نهى المفتي.. رائدة الرسم برمال البحبيح في مصر
من وحي الطبيعة التي نشأت بها، استوحت الفنانة التشكيلية الشابة نهى المفتي طريقة جديدة للرسم والنحت، من قلب البيئة الصحراوية التي نشأت بها في محافظة الوادي الجديد، عبر استخدام «رمال البحبيح» التي تنفرد المحافظة بوجودها بها، لتصحمم بها أول لوحات وجداريات من الرمال الطبيعية.
كنوز الوادي الجديد
تروي نهى سعيد المفتي أول أستاذ جامعي بقسم الجرافيك في جامعة أسيوط ومن مؤسسيه لـ«باب مصر»، تفاصيل تأثرها بالبيئة الصحراوية التي نشأت بها في قرية قصر الزيات في الواحات بمحافظة الوادي الجديد، وتقول: “القرية التي نشأت بها أثرية، منزل جدي كان مقابلا لمعبد الغويطة ومعبد قصر الزيان، والبيئة المحيطة بنا من تأثير الصحراء كان لها دور كبير في بناء شخصياتنا”.
رمال البحبيح كان وسيلة المفتي في اللعب مع زملائها وأقاربها في السن نفسه أثناء الطفولة، وبطريقة فطرية كانوا يلامسون صخور ورمال البحبيح معا فتتلاصق معا، نتيجة شحنات إلكتروستاتيكية، ويلعبون بها عبر صنع العديد من الأشكال، وبمرور الأعوام لم تصدق أنها ستستطيع توظيف هذه الطريقة لصنع فن رائد في مصر.
حب الألوان والرسم منذ الطفولة، تطور في الكبر عندما التحقت نهى بكلية الفنون الجميلة في الزمالك، وبعدها استكملت الدراسات العليا وحصلت على الماجستير والدكتوراة، وتم تعيينها عضو هيئة التدريس في كلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط، لتصبح من مؤسسي قسم الجرافيك بها، “القسم حديث الإنشاء، وأنا من مؤسسي الكلية والقسم”.
أحجار البحبيح
على مدار عدة سنوات، استخدمت نهى موهبتها في تشكيل رمال وأحجار البحبيح في رسم اللوحات التي شاركت بها في معارض محلية ودولية، وطورت الفكرة بعد ذلك لتصنع من هذه الرمال والأحجار جداريات كاملة، وتقول: “أنا أول من ابتكرت هذا الفن في مصر، ويعتمد على استخدام الأحجار والرمال الطبيعية في صنع أعمال فنية، وهو يتميز عن غيره في الجداريات لأن الرمال الطبيعية المستخدمة ذات ألوان طبيعية وبالتالي لا تتأثر بارتفاع درجات الحرارة أو عوامل الجو والتعرية على عكس الخامات الصناعية”.
نفذت المفتي أول جدارية برمال البحبيح وكانت لجامعة أسيوط، للمشاركة بها في مسابقة أفضل جامعة على مستوى الجمهورية وبالفعل فازت الجامعة بالترتيب الثاني، وتعد هذه أول جدارية مصممة بتقنية الرمل الطبيعي في مصر، حيث استخدمت فيها الرمال الملونة المطحونة من صخور طبيعية (أحجار البحبيح) من محاجر الوادي الجديد، ويصل طولها إلى 9 أمتار.
وتتابع الفنانة التشكيلية: “جاءت الفكرة في صدد مسابقة أفضل جامعة على مستوى الجمهورية واقترحت تنفيذ عمل فريد، وشجعنا رئيس الجامعة للتنفيذ، وتم تكريمه لاحقا من الرئيس على هذا العمل، وحرصت على استخدام المواد الطبيعية في الجدارية، عن طريق السفر من أسيوط إلى الوادي الجديد لجلب الأحجار وطحنها، ثم تضيف عليها مادة البولي إيسلين ومعالجتها ورشها باداة مخصصة، وجمعت الجدارية بين استغلال المواد الطبيعية والحفاظ عل البيئة، وخدمة الجامعة وكذلك الحفاظ على الهوية الواحاتية”.
جداريات طبيعية
وأطلقت على الجدارية اسم «جدارية حضارة أسيوط قديما وحديثا» وتتجمع بين كل الأنشطة في أسيوط مثل الزراعة والصناعة والقناطر والجامعة، والعلم، والدمج بين الموتيفات الشعبية للمحافظتين، أسيوط والوادي الجديد، وتضيف نهى: “لم اجد أفضل من رمال البحبيح في التنفيذ وجلبتها من مناطق متفرقة في الوادي الجديد لأن كل منطقة لها صخور ذات لون معين، وكل أحجار ملونة متفرقة في أكثر من منطقة بعيدة عن بعضها”.
استمر العمل بها شهرين، وتوالت بعدها الجداريات من تنفيذ نهى، ومنها جداريتين بطول 8 أمتار في المنطقة الجنوبية العسكرية، وتقول لـ «باب مصر»: “طلبوني لتنفيذها هناك، لأن الجداريات برمال البحبيح ملائمة للمكان والأجواء فضلا عن ألوانها الطبيعية الصحراوية، وتكون أكثر تحملا للحرارة المرتفعة، وبعد ذلك نفذت جداريتين في جامعة أسيوط الأولى بجوار مبنى مكتب النائب والثانية بجوار كلية رياض الأطفال”.
واجهت نهى بعض الصعوبات خلال عملها على هذا الفن، ومنها التسويق، وتوضح: “حصلنا على السبق في التنفيذ ولكن مازلنا بحاجة إلى التسويق المناسب، وأعمل على ذلك من خلال التوعية بهذا الفن من خلال ورش عمل للطلبة وكل من يريد التعلم، ومساعدتهم في معرفة طرق الحصول على الرمال والصخور من الوادي الجديد، وأتمنى تنفيذ الجداريات في محافظتي بدعم من المحافظ لتجميل المحافظة بدون مقابل”.
تعليق واحد