منسق برنامج الجزائر الثقافي: مشروع الترجمة المشترك متوقف على تخلي الناشرين العرب عن أنانيتهم
في إطار انطلاق فعاليات الدورة الـ”49″ من معرض القاهرة الدولي للكتاب، في الفترة من 27 يناير وحتى 10 فبراير، تحت شعار “القوى الناعمة.. كيف؟”، بمشاركة 17 دولة عربية و10 أجنبية، التقى “ولاد البلد” منسق البرنامج الثقافي لدولة الجزائر في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وعضو إدارة صالون الجزائر الدولي للكتاب، جمال شعلال؛ للوقوف على أبرز الاختلافات بين معرضي القاهرة والجزائر للكتاب، والكشف عن أبرز التحديات التي يواجهها صالون الجزائر، إضافة إلى التعرف على مصير فكرة مشروع الترجمة المشترك المقترح من قبله على الناشرين العرب.. وإلى نص الحوار:
ما الاختلاف بين معرض القاهرة الدولي للكتاب وصالون الجزائر الدولي للكتاب؟
البشر بصفة عامة والعرب خاصة يخافون من الاختلاف، رغم كونه رحمة وتنوع. مصر والجزائر تنتميان إلى نفس العالم، يتشاركان على عدة مستويات؛ اللغة، المصير المشترك، الجغرافيا، التاريخ، الدين، وتحكمهما ضرورة البقاء في عالم اليوم، والمصالح المشتركة للاستمرار في البقاء رغم التحديات التي تقابل كل دولة.
وأشير هنا إلى أن لكل قطر خصوصية على مستويات متنوعة؛ الهوية، الثقافة، التنوع، الأداء اليومي في العادات والتقاليد واللهجة، فعلى سبيل المثال؛ الجزائر أمازيغية، ومصر فرعونية. وأرى أن تنوع العالم العربي ثقافيًا، جمال وثراء. وأعتقد أنه أعطانا صورتين متميزتين لكل من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وصالون الجزائر الدولي للكتاب.
ويتميز صالون الجزائر الدولي للكتاب بخصوصية بلاده؛ فيقع في موقع جغرافي يربط بين قارة أفريقيا، وأوربا، والبحر الأبيض المتوسط، والعالم العربي. فهوية الجزائر؛ مزيج بين بعدها المتوسطي، والأفريقي، والعربي الإسلامي. ولقد انعكس هذا التنوع في معرض الجزائر الدولي للكتاب؛ فيوجد الحضور العربي من خلال مشاركات دور النشر العربية، وكذلك الحضور الأوروبي المتوسطي من خلال الدول الأوربية؛ فرنسا، بلجيكا، أسبانيا، أمريكا اللاتينية، الصين. ويعطي هذا الكم من التنوع الفرصة للقارئ للانفتاح على ثقافات الغير. فأعتبر أن معرض الجزائر الدولي للكتاب؛ جسر ثقافي للتواصل مع العالم من خلال مشروع للترجمة المشتركة بين الناشرين العرب.
أوضحت أنه من الممكن أن تكون الجزائر جسر ثقافي بين العرب والغرب من خلال مشروع الترجمة المشترك بين الناشرين العرب.. كيف؟
أنا شخصيًا لا أؤمن كثيرًا بالرسميات. وهناك معهد عالي للترجمة مقره في الجزائر، وتديره الأديبة الجزائرية إنعام بيوط. ودائمًا يوجد لدي تحفظ على المشروعات التي تسير بشكل رسمي بيروقراطي؛ لأن لها منطقها الخاص من حيث الإجراءات، الميزانيات، والرجوع إلى مجالس الإدارات والاتفاقيات المشتركة؛ ولذلك أرى أن أنجح أدوات الإدارة والتنفيذ؛ هي التي تتم بين المشتغلين في الميدان، وأقصد هنا الناشر.
وأعتقد أن الناشر العربي في مجال الترجمة حاليًا يعاني من التمويل، فالدول التي تقدم أعمالًا مترجمة بصورة كبيرة هي الدول التي تدعم الحكومات فيها مجال الترجمة، ودون الدعم لن يستطيع أي ناشر تحمل مصاريف الترجمة؛ لأنها مكلفة جدًا. ولكن إن تعاون الناشرين العرب فيما بينهم لترجمة طبعات من الكتب توزع على السوق العربية، سيقلل من تكلفة الكتب على الناشرين؛ لأنها تحتوي على مئات الآلاف من القراء، كما أنها ستكون عامل نهضة للقارئ العربي؛ لتمكنه من الاطلاع على كل ما ينتج في العالم.
وأعتقد أن نجاح هذا المشروع يتوقف على ضرورة العمل المشترك بين الناشرين العرب وخاصة في مجال الترجمة، ويمكن أن يكون معرض الجزائر الدولي للكتاب القاعدة التي ينطلق منها هذا المشروع؛ لأنه يجمع بين ثقافات متنوعة؛ أفريقيا، دول البحر الأبيض المتوسط، العالم العربي. فإذا وجدت الإرادة لدى الناشرين العرب، وتخلوا عن أنانيتهم، سينجح هذا المشروع بصورة كبيرة.
إذا هل تم عرض فكرة مشروع الترجمة المشترك على الناشرين العرب؟
في كل مرة تتاح لي الفرصة، أتحدث دائمًا عن مشروع الترجمة المشترك. كما تم اقتراحه على اتحاد الناشرين العرب من قبل. ولكن من وجهة نظري؛ لا يمكن أن يتم هذا المشروع بناء على قرار سياسي، إنما يجب أن يكون في إطار التعاون بين الناشرين أنفسهم بصورة اقتصادية. ومن خلال لقاء بين الناشرين المصريين والجزائريين خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب، سيتم مناقشة المشروع على أمل أن يحدث التعاون؛ ليصبح نموذجًا بعد ذلك في المستقبل.
لكل معرض دولي للكتاب قانون خاص به.. فماذا عن قانون صالون الجزائر الدولي للكتاب؟
لصالون الجزائر الدولي للكتاب، قانون ينظمه بصورة كاملة من حيث مشاركة الناشرين، وطرق شحن الكتب والحجز، وهناك نصوص تتعلق بطبيعة الكتب المشاركة في المعرض. فسوق الكتاب في الجزائر مفتوحة، ولا يوجد لها سقف حرية، فنحن لا نمنع أي أحد من كتابة آرائه، ولكن نحرص على أن تكون الكتب التي تسوق في بلادنا بعيدة كل البعد عن تمجيد العنف، أو الكراهية، أو الإرهاب، أو العنصرية، فهذه الكتب ممنوعة عندنا في الجزائر؛ لأننا نعرف جيدًا آثارها على الناشئين ووجدان المواطنين.
وماذا عن منع كتب تتناول موضوعات الشيعة والتصوف والتنصير من المشاركة في صالون الجزائر الدولي للكتاب؟
في أقل الطبعات مشاركة في صالون الجزائر الدولي للكتاب، نصل إلى أربعين ألف عنوان مشارك. نحن لا نمنع من أجل المنع، وليس بالضرورة ما ذكر في السؤال، ولكن يقوم الناشر بإرسال قوائم للكتب التي يشارك بها، فإذا وجدنا من بين هذه الكتب ما يدعو إلى العنصرية، أو التطرف، أو تمجيد الكراهية، يتم رفضها في الجزائر. وأشير هنا إلى أن كاتب هذه المؤلفات حر في ما يكتب، ولكن غير مقبول بإتاحة مثل هذه الكتب في معرض الجزائر الدولي للكتاب، وأعتقد أن عدد هذه الكتب وصل العام الماضي إلى عشرة إصدارات فقط من أصل 40 ألف كتاب، فالمقارنة بعيدة جدًا، ولا نتحدث عنها أصلًا.
ومن جانب أصحاب تلك الكتب هم يعرفون أنها ممنوعة في الجزائر، ولا يشتكون من الأمر، كما أن أغلب الناشرين الذين يشاركون في الصالون الدولي للجزائر يعرفون النظام الداخلي والقانون الخاص بدولة الجزائر؛ لذلك لا يقترحون مثل هذه الكتب.
كيف يتعامل قانون صالون الجزائر الدولي للكتاب مع الكتب المزورة؟
في الجزائر، يوجد قانون صارم لحماية الملكية الفكرية. فيُرفض بشكل صارم وقاطع أن يطبع كتاب دون حقوق؛ فلا يمكن طباعة أي كتاب دون الحصول على رقم الإيداع الدولي للكتاب من المكتبة الوطنية. ولا يمكن مشاركة أي كتاب في الصالون دون وجود رقم الإيداع. ورغم ذلك لدينا في المعرض لجنة مكونة من عدد من القطاعات منها؛ الثقافة، التربية، التعليم العالي، الداخلية، تراقب بصورة مباشرة الكتب المشاركة، وإذا ما وجدت أي كتاب مقرصن “مزور”، يُسحب الكتاب مباشرة وتُوقع عقوبات على الناشر ومن طبع الكتاب.
وهل يُنفذ ذلك على أي دار نشر سواء جزائرية أو عربية أو أجنبية؟
بالنسبة لدور النشر العربية والأجنبية، يُسحب الكتاب مباشرة، وغير مقبول وجود الكتب المقرصنة بصالون الجزائر الدولي للكتاب، ولكن لا يتم فرض أي عقوبات على الناشرين غير الجزائرين، لأن القانون لا يطبق عليهم. وإذا ما تضرر أو اشتكى أحد الأطراف، فيلجأ إلى قضاء بلده، أو الجهات المعنية بذلك.
تقام على هامش صالون الجزائر الدولي للكتاب جائزة آسيا جبار.. فهل تحدثنا عنها؟
انطلقت جائزة آسيا جبار من خلال المعرض، ومنذ سنتين تحديدًا قررت إدارة المعرض أن تكون الجائزة مستقلة من خلال كيان خاص بها، وأرى أنها تحتاج إلى وقت حتى تكبر وتستقر في المشهد الثقافي الجزائري، ثم العربي، ونحن نصبو إلى أن تكون جائزة عالمية؛ لذلك خرجت الجائزة عن الصالون الدولي للكتاب؛ لتكون مستقلة بذاتها.
والآن الجائزة تشرف عليها المؤسسة الوطنية للنشر والإشعار، بالمشاركة مع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، وهما مؤسستان عموميتان، يشاركان في تمويل وتنظيم الجائزة، والآن الجائزة تعد حدث ثقافي هام، يجذب العديد من المهتمين بمجال الكتاب في الجزائر.
وهل هناك جوائز أخرى تقدم على هامش صالون الجزائر الدولي للكتاب؟
هناك عدد كبير من الجوائز فمنذ سنتين أطلق صالون الجزائر الدولي للكتاب جائزة الطاهر وطار، كما بدأت الجمعيات والمنظمات التي تقيم الجوائز في المجالات المختلفة كالكتابة للأطفال في استخدام الصالون من أجل إقامة الجوائز؛ باعتباره الحدث الأكبر في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
هل تحدثنا عن الدورة القادمة لصالون الجزائر الدولي للكتاب؟
ينظم صالون الجزائر الدولي للكتاب في نهاية شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر؛ من أجل أن يتوافق مع الأول من نوفمبر وهو ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية. ونحضر للصالون مباشرة بعد انتهائه على مستوى التنظيم والحجز. وفي الدورة المقبلة ستكون دولة الصين ضيف الشرف، ومن المعروف أنها أكبر ناشر على مستوى العالم، ورغم زيادة التبادل الاقتصادي بين الصين والدول العربية، إلا أنها غير معروفة لديهم على المستوى الثقافي، وأتمنى زيادة حجم التبادلات الثقافية بين البلدان العربية والصين؛ لأن الأدب الصيني معروف، كما أن لديهم أدباء حصلوا على جائزة نوبل للآداب.
2 تعليقات