أماكن منسية في مصر: قصر «جودة مليك» شاهد على تاريخ قوص
على الطراز الروماني شُيد قصر «جودة مليك» بمدينة قوص جنوب محافظة قنا، في نهاية القرن الماضي. إذ يعتبر أحد القصور القديمة المبنية بهذا الشكل ولازال موجودا حتى الآن، وتم إدراجه هذا العام من قبل الآثار كأثر شاهد على المدينة.
قصر جودة مليك
يحكى عادل يعقوب جودة، حفيد جودة مليك لـ”باب مصر” ويقول: “القصر بناه جدي في عام 1925، على الطراز الروماني. واستخدم فيه الزجاج الملون والأرضيات الملونة أيضا وكانت جميعها مستوردة من الخارج. فالقصر يعتبر من القصور النادرة التي بنيت على هذا الطراز في قوص، كما أنه يأخذ شكلا معماريا مميزا عن المباني الأخرى”.
وتابع: القصر مكون من ثلاثة طوابق، الأرضي عبارة عن صالة وأربع غرف واسعة، والمطبخ كان يوجد في حوش المنزل. وبعد الانتهاء من إعداد الطعام يتم نقله للطابق الثاني حيث مكان تناول الطعام المخصص لذلك.
يوضح يعقوب، أن الدور الأرضي به غرفة تضم مكتب جده، ولازالت موجودة حتى الآن. حيث السقف الخشبي والأبواب الخشبية الكبيرة، التي تأخذ الطراز الروماني القديم. وتم تخصيص غرفة لجده حينما أصيب بمرض القلب بالدور الأرضي، لعدم تمكنه من الصعود للطابق الثاني، وكان مرض القلب غير معروف وقتها حتى وفاته عام 1957.
صحن القصر
أما السلالم مصممة بطريقة قديمة أيضا مفتوحة على صحن القصر، حيث انتشار الضوء في القصر قبل دخول الكهرباء. وكانت العصافير تنتشر فيه، وينوه بأنه تم بناء القصر على ضوء الكلوب القديم الذي كان يعمل بالجاز الأبيض. حيث إن الكهرباء دخلت قوص في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
ويذكر يعقوب أن المياه أيضا لم تدخل قوص في هذا الوقت، فكانت توجد طلمبة مياه في حوش القصر، تعمل يدويا. حيث السباكة القديمة، وحتى الآن لم يدخل القصر سخانات مياه، وكل هذه الأمور تعتبر من التراث بالنسبة إلينا.
يقول يعقوب: السطوح مفتوح ويأخذ شكل هندسي مميز من الخارج. وكان به برج حمام كبير جدا خلال حياة جدي، ولكن تم هدمه الآن، وبه أيضا خزان مياه قديم، ونحن تركنا القصر. فنأتي لنقيم به أقل من شهرين خلال العام أنا وأخي نتبادل فيه الزيارات بشكل سنوي. ونقوم بفتح القصر والمكوث فيه لأننا نرتبط به ونحبه كثيرا ونحب الحياة فيه، ولكن أعمالنا في القاهرة فنقضي معظم أوقاتنا هناك.
ويشير إلى أن القصر كان يوجد به تليفون قديم جدًا عليه صورة للملك. حيث درس والده الثانوية العامة بقنا، والتحق بجامعة الملك فؤاد الأول وقتها (جامعة القاهرة حاليًا).
مجلات قديمة
يحتوى القصر على مجلات قديمة مثل مجلة “الاثنين” التي كانت تصدر أسبوعيا قديما، وتضم أخبار الملك. كما توجد كتب خاصة بالتربية القومية مطبوع عليها صورة الملك في الغلاف أيضا. وهناك كتب قديمة أخرى أدبية وثقافية، وبعض الأدوات والتحف القديمة، التي جمعها صاحب القصر في غرفة واحدة بالطابق الثاني، مغلقة حتى الآن.
يقول يعقوب عن جده: “جودة مليك كان أحد أعيان قوص خلال القرن الماضي. إذ كان مهتما بالبناء المعماري والقراءة وحرص كثيرا على تعليم أولاده. حيث التحق إسحاق ويعقوب بجامعة الملك فؤاد الأول، وكانا من القلائل اللذان تعلما في قوص خلال هذه الفترة”.
قصور الأعيان
يضيف ممدوح بعيش، 70 عاما، أحد أبناء قوص، أن هذه القصور كان يبنيها الأعيان فقط في قوص، على شكل معماري معين، بعيدا عن العشوائية. فهذا القصر يعتبر من آثار المدينة. كنا نتبادل الزيارات فيه قديما، وكان علاقتنا وطيدة جدا جميعنا.
ويشير إلى أن قصر جودة مليك، هو القصر الوحيد المبني على الطراز الروماني. ويوجد أيضا قصور طوبيا وسويح، ولكل منهما طريقة معينة في البناء أيضا بخلاف قصر جودة.
ويحكي ماجد عادل إسحاق جودة مليك، أحد أحفاد جودة مليك، أنه يأتي مع والده كل عام مرة لقضاء أيام في القصر. يقوم فيها بالتجول داخل القصر، ورؤية الطراز المعماري له. وفي كل مرة كأنما يراه للمرة الأولى بسبب طريقة بناء الغرف والزخارف والأشياء الموجودة بالقصر. حيث يشعر براحة نفسية بين أروقته.
اقرأ أيضا:
تراكمت عليها الرمال| مقابر إسنا التراثية تستغيث.. ومطالبات بتسجيلها