احتجاجًا على استمرار الهدم.. لجنة تقييم «المقابر التاريخية» تدرس تقديم استقالتها
عضو لجنة تقييم المقابر: اتخذنا قرارًا بضرورة وقف الهدم، لكن ما جرى على أرض الواقع كان العكس تمامًا
طلبات إحاطة وتساؤلات في البرلمان بسبب التوسع في أعمال الهدم الجارية لجبانات القاهرة. وأعضاء اللجنة المشكلة لبحث وضع «المقابر التاريخية» تدرس تقديم استقالتها إلى رئيس الوزراء، كحل أخير احتجاجا على الهدم وعدم الأخذ بالحلول التي تقدموا بها خلال الفترة الأخيرة لحماية المقابر.
طلبات إحاطة
وكان عدد من أعضاء البرلمان قد تقدموا خلال الأسبوع الماضي بطلبات إحاطة وتساؤلات برلمانية. بعد أعمال الهدم التي شهدتها مقابر القاهرة التاريخية، ومن بينهم العضو البرلماني ضياء الدين داود الذي طالب بالوقف الفوري لهدم لمقابر القاهرة التراثية. وكذلك تقدمت النائبة البرلمانية د.مها عبدالناصر، بسؤال للمسؤولين، ومنهم رئيس مجلس الوزراء، ووزير الآثار، والنقل، والثقافة، والإسكان، والتنمية المحلية. حول سبب هدم المقابر رغم معارضة اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية مؤخرًا وطرحها لبدائل أخرى تحفظ المقابر التاريخية. وكذلك قدمت النائبة ضحى عاصي، اليوم الأحد، تساؤل برلماني موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزير السياحة والآثار، ووزيرة الثقافة بشأن استمرار هدم المقابر في منطقة الإمام الشافعي.
ضحى عاصي تحدثت لـ«باب مصر» وقالت: “تقدمت من قبل بعدة طلبات إحاطة داخل البرلمان، لكن هذه الطلبات لم تناقش. كذلك فالبرلمان حاليا في توقف، نتيجة فض دور الانعقاد الحالي. حيث من المفترض أن نعود للمجلس خلال شهر أكتوبر المقبل”.
ترى عاصي أن المشكلة سببها أن هناك خطط يريد البعض تنفيذها دون الرجوع للمتخصصين. تقول: الرئيس مشكورًا أمر بتشكيل لجنة لدراسة وضع المقابر. لكن على أرض الواقع لم يستجب أحد لمطالب اللجنة التي قالت «لا لهدم المقابر». فهناك تعنت كبير لهدم المقابر؛ لذلك أنا محبطة لحد كبير لأننا لم يعد أمامنا حل لوقف عمليات الهدم.
قرارات عكسية
من جانبه صرح مصدر داخل اللجنة التي تشكلت لبحث وضع المقابر : “اللجنة تم تهميشها خلال الفترة الأخيرة، بسبب أعمال الهدم التي جرت مؤخرا. وكذلك بسبب التعامل معها باعتبار أن قراراتها غير ملزمة، كونها لجنة استشارية، لا تملك أية صلاحيات لوقف عمليات الإزالة. فقرارات الإزالة هذه تتعارض مع جميع الحلول التي تقدم بها أعضاء اللجنة خلال الفترة الأخيرة. حيث طالبنا بضرورة وقف الهدم، نتيجة عدم جدوى المشروعات المزمع تنفيذها وقدمنا بالفعل خطط بديلة”.
ويضيف: اتخذنا قرارًا بضرورة وقف الهدم، لكن ما جرى على أرض الواقع كان العكس تمامًا. فحاليًا هناك هدم على نطاق واسع، كذلك فاللجنة خلال الفترة الماضية لم ترد أي مواجهة أو صدام مع أحد. حيث ابتعدت عن التصريح لوسائل الإعلام، واكتفت بالبيانات الصحفية التي صدرت بصورة رسمية. وذلك حتى لا يتم اتخاذ قرارات عكسية يمكن أن تعوق ما قمنا به من جهود. فقد قدمنا مقترحات بديلة بالفعل، لكن حتى الآن ما زلنا نأمل في تصحيح المسألة بشكل كامل. وذلك من خلال تنفيذ المقترح الذي تقدمت به اللجنة، وهو مقترح يهدف لمنع أي هدم للمقابر. خصوصًا أن اللجنة توصلت لنتائج ودراسات جدوى كانت نتيجتها أن المحاور المرورية المزمع تنفيذها في منطقة الجبانات، لن توفر سوى دقيقتين ونصف الدقيقة كحد أقصى لحركة مرور السيارات داخل المنطقة.
الحل الأمثل
وتابع المصدر: نحن في اللجنة لا نريد إلقاء اللوم على أحد بشأن ما حدث في الماضي من أعمال هدم. لكننا حاولنا الوصول لنتائج وتقديم مقترحات، لحماية المقابر، وقمنا بعمل الدراسات اللازمة. وتوصلنا إلى أن هذه المحاور المزمع تنفيذها غير مجدية من الأساس. وطالبنا بالاكتفاء بما تم تنفيذه من أعمال خلال الفترة الماضية.
ويستطرد: كل ما نريده هو المحافظة على المقابر التراثية، وصيانتها، وتحويلها لمزار سياحي عالمي، لكن للأسف الشديد نصطدم، لأن كل فرد يحاول أن يدافع عن وجهة نظره. فاللجنة للأسف تم التعامل معها باعتبارها لجنة استشارية لا تملك أي صلاحيات، وهذا خطأ كبير لأن جميعنا من المتخصصين، وبذلنا مجهود كبير للمحافظة على المقابر، وتقديم حلول حقيقية. لذلك ما نريده هو ضرورة الأخذ بالحلول التي طرحناها، للوصول للحل الأمثل في التعامل مع الأزمة التي تعيشها المقابر.
ضغط كبير
واستطرد: الهدم الذي جرى خلال الأسبوع الماضي سبب ضغطًا كبيرًا علينا، لأننا شعرنا أن هناك تجاهلًا. لكن لو استمر الوضع على هذا الشكل فسنتقدم جميعًا باستقالتنا لأننا لن نقبل أن يتهمنا أحد بأننا كنا سببًا في هدم المقابر، لأنها مسؤولية تاريخية.
وعن الحديث داخل مواقع التواصل الاجتماعي من جانب المهتمين بالتراث، وأصحاب الأحواش. قال: الناس لهم الحق في التساؤل حول أعمال اللجنة، لكن نحن كأعضاء لم نكن نريد أي صدام منذ البداية، ولازلنا على هذا الرأي، لأننا تفاءلنا وقت أن جرى تشكيلها. لكننا حاليًا غير متأكدين من قدرتنا على النجاح لأن «الموج عال». إذ ندرك منذ اليوم الأول أن دور اللجنة استشاري. لذلك نحن راضون عن المقترحات التي تقدمنا بها «الدولة تاخد بيها أو لأ ده شيء تاني لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي كما ذكرت لأننا لن نستخدم كمحلل لعمليات الهدم».
وأكد أن اللجنة تقدمت في وقت سابق بطلب لوقف كافة الأعمال الجارية داخل المنطقة من هدم، لكنها لم تتلقى ردًا بخصوص هذا الاقتراح.
مقترحات لمشكلة المياه الجوفية
أما بخصوص الاقتراحات حول تشجير المقابر. يقول عضو اللجنة: “أحد أعضاء اللجنة قام بدراسة المسألة بشكل تفصيلي. إذ خلص إلى نتيجة تشير لإمكانية تشجير المقابر، وإقامة حدائق عليها. حيث إن تشجير المنطقة سيساهم في سحب المياه الجوفية، وكذلك المياه الأرضية التي تهدد سلامة المقابر. أما بخصوص المقابر التي جرى إزالتها بالفعل فيمكن أن تستخدم كحدائق. وفي هذه الحالة سيكون دورها هو سحب المياه الجوفية من الأسفل. ومن ثم يتم يتكون ما يشبه البحيرات، وهذه البحيرات ستساعد على تبخير المياه الجوفية الموجودة بالمنطقة. فالهدف من عمل حدائق وأشجار، ليس تزويد المياه الجوفية داخل المنطقة، لكن الهدف هو التخلص منها بشكل كامل. فالمياه الجوفية لها حلول هندسية كثيرة، يمكن بسهولة التخلص منها”.
وعلى جانب آخر صرح مصدر مطلع صرح لـ«باب مصر» وقال: “اللجنة التي جرى تشكيلها لبحث وضع مقابر القاهرة التاريخية ليس لها أي سلطة في الوقت الحالي لوقف أعمال الهدم الجارية داخل مقابر القاهرة التاريخية، وطوال الفترة الماضية كانوا يأملون أن يتم الاستجابة لمقترحاتهم”.
وأضاف: كل ما قامت به اللجنة خلال الفترة الأخيرة، هو متابعة ما يحدث، ومن ثم رفع التوصيات للجهات المسؤولة. إذ أكد ما قاله عضو اللجنة وأشار إلى أن اللجنة طالبت بالفعل في وقت سابق وقف أعمال الهدم لحين الانتهاء من إعداد التقرير النهائي لكنها لم تتلق ردًا.
نية غير محتملة
وحول إطلاع اللجنة عما يحدث داخل المقابر أوضح أن اللجنة لا تعلم شيئًا، ولا أحد يبلغها بأي خطوة تحدث داخل القرافة، ولم يطلعها أحد على مجريات الأمور، والمستجدات «كل اللي اتقال ليهم إن المشروع والتصور اللي تقدموا به تم قبوله، لكن على أرض الواقع الأمور كانت مختلفة تمامًا لأن الهدم مستمر».
استقالة قريبة
وتوقع المصدر أن الهدم سيستمر خلال الفترة المقبلة، إذ أوضح أن المشروع الذي تقدمت به اللجنة يمنع الهدم بشكل كامل، لكن ما جرى على أرض الواقع كان العكس إذ جرى هدم المقابر، وكان أخرهم هدم مدفن عتقاء الأمير إبراهيم حلمي.
وعن إمكانية إصدار اللجنة لبيان صحفي لتوضيح الأمور للرأي العام والمهتمين بالتراث، أوضح أن الأمر لم يناقش على نطاق واسع بين أعضاء اللجنة، لكنه أشار إلى أن استقالة أعضاء اللجنة باتت خطوة قريبة جدًا وأن الأيام المقبلة ستشهد مستجدات نظرًا لعدم الاستجابة لأيًا من هذه النداءات.
مصدر آخر داخل اللجنة أكد لنا صحة هذه المعلومة، حيث أشار إلى أن فكرة الاستقالة باتت قريبة جدًا حاليًا، رغم أملهم في أن تتوقف أعمال الهدم الجارية، وأن يتم التراجع عنها بشكل كامل.
عدم المساس بالمقابر
يذكر أن موقع «باب مصر» قد انفرد في وقت سابق بنشر تفاصيل ما اتفقت عليه اللجنة من خطة لمسألة المقابر والجبانات فقد توصلت اللجنة لعدم جدوى مشروعات الطرق التي كان من المزمع تنفيذها. إذ أثبتت الدراسات التي أجريت عدم جدوى هذه المشروعات بشكل كامل، لذلك رأت اللجنة ضرورة الحفاظ على موقع الجبانات وعدم المساس بها، بأي شكل من الأشكال، والتخلي عن المشروع بشكل كامل.
واقترحت اللجنة خلال اجتماعاتها تخصيص مسارات زيارة داخل الجبانات، مع مراعاة عدم المساس بأي من المقابر الموجودة داخل المنطقة. كما تم طرح العديد من الحلول حول مشكلة المياه الجوفية، والأرضية «المجاري» الموجودة بالقرافة، إذ اتفقت على ضرورة معالجتها بشكل كامل.
حلول متنوعة
كذلك رأت اللجنة أنه من الضروري الاكتفاء بما تم داخل المنطقة خلال السنوات والأشهر الماضية، والاكتفاء فقط بالجزء الذي جرى هدمه واستخدامه كطريق، مع عدم المساس بأي جزء داخل المنطقة، والمحافظة عليها بشكل كامل كما هي، فوفقًا لدراسة الجدوى أيضًا فالمنطقة باتت قادرة على استيعاب حركة السيارات بشكل كامل؛ وبالتالي لا يوجد أي ضرورة لاستكمال المشروع الذي كان من المزمع تنفيذه.
وكانت من ضمن الاقتراحات والبدائل تخفيف الضغط على شارع صلاح سالم، وتزويد الضغط على محور الحضارات، وطريق النصر، مع توفير مسارات خدمة داخل الجبانة الجنوبية، ناحية قبة رقية دودو، باعتباره مدخل ديني للقادمين إلى هذه المنطقة حتى الإمام الشافعي، والإمام الليث، وغيرها من مقابر هامة داخل المنطقة.
اقرا أيضا:
هدم حوش عُتَقاء الأمير إبراهيم حلمي.. ومدفن علي باشا فهمي تحت التهديد
بلدوزر «الحكومة» يواصل دهس جبانات القاهرة
للاشتراك في خدمة باب مصر البريدية اضغط على الرابط التالي: