أطلس «مياه المتوسط»: كيف يمكن أن نفهم تأثير التغير المناخي على المدينة؟

أقيمت مساء الأربعاء الماضي بمعهد جوته بالإسكندرية ندوة «أطلس المياه في البحر المتوسط». شارك فيها عدد من فناني المتوسط ممن أسهموا مع مجموعة من العلماء في وضع خرائط تفاعلية توضح تأثير تغير المناخ على المناطق المتعددة في منطقة البحر المتوسط. يطرح الأطلس أسئلة حول علاقتنا بالمياه في الماضي والحاضر، وتأثير ندرة المياه على التعايش الإنساني…فضلا عن سؤال يخص المستقبل.

تأثير التغير المناخي ليس بعيدا عنا

الدكتور عماد خليل أستاذ الآثار البحرية ومدير مركز الآثار البحرية أكد أننا إذا لم نعرف ما لدينا لن نعرف كيف نحميه. ذلك أننا لا نعرف سوى 5% مما تحت الماء ومعظم ما نكتشفه يكون من قبيل الصدفة. على عكس ما يحدث في دول أخرى من دول حوض البحر المتوسط التي لديها خطة للكشف الدوري على ما تحت المياه. ويستطرد خليل: هناك العديد من التغيرات المناخية التي بدأت في تسبب بعض الخلل في النظام البيئي البحري. حدث أثناء قيامي بمهمة في موقع في الساحل الشمالي الغربي بالقرب من مرسى مطروح، أن وجدت سمكة lionfish تسبح بالقرب مني، وهو نوع من الأسماك موجود في البحر الأحمر وليس المتوسط. هذا السمك تحديدا إذ زاد عدده ستكون كارثة محققة لأن هذا النوع يقتات على السمك الصغير مما سيؤثر على الثروة السمكية، وأكد أن هذا مثال بسيط على تأثير تغير المناخ علينا.

قطع الاتصال مع نهرالنيل

ويضيف خليل أن الاسكندرية ليست أهميتها في جمال شكل الكورنيش أو الميناء، إنما في تواصل هذا البحر مع النيل. ويؤكد: «حينما فقدنا هذا التواصل مع النيل في العصر الإسلامي كنا في اضمحلال شديد، أثر على الإسكندرية بشكل مرهق».

أما زياد مرسي فيتفق مع أهمية ما قاله خليل حول أن البحر المتوسط في الإسكندرية كان يملك عدة مفاتيح للتواصل مع النيل، فعاد بنا إلى الماضي وسرد لنا تاريخ بحيرة مريوط في العصور القديمة يقول مرسي: «كانت البحيرة أكبر بكثير مما هي عليه الآن، ولم يكن لها فتحة تربطها بالبحر الأبيض المتوسط، إنما كانت تتغذى بمياه النيل عبر عدد من القنوات. لكن بحلول القرن الثاني عشر، تضاءلت البحيرة بسبب غلق القنوات لتتحول إلى مجموعة من البحيرات المالحة والمسطحات الملحية».

ويستطرد مرسي، أنه قبل قرنين من الزمان، كانت مياه عذبة لكن بحيرة مريوط تعرضت للكثير من الدراما ففي عام 1801، قطع البريطانيون القناة كجزء من حصار الإسكندرية، مما أتاح اندفاع كبير لمياه البحر من بحيرة أبو قير إلى بحيرة مريوط. لم تعد بحيرة أبو قير موجودة، وأصبحت بحيرة مريوط قليلة الملوحة بدلاً من أن تكون عذبة.

عندما فتح البريطانيون البحيرة على البحر نكاية في نابليون تسبب ذلك في فيضان المياه المالحة مما دمر 150 قرية. قام البريطانيون بقطع السدود بإعادة ملء بحيرة مريوط بحيث استعادت فجأة رقعتها القديمة، وأصبحت مليئة بالمياه المالحة بدلاً من المياه العذبة، وصارت ضحلة جدًا للملاحة. وفقدت الإسكندرية اتصالها بالنيل.

ما الذي يمكن فعله على البحر

 يحدثنا أحمد ياسين أحد مؤسسي «مؤسسة بانلاستيك» المعنية بمشكلة التلوث البيئي. عن أهداف المؤسسة لمنع البلاستيك الأحادي وطرحها حلول وبدائل صديقة للبيئة، كما أنها تسهم في تنظيف الشواطئ في مختلف المحافظات. يطمح ياسين أن تكون المشاركة سواء في تنظيف الشواطئ أو في نشر الوعي تجاه ما يفعله البلاستيك في البيئة كشيء مقدس. ينظر ياسين إلى نقطة أبعد مما نقف عليها الآن فيخبرنا أن من يعاني هم الجيل الأصغر لأن هذا هو مستقبلهم. وهذا ما يدركه المتطوعون ويكون حافزهم الأول لنشر الوعي والمساعدة في حجب البلاستيك.

أما بالنسبة لمنة الله حمدي ومحمد مهاب أصحاب مبادرة “ع البحر” فإن حافزهم لهذه المبادرة كان الاهتمام بتباين القصص عبر العصور حول هوية الكورنيش/ وهى قصص  تتغير باستمرار. مثلا الشواطيء التي نرتادها اليوم بأريحية كانت حمامات خاصة للأثرياء. وأننا إذا مددنا الخط على استقامته تاريخيا سيكون من الصعب التنبؤ بمستقبل هذا الكورنيش. يهدف مشروع “عالبحر” إلى رصد قصص البشر وسلوكهم وحياتهم الاجتماعية التي تماست مع كورنيش الإسكندرية، وطرح أسئلة حول ما تأثير كل منهم على الآخر عبر الزمن، وإلى أين يمكن أن يأخذنا هذا التغير المستمر في شكل الكورنيش واستخداماته.

عالم مواز تحت الأرض

وعلى هامش الندوة، أقيم معرض للفنانة مي كريم قدمت فيه «رواية مصورة» تسلط فيها الضوء على نظام إمدادات المياه القديم في الإسكندرية وهي عالم الصهاريج. تدور أحداث الرواية في مدينة الإسكندرية عام 1977 حيث تتجول نادية الزوجة الشابة مع زوجها في وسط المدينة عندما ينهار الشارع فجأة ويبتلعها. تختفي نادية دون أثر. أين اختفت؟

يحاول محمد كسبر في نصه أن يقدم إجابة على السؤال في نصه المشارك المعرض الملحق المقام في المنيا. حيث يتخيل كسبر حياة نادية قبل ان تنزل الى الصهاريج وبعد أن نزلتها وقررت أن تكتشف العالم السحري للصهاريج، ولا تعود لسطح المدينة مرة أخرى.

اقرأ أيضا:

حوار| الفنان التشكيلي محمد جوهر: المشي في الإسكندرية كأنها المرة الأولى