اتغرفت نشتي.. الحضن الشتوي الدافئ في بيوت سيوة زمان
كتب – محمد جيري
تقع واحة سيوة في نطاق جغرافي شديد الحرارة صيفا، خاصة في شهري يوليو وأغسطس، وشديد البرودة شتاء خاصة شهري ديسمبر ويناير، لذلك فقد وظف الإنسان السيوي خامات الطبيعة التي حباها الله بها، لبناء بيته منها، وتتميز هذه الخامات الطبيعية بالتكيف مع طبيعة المناخ بالواحة، فيقوم الأهالي باستثمارها في بناء منازلهم، وهذه الخامات هي مادة “الكرشيف”، وهو مزيج من الملح والطين المتكلس، والطينة، وجذوع النخيل وفلق الزيتون.
قام الأهالي منذ القرن الثاني عشر الميلادي، ببناء قلعتهم المحصنة، واسموها شالي أي “البلدة”، وكذلك البيوت عقب نزولهم من القلعة المحصنة عام 1926م.
والبيت السيوي وفقا لما يقوله سليمان عبدالله، رئيس مجلس إدارة جمعية أبناء سيوة للخدمات السياحية، والحفاظ على البيئة يتكون من طابقين، لأنه كان بيتا للعائلة، وليس للأسرة الصغيرة، وتكون مبانيه عريضة للحفاظ على درجة الحرارة به صيفا وشتاء.
وأهم ما يميز البيت السيوي وفقا لعبدالله وجود “اتغرفت نشتى”، أي “الغرفة الشتوية” وفقا للهجة السيوية.
حيث تكون الغرفة جنوب البيت، وتتكون من مستلزمات المائدة وأهمها، “الطبلية، طبق من الخشب، مغرفة خشبية، أدوات البهارات مثل الهون، كما يوجد بالغرفة الشتوية الكانون، والمنقد، وأدوات الشاي المصنوعة من الفخار، وتفرش بالكليم والسجاد، والوسائد السيوية.
وفقا للموروث الشعبي في سيوة، يقول سليمان، إن الغرفة الشتوية مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة شتاءً تصبح ملاذا لساكني المنزل، يجتمعون به لتناول الطعام وشرب الشاي، أو المشروبات الطبيعية الدافئة، ويتبادلون الحديث معا.
والغرفة الشتوية بالبيت السيوى تعتبر مصدرا لغرس القيم الحميدة لحديثي النشء، حيث دور الجدة في استقطاب الأحفاد وحديث المساء لترسيخ الفضائل من خلال الحدوتة والحكايات التي تسردها في سرد ممتع وشيق وسلس.
وحيث لم يكن آنذاك بسيوة وسائل للإعلام، والتواصل، كما عليه الحال الآن، فقد كانت الغرفة الشتوية ملاذا شتاء من البرد ومدرسة تربينا من خلالها على القيم، والاخلاقيات، واستمر دور الغرفة الشتوية على هذا المنوال حتى أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، قبل دخول أنماط الحياة الحديثة في البناء والتحضر.
تعليق واحد