مدرسة مصرية: كيف تتصرف أثناء الكوارث والانفجارات والغارات الجوية؟
انتبهت مصر مبكرا إلى خطر الغازات الحارقة والمواد المتفجرة وكذلك الكوارث الطبيعية، حيث أسست وزارة الصحة المصرية، في ثلاثينيات القرن الماضي، مدرسة لتعليم وتدريب الشعب المصري على كيفية التعامل أثناء الغارات الجوية وخلال انتشار الغازات، وتم التدريس من خلال دفعات لا يتجاوز عددها 50 شخصا، كل منهم مسؤول في منطقته أو مؤسسة العمل على تدريب باقي زملائه كيفية التعامل في أوقات الطوارئ.
قصة مدرسة
«باب مصر» يسترجع قصة هذه المدرسة التي أنشأتها وزارة الصحة المصرية عام 1938 لتعد الأولى من نوعها، وهي مدرسة لتعليم المدنيين طرق الوقاية من الغارات الجوية في حالة وقوع حرب. وكذلك التعامل مع الغازات السامة والحارقة والكوارث الطبيعية، وكيفية تفادي أضرارها القوية على الجهاز التنفسي والجسد بالكامل، واتخذت لها مقرا في شارع ابن الحكم بمنطقة «حلمية الزيتون»، وتم اختيار طاقم التدريس بعناية من أطباء ومدربين وقاية المدنيين من الغارات. وأشرف على اختيار الطاقم الطبي والتدريس حينها دكتور محمد زكي شافعي بك، وهو خبير اقتصادي رأى أن نجاة البلاد لن تتم إلا بإنقاذ أرواح أبنائها من أي ضرر قد يلحق بهم، ففي رأيه التدريب على حماية النفس خلال الطوارئ كالحروب أو الكوارث الطبيعية أمرا لا يقل مكانة عن الدراسة المعتادة بالمدارس والجامعات.
نقل العلم
وكان التدريس بهذه المدرسة من خلال دفعات بأعداد محدودة، حيث تختار كل مؤسسة أو منطقة «شيخ الحارة» فردا واحد منها لتدريبه وبدوره ينقل الخبرة التي تعلمها إلى زملاؤه وأقاربه، وتم تدريب الدفعات وفقا للتخصصات والمخاطر المتوقعة خلال تواجدهم بأماكن العمل.
وفقا لمجلة «المصور» التي تواجد مندوب منها خلال تدريب الدفعة السابعة في الأول من يوليو عام 1938، فقد حضر التدريب عدد لم يتجاوز 45 شخصا، وتواجد بها عدد من الصحفيين نظرا لتخصيص النصيب الأكبر من الدفعة للصحفيين في هذه المرة، وحضر واحدا من كل صحيفة يومية ومجلة أسبوعية. وانقسمت الدراسة بهذه المدرسة إلى قسمين: تطبيقي وعملي، وقام الأساتذة بتدريب الحضور على كل طرق الوقاية والحفاظ على النفس في الأوقات العصيبة، من خلال تدريبهم على استعمال الأقنعة الواقية من الغازات، وكيفية تحصين الغرف بالمنزل من هذه الغازات التي يكون بعضها حارقا. وشمل التدريب أيضا استعمال الملابس الواقية من الغازات الحارقة، وكذلك التدريب على عمليات الإسعاف والتطهير بطريقة عملية، وذلك لنقل الخبرة إلى الأهل والجيران وكل من يطلب المساعدة، ليصبح كل شخص درس بهذه المدرسة بمثابة مندوب للتصرف في أوقات الطوارئ والكوارث.
وحرص مدير المدرسة د.لبيب شحاتة على التواجد بين طلاب المدرسة للإشراف الكامل على المعلومات والتدريب العلمي، وكذلك الدكتور زكي شافعي المسؤول عن تنفيذ المشروع، ويرجع الفضل إليه في تحفيز الحكومة آنذاك للاهتمام بتدريب الشعب المصري باختلاف المرحلة العمرية على كيفية التعامل في أوقات الخطر، سواء الحروب أو الكوارث الطبيعية. حضر هذه الدروس رجال الدين شيوخ وراهبات، وفئات عمرية مختلفة شباب وكبار السن وحرصت السيدات على حضورها أيضا لنقل ما يتلقوه من معلومات إلى الجيران والأقارب.
تعليق واحد