أسطورة فيلا فريناند المبنية على غرار بيت دمى الأطفال
في منطقة الحي الأفرنجي أحد تفرعات شارع الجمهورية ببورسعيد؛ تقع “فيلا فريناند”، المشهورة خطأ بفيلا “ديليسبس” و”فرديناند ديليسبس”، الدبلوماسي الفرنسي صاحب فكرة مشروع حفر قناة السويس، الذي فاز بالامتياز الأول لإنشاء قناة السويس في 30 نوفمبر عام 1854، حسب ما أشار كتاب “السخرة في حفر قناة السويس”، تأليف عبدالعزيز الشناوي.
فيلا فريناند
يوضح المهندس محمد حسن، مؤسس مبادرة بورسعيد على قديمه، أن فيلا “فريناند” المشهورة خطأ بفيلا “ديليسبس” شيدت على الطراز القوطي، وبها زخارف ذات طابع مميز، يوجد أعلى باب الفيلا لافتة رخامية مكتوب عليها اسم باللغة الإنجليزية “فيلا فريناند”، ما جعل الأمر يختلط على أهل بورسعيد، لأن ديليسبس كان اسمه الأول فرديناند الذي تشابه مع اسم صاحبة الفيلا “فريناند” في أغلب الحروف، والاختلاف في زيادة حرف “د”، و على الباب الخشبي للفيلا يوجد لوحة معدنيه صغيرة مكتوب عليها “ميشيل شفيق ميخائيل”، و هو اسم من انتقل إليه ملكية الفيلا.
يشير محمد حسن إلى أن تاريخ بناء الفيلا يرجع إلى فترة ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت ملك فرنسيين، لكن الفيلا لم يسكنها ديليسبس لأنه توفي عام 1894، وفقا لتوثيق الخرائط في ذلك الوقت، أما سكن ديليسبس كان في “حديقة البيت الحديد” نقلا من كتاب موسوعة تاريخ بورسعيد للمؤرخ ضياء القاضي.
اسطورة فيلا فريناند
يقص حسن: أن هذه الفيلا حملت كثير من الروايات والأساطير، فالفيلا لفتاة تدعى “فريناند”، كان يعمل والدها في شركة قناة السويس العالمية، وبني هذا البيت بحجم صغير يبلغ ارتفاعه دورين، وملحق ببدروم وأسقفه غير مرتفعة، حتى يشبه بيت العرائس اللعبة، إذ تتخيل للحظة أن من يسكن هذه الفيلا من الأقزام.
ويتابع: ” يقال في الماضي أن في فناء هذه الفيلا نافورة كان لا ينقطع عنها الماء، حتى إذا انقطعت عن بورسعيد بأكملها، وأعتقد أن قد تكون هذه الأسطورة صحيحة؛ ففي خمسينيات القرن الماضي كان البحر يصل إلى المنطقة الخلفية للفيلا، التي انحصر عنها الآن البحر، وأصبحت مليئة بالمعمار والفيلات بما تعرف بمنطقة “طرح البحر”، وإذا كانت هذه الاسطورة حقيقية أم لا إلا أنها جعلت هذه الفيلا خالدة في أذهان أهل بورسعيد”.
ويعبر المهندس محمد حسن عن أسفه قائلًا: إن “حاليا لوحظ وجود تخريب في مبنى الخدم الذي يقع خلف مبنى الفيلا، كما أن كان هناك في الماضي من صور الفيلا قديما تمثال للوالي محمد سعيد با شا، التي سميت على اسمه مدينة بورسعيد، هذا التمثال اختفى ولا نعلم حتى يومنا هذا أين هو، وهذا التمثال موثق في موسوعة تاريخ بورسعيد للمؤرخ ضياء القاضي”.
يكمل: انتقلت ملكية الفيلا بعد “فريناند” لأكثر من مالك، وحاليا مالكها رجل أعمال أغلقها ولا يوجد داخلها إلا حارسها، وحتى الآن لا نعرف ما سيؤول له مصير هذه الفيلا ذات الطراز المعماري المميز.
وتقول هند حمد الله، مصورة فيديو من بورسعيد، إن “فيلا “فربناند” المشهورة خطأ بفيلا ديليسبس من التراث المعماري المهمل في بورسعيد، وأنها لم تسمع عن الفيلا رغم أنها مواطنة بورسعيدية إلا من تسع سنوات فقط، فكثير من المعمار التراثي في بورسعيد يتعرض للإهمال والهدم”.
تمثال ديليسبس حبيس المخازن
وعن تمثال فريندناد ديليسبس، الذي كان يقع على الجهة الغربية للمدخل الشمالي لقناة السويس، يوضح هاني حسن، مواطن بورسعيدي مهتم بتوثيق التراث، أنه منذ أكثر من خمسين عامًا، وخاصة بعد العدوان الثلاثي تم إسقاط تمثال ديليسبس وما يوجد الآن هو قاعدة التمثال”.
ويضيف سيد عبدالمعطي، سائق تاكسي في بورسعيد، أن ما يعلمه أن التمثال منذ زمن موجود في مخازن ورش الترسانة البحرية ببورسعيد منذ عام 1956 عقب العدوان الثلاثي في مصر، ومنذ وقت قريب كان هناك جدل حول إعادة التمثال إلى قاعدته بين الرفض والترحيب من أهالي بورسعيد.
ويوضح المهندس محمد حسن، مؤسس مبادرة بورسعيد على قديمه، أن هناك أكثر من رواية حول إسقاط التمثال؛ فهناك رواية تقول إن أهالي بورسعيد هم من أسقطوا التمثال بعد المذابح التي قام بها المرتزقة، الذين جلبهم الإنجليز في أهالي جنوب بورسعيد وبور فؤاد، وسقوط العديد من الضحايا، مما زاد غضب الأهالي الذين اسقطوا التمثال، وهناك رواية أخرى تقول إن ضباط الصاعقة المصريين بتأيد من شعب بورسعيد هم من أسقطوا التمثال، وفي كلا الروايتان أزيل التمثال، لأنه كان يرمز للاستعمار ووضع من وقتها في مخازن الترسانة البحرية وكانت حالته صعبة جدا.
ويتابع: “في فترة تسعينيات القرن الماضي قام مؤسس أصدقاء ديليسبس الفرنسية بترميم التمثال المصنوع من البرونز، وإعادته إلى حالته الأولى، وبعدها قاموا بمحاولات عدة وعروض مع القيادة السياسية لإعادة التمثال إلى قاعدته، لكنه كان يقابل كل مرة بالرفض، كونه رمز للاستعمار، وبين حين وآخر تأتي هذه الجمعية الفرنسية لإلقاء نظرة على التمثال وترميم ما يحتاج فيه إلى ترميم على أمل عودته إلى قاعدته.
وعن مشروع حفر قناة السويس يذكر في كتاب “قناة السويس تاريخها ومشكلاتها”، ترجمة انجلو سماركو وفقا للوثائق المصرية الأوروبية، أن كان هناك تسابق وتصارع بين الدول الأوروبية فرنسا وإيطاليا وإنجلترا حول تقديم فكرة مشروع يصل البحر الأحمر بالمتوسط، والذي بدأت فرنسا متمثلة في الأخوين سيمون بتقديم فكرة المشروع في فترة حكم محمد علي، لكنه قوبل بالرفض؛ لخوفه أن تكون ذريعة لتدخل فرنسا والدول الأوروبية في شؤون مصر.
ويقص محمد حسن، مؤسس مبادرة بورسعيد على قديمه، أنه “بعد رفض محمد علي مشروع الأخوين سيمون، وبعد 30 عامًا من تقديم المشروع وتحديدا في عهد الخديوي محمد سعيد؛ أخرج الفرنسي “فرديناند ديليسبس” فكرة المشروع و طرحها على الخديوي سعيد، الذي منحه الإمتياز الأول لحفر قناة السويس، وأنشأت 3 مدن السويس والإسماعيلية ومدينة بورسعيد، التي يرجع تاريخ إنشائها إلى 25 أبريل عام 1859، وحفرت قناة السويس بيد المصريين وتم افتتاحها بعد 10 سنوات في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869م”.
تعليق واحد