الدفاف.. طبّال الموالد متصوف هائم في حب الله
كتب: نشوى فاروق
على مقربة من مسجد وضريح سيدي المرسي أبو العباس، بمنطقة بحري غرب محافظة الإسكندرية، كان يقف شاب في الثلاثين من عمره، قمحي اللون، نحيف البنيان، بوجه شديد الاحمرار، وقد بدأ التعب يتسلل إليه، يتمايل على جانبيه حاملًا دفًا كبيرًا وطبله نحاسية اللون، يستخدمهما في التهليل، منشدًا “الله و أكبر .. عظم وكبر.. الله حي” “عايشين في رحابه.. وسط أحبابه.. سيدنا النبي حبيب الروح.. و لا إله إلا الله” “سيدنا المرسي حبيب الله”. إنه الدفاف عبدالله.
لا يلتفت مطلقًا، ولا ينظر لأحد، عيناه فقط تنظر إلى السماء بعمق، وكأنه يخاطب الله، وكأنه يقدم عرضًا مسرحيًا في إحدى الحضرات الصوفية التى تقام خلال احتفالات الجماعة الصوفية في شهر رمضان الكريم.
صوفي أبًا عن جد
يقول زيد عبدالله إنه صوفي أبًا عن جد، ينتمي إلى الطريقة “الحامدية الشاذلية”، ويعمل نجارًا، كما عمل في مهنة الدفاف والطبال في الموالد والحضرات الصوفية، معتبرًا نفسه “طبال في حب الله”.
ويروى عبدالله أنه يتقن الضرب على الدف والطبل منذ نعومة أظافره، إذ تعلمها من والده، وهو أحد أقطاب السادة الصوفية، و أتقن اللعب على الطبول والمزامير مع رفاقه من مريدي آل البيت الصوفيين، الذين يلتقي بهم في الموالد والحضرات الروحانية التي يقومون بعقدها خلال شهر رمضان للتقرب من الله، والتصوف في حب الله.
ويذكر أنه حينما يطبل ويتمايل في الحضرة يشعر وكأنه طائرًا بالفعل، ولا يشعر بأقدامه وهى تطأ الأرض لكي يصل لأقصى درجات الروحانية والتواصل مع الله عز وجل.
ويواصل عبد الله، حديثه قائلًا تعلمت حب الله من الصوفية، فجميع أفراد عائلتي ينتمون إليهم، وكنت في الخامسة من عمري أرافقهم عندما يأتون للموالد والحضرات الروحانية والتكبيرات.
فرقة عمل
ويلفت أنه يعمل مع 5 “دفافين” آخرين، يقدمون العرض الروحاني معه وهم: يزير، والحاج علي، والشيخ جابر.. علاوة على شابين آخرين هما أحمد وجابر. مشيرًا إلى أنهم يكملون بعضهم البعض في الحضرة. حيث يكون أحدهم مسؤولًا عن التهليل والتطبيل.. وآخر مسؤول عن الضرب على الدف، والآخرين يرددون معه.. ويحملون المزامير والطبول أيضًا من أجل العمل الروحاني.
ويشير الطبال المتصوف إلى أنه يعمل في الأصل بمهنة النجارة.. ولكنه في فترة الموالد وشهر رمضان يأخذ إجازة من العمل ليتفرغ للعبادة وحضور الحضرات.. متفرغًا لحب الله، يقوم باللعب على الطبلة مع وصلات الرقص التي يصاحبها التهليل والتكبير، لافتًا أنه يقضي تلك الفترة في خيمة بجوار مسجد سيدي المرسي أبي العباس، برفقه أصحاب الطريقة الحامدية الشاذلية، التي ينتمي إليها.
نفحات المريدين
في النهاية يقول عبدالله، الدفاف، إنه طوال تلك الفترة يأكل ويشرب من إفطار نفحات مريدين وأحباب آل البيت القادرين.. والتي تسمي بـ “النفحة الربانية”. مشيرًا إلى أنه يذهب بالطبلة والدف مع المولد والحضرات في أي مكان يذهب إليه المريدين بكل محافظات مصر.. خاتمًا حديثه بقوله “أعشق الطبلة مثل الحياة لأني أشعر من خلالها أنني أمارس حب الله على طريقتي”.