أنشطة ثقافية متنوعة بـ”معرض الكتاب الأول ” في دشنا
تعميقا للفكرة وجعلها أكثر حيوية، كان على مطلقي مبادرة “معرض الكتاب الأول ” بدشنا، أن يزينوا الحدث بأنشطة ثقافية تربط المضمون العام للمبادرة، وهو حماية ثقافة القراءة من الاندثار بالمجتمع المحلي من خلال عقد حلقات نقاشية وقراءات في كتب مبدعي دشنا المعروضة لخلق جو من التفاعل الثقافي.
وكانت باكورة الفعاليات الثقافية لـ”المعرض” قد انطلقت مساء الجمعة ، وانقسمت إلى ثلاث جلسات نقاشية لكتب مبدعي دشنا المعروضة وشملت الجلسات، قراءات نقدية وعروض ومحاورات وسط حضور شعبي تفاعلي.. “ثقافة وتراث” يرصد في التقرير التالي بعض نفحات عرس دشنا الثقافي الأول.
دهشة
“أدهشتني”، هكذا عبر الناقد فتحي حمدالله، عن أولى روايات القاصة والمسرحية سحر محمود “رقصة كيميا” عن دار ورقات للنشر، وعرض حمدالله لقراءته النقدية للرواية والتي احتفت بالنص من حيث الموضوع والفكرة والسياق، وإن عابت على الكاتبة تعدد العناوين الفرعية مقارنة بحجم الرواية الصغير، كما أن نهاية الرواية من وجهة نظره كانت صادمة بموت بطلة الرواية “كيميا”، وألمح حمد الله أن استلهام الروايات والقصص من الحكايات التاريخية أصبح أمر شائع بين معظم كتاب الرواية حاليا.
وألمح إلى أنه تصادف صدور رواية وليد علاء الدين “روح كيميا” تزامنا مع صدور رواية “رقصة كيميا”، ومن قبلهم الكاتبة التركية (أليف شفق) في رواية ” قواعد العشق الأربعون”.
وتلفت سحر محمود، كاتبة الرواية، إلى أن الرواية تعد التجربة الأولى لها في عالم الرواية، مشيرة إلى أنها حاولت أن تضفي نوعا من التشويق في استخدام عناوين فرعية لكل فصل في الرواية، كما راعت أن تكثف الأحداث وألا تسهب في التفاصيل لتسمح لخيال القارئ بالتحليق مع روح كيميا، وهى تخرج من جسدها، حين رقصت رقصتها الأخيرة، وتعليقا حول صدمة النهاية في القصة،وتوضح أن معظم كتب التاريخ تعاملت مع كيميا كقاتلة ومجرمة ولكنها في قصتي كانت ضحية الإهمال والتجاهل والقتل المعنوي الذكوري.
وثائق
وفي محاورته مع الكاتب الصحفي محمود الدسوقي، في كتابه الأول “وثائق مأذون الدرب الأحمر”، عن دار ورقات للنشر، يلفت الكاتب، إسلام عزاز إلى أن الكتاب يتعرض للتاريخ الاجتماعي في حقبة الثورة العرابية من خلال وثائق مأذون الدرب الأحمر “خليفة “، ويشير إلى أن الدسوقي نجح في أن يتخلص من الكتابة الأكاديمية لصياغة التاريخ القائم على قراءة وتحليل الوثائق من خلال عرض السياق في أسلوب سرد صحفي أدبي يقترب إلى منطقة القصة أو الرواية، مع الاحتفاظ بمصداقية السياق العام للإحداث القائم على الوثيقة التاريخية، ملمحا إلى أن الدسوقي كأنه استحضر روح المأذون خليفة ليروي له حكايات الزواج والطلاق وتأثيرات الأحوال السياسية على المواطن المصري في ذلك العهد.
ويقول محمود الدسوقي، أن الكتاب اتبع أسلوب استنطاق الوثيقة من خلال الغوص وراء التفاصيل، ومحاولة فهمها من خلال ربطها بالأحداث السياسية والاقتصادية الجارية وقتها، للوصول إلى صورة تقريبية عن التاريخ الاجتماعي للإنسان المصري في ذلك الوقت.
ويوضح، أن أبطال الأحداث هم من العمال والصنايعية والذين تأثروا بالحالة الاقتصادية التي تبعت ثورة عرابي، وأدى ذلك إلى تعدد حالات الطلاق، كما أن بعض الوثائق ترصد بعض الطقوس الاجتماعية المرتبطة بالزواج في تلك الفترة، ومنها ضرورة أن يعقد القران في أضرحة آل البيت والصالحين.
ويوضح الدسوقي، أن سر إعجابه بشخصية خليفة المأذون، أنه طبقا لقراءته لوثائقه تم إيقافه عن الخدمة وأعيد إليها بسبب أنه كان من أنصار عرابي، وبرغم ذلك فقد تحدى السلطة حين كان أول مأذون يوثق لعقود الزواج والطلاق قبل صدور الأمر العالي بذلك في عام 1879، ملمحا إلى أن الكتاب ينتصف للمأذون كما انتصف لأبطال أحداث وثائقه.
سفر
وفي دراسته النقدية المختصرة لديوان الشاعر حمدي حسين الثالث “سفر على ضهر طير بالنفر” الصادر أيضا عن دار ورقات للنشر، بعد ديواني (سكاكين وكفوف)، وديوان (مشهد متعدد لخروج الروح)، يشير الشاعر والناقد عبدالنبي العبادي، إلى أن فكرة الديوان الرئيسة هي السفر إلى جهات مختلفة ولكن بوسيلة واحدة وهي ظهر الطير فرادى، والتي عبر عنها الشاعر بالنفر.
ويلفت إلى أن الشاعر جعل من العنوان نصا موازيا للديوان حين وضع قصيدته الأولى والتي تحمل نفس العنوان في صدر الديوان، ملمحا إلى اللمحة الصوفية الواضحة والتي تمثلت في العنوان الفرعي (نفحات من العامية المصرية)، كأن الشاعر يلوذ بتراث العامية القديم متسلحا بعمق اللغة الشعرية بحكم كونه من أبناء الجنوب، ولفت العبادي إلى أن نبرة الحزن تبدو واضحة في صوت الشاعر المهموم بالإنسان المطحون الباحث عن عيشة كريمة، ويمتزج الشاعر مع الإنسان حين يختم قصيدته قائلا: “أمانة الفاتحة على روحي يا مستمعين، أقروا الفاتحة على الإنسان”.
ويشير الشاعر حمدي حسين، إلى أن مشروعه الشعري يطرح معاناة وهموم الإنسان المجرد عن أي اعتبارات فكرية أو أيدلوجية، ليبوح إلى روح الشاعر بأسرار نفسه من لحظات ضعف وقوة، وفي النهاية أمتع الشاعر الحضور بإلقاء قصيدته “سفر على ضهر طير بالنفر” والتي تفاعل معها الحضور بشكل كبير.
اللمحة
وفي حديثه عن تجربته في عالم القصة القصيرة، يصف القاص الشاب أحمد أبودياب، ابن نقادة، والفائز بجائزة الشارقة، القصة بأنها تشبه اللمحة التي تمر سريعا في تكثيف وتركيز ورمزية، بعكس الرواية والتي تغرق في التفاصيل وترتبط بخط زمني متسلسل.
ويلفت أبودياب، إلى أن أبطال قصصه هم كل الكائنات بتعدد أجناسها سواء من الإنسان أو الحيوان أو حتى الجماد، موضحا أنه يعمل في إطار المشروع القصصي والذي يركز على فكرة رئيسية للمجموعة القصصية، وفي مجموعته “التقاط الغياب”، الفائزة بجائزة الشارقة، كانت الفكرة هي لقطة الغياب لأي كائن، موضحا أنه تأثر في كتاباته بالأدب الإنجليزي بحكم دراسته، كما تأثر في بداياته كشاعر وكاتب مسرح، لافتا إلى أنه يسعى إلى إنتاج منتج أدبي عالمي، ونفى أن يكون همه الأول الحصول على الجوائز، معتبرا أن الجائزة مجرد محفز للمبدع على الاستمرار في الإبداع.
17 تعليقات