينما البحري القديس تكلا هيمانوت الحبشي.
قصر الضيافة
أيضا هو مكان إقامة رئيس الدير وكبار الزوار من البطاركة والمطارنة والأساقفة، وبه مكتبة للمخطوطات الثمينة، أنشئ عام 1910.
ويوجد بالكنيسة أيضًا مكتبة تضم عدد من الكتب الدينية، وبجوارها كنيسة أخرى حديثة أيضًا تتميز ببناء فريد من الدخل أهم ما يميزه هو أنه يتوسطه كرسي العرش ويجلس عليه الأب أثناء أداء قداس الصلاة في العيد أو المناسبات الدينية الأخرى.
3 تعليقات