الجميلات "رجّالة" على الحلبة.. حكاية أول مدربة تحطيب في مصر
تصوير: أحمد دريم
رقيقة الملامح، لكنها حازمة، هي نسخة كربونية للفتاة الصعيدية “الجدعة”، وطيلة حديثها معي لم تفارق يدها العصا، تتكئ عليها حينًا وتضعها جوارها حينًا آخر، هي صديقتها الحميمة وسندها الخفي- كما تقول.
رانيا شوقي، هذه الجدعة صاحبة الـ24 عامًا- بكالوريوس تربية رياضية، قررت النزول لساحة التحطيب، ندًا بند مع الرجال، لتصبح أول مدربة تحطيب في مصر.
من قرية “النخيلة” بمركز أبوتيج (26 كيلومتر شمالًا من مدينة أسيوط) خرجت رانيا، في مدرسة ماجدة جبرائيل “بيتها الروحي”، هذه المدرسة التي تُدرب فيها رياضة التحطيب.
لا تمتلك رانيًا قوة بدينة تلفت الانتباه، لكن الأمر يتعلق بالمهارة والثبات والتحكم في العصا، هكذا تقول.
تقول رانيا: بدايتي مع التحطيب كانت عندما رشحتني جمعية الصعيد للتربية والتنمية بأسيوط، وهي الجمعية المسؤولة عن المدرسة التى تعمل بها الآن، لحضور تدريب تحطيب معاصر في القاهرة، نظمه الدكتور عادل بولاد، مؤسس التحطيب المعاصر.
عقب اجتياز التدريب بدأ الدكتور عادل يرشح من المتدربين من يشارك في مسابقة التحطيب، وكانت هي الفتاة الوحيدة بين المشاركين، تقول رانيا “رشح من الجمعية 3 كنت أنا البنت الوحيدة”.
“أنا بيكي هغرز دور المرأة في التحطيب كمسمار” كلمة قالها بولاد شجعتها وحملتها مسؤولية كبيرة، تقول: كان عندي إصرار كبير على الفوز بالمسابقة، خصوصا إن الدكتور عادل خصص لكل ولد دور واحد في العرض وخصص لي دورين كاملين، بالإضافة إلى دور المبارزة الأساسي “الكلمة رنت في وداني وأخدتها تحدي”.
رياضة فرعونية
لم تكن هي ممارسة فقط بل أيضا قارئة جيدًا في مجالها الجديد وهو ما وضح من شرحها لتاريخ التحطيب، فتضيف: أما عن تاريخ التحطيب فهو رياضة فرعونية قديمةعمرها أكثر من 4 آلاف و500 سنة، وقد عثر على رسومات توضح استخدام الجيش أيام الفراعنة للعصا فى الحروب والجيش والقتال ومنها انتقلت إلى الريف.
تتابع: في عام 2000 أعاد الدكتور عادل هيكلة التحطيب التقليدي، من خلال تخصيص منهج رياضي استمده من الفنون القتالية اليابانية مثل لعبة الكاتا في الكارتيه، فأنشأ 8 تشكيلات للتحطيب المعاصر، بالإضافة إلى تصميم زيّ رسمي بعيدًا عن الجلباب المعروف، فضلًا عن تدريب الشباب والبنات والأطفال وأصبح الأمر متاحًا للجميع خصوصا المرأة والتي كان قديمًا تمنع من مشاهدة التحطيب التقليدي وليس فقط المشاركة.
قيم أخلاقية
تضيف رانيا عن مميزات التحطيب: بجانب أن اللعبة تكسب الجسد ليونة ومرونة، فإن اللعبة تحمل داخلها أسس أخلاقية عميقة، ومبادئ وقيم إنسانية أهمها احترام الذات واحترام المنافس، والمروءة والشهامة “إنها فن توصيل القيم عن طريق الأداء”.
“دي لعبة اولادي” هكذا كان رد الفعل الأول للأسرة رانيا، لكنها أقنعتهم أنها لعبة معاصرة، وبعد صعودها في التدريب لتكون أول مدربة رحبت الأسرة وانقلب الأمر لتشجيع بالإضافة إلى افتخار أصدقائها بها وتحمسهم للفكرة.
البيت الروحي
أما المدرسة فهي بيتها الروحي، من خلالها استطاعت رانيا تكوين الفريق الخاص بها لتدريبها، وهم في مراحل سنية متنوعة، أطفال في الابتدايئة والإعدادية، وشباب جامعات، تقول “بدأ الإقبال يزيد لدرجة أن هناك كبار سن من أهل القرية طلب مني أن أدربهم على التحطيب، فضلًا عن عرض ممارسي التحطيب في البلد المشاركة في تدريب فريق الشباب”.
التحطيب التقليدي والمعاصر
هنا توضح رانيا الفرق بين التحطيب التقليدي والمعاصر، فالتقليدي كان عبارة عن تحطيب يميل قليلًا إلى الفنون الشعبية ويمارسه الرجال فقط، ومبارزته ثنائية، واقتصر أداءه في الأفراح والمولد الشعبية، أما التحطيب المعاصر أصبح رياضة معتمدة سمح للمرأة أن يكون لها دور فيه، مبارزاته ثلاثية ورباعيى وأكثر.
العصا السحرية
وتقول رانيا أن إصعب اللحظات التي مرت عليها منذ ممارستها التحطيب في فبراير الماضي عندما قرر الدكتور عادل بولاد أن يقتحم بها عالم التحطيب “لما الدكتور اخترني رمي عليا عبء، خصوصًا إن لجنة التحطيب مكونة من شيخ التحطيب من قنا وسوهاج والممارسين للتحطيب التقليدي، والرافضين لدور المرأة به، ولو ماكنتس ثبت نفس وأني راجل في الحلبة مش هعدي من اللجنة”.
وهو ما حدث وحصلت رانيا على شهادة تدريس تحطيب بأول مدربة تحطيب في مصر.
تتمني رانيا قسم للتحطيب في كلية التربية الرياضية أو التعاقد مع ناد أو إنشاء أكاديمية رياضية للتحطيب، أو إدارج التحطيب المعاصر في مناهج التربية الرياضية.
تعليق واحد