سويسرية في البر الغربي: «مغامرات مصرية» لتعليم الفن والثقافة في الأقصر

في عام 2023، قررت السويسرية «ليانا زانين» الاستقرار في الأقصر بعد سنوات من زيارتها الأولى. لم تكتف بذلك بل أسست مركز «مغامرات مصرية» لتعليم الأطفال من مختلف الجنسيات الثقافة المصرية من خلال التفاعل المباشر مع المجتمع المحلي، بعيدا عن أساليب التعليم التقليدية. يسعى المركز إلى توفير بيئة تعليمية مبتكرة تعزز التبادل الثقافي بين الأطفال.
مدرسة عالمية
تقول ليانا: “المدرسة العالمية تعني أن الآباء يأخذون أبنائهم معهم للسفر والتعرف على ثقافات العالم المختلفة. يتعرف هؤلاء الأطفال من خلال السفر على ثقافة وتاريخ وطبيعة كل مكان يزورونه. حيث توجد على مستوى العالم مدارس أو مراكز تستقبل الأطفال الوافدين من دول أخرى لتعرفهم بثقافات الدول التي يزورونها”.
وبالفعل، قامت ليانا بمشاركة شركائها في المشروع، وهم من منطقة البر الغربي، في إنشاء مركز التعليم العالمي في البر الغربي، وأسموه “مغامرات مصرية”. يستقبل المركز أطفالا من عائلات من معظم أنحاء العالم، وخاصة من أمريكا، إنجلترا، أستراليا، كينيا، واليابان. يقضي هؤلاء الأطفال عادةً نحو شهر أو أكثر في الأقصر، ويتوقون للتعلم ومشاهدة كيف تسير الحياة في صعيد مصر.
تضيف زانين: “نريد من هؤلاء الأطفال الاحتكاك بالأطفال المحليين هنا، وألا يكونوا منغلقين على أنفسهم، وأن يروا ويعيشوا الثقافة المصرية. كما نسعى إلى أن يكونوا على اتصال مع أطفال البر الغربي”. ولتحقيق هذا الهدف، تعاون المركز بشكل وثيق مع مدرسة هبة النيل غرب الأقصر، إذ يذهب أطفال المركز إلى المدرسة. ويأتي أطفال هبة النيل إليهم، مما يخلق تفاعلاً بين الأطفال على الرغم من اختلاف اللغة.
تفاعل التلاميذ
وتؤكد «ليانا» أن التفاعل بين التلاميذ من غير المصريين والأطفال المصريين كان فعالاً جداً ومفيداً. تقول: “لقد تعلموا الكثير من التواجد مع الأطفال المصريين، وأعتقد أن الأطفال المصريين أعجبوا بذلك، فهم عادة يحبون المجيء إلى هنا”. وتضيف: “هناك فهم خاطئ لعمل المركز، فهو لا يركز على تدريس الأطفال الأبجدية، بل يعتمد على التعليم الذاتي. فنحن نؤمن أن الطفل يعرف ما يحتاجه منا، لذا هو يتعلمه”.
“يبدأ الميسرون في المركز بتحضير الأنشطة المتنوعة، مثل القراءة، الكتابة، الحرف اليدوية، والرسم. كما يُمنح الأطفال الفرصة لاختيار مشاريعهم الخاصة. وفي بعض الأحيان، يكتفون باللعب في الرمل أو بناء الخيام. كما أن لعبة البحث عن الكنز كانت مرحة جداً”، هكذا تتذكر ليانا بابتسامة.
وتردف قائلة: “لقد تبرع سعيد، وهو شريكي، بالأرض التي بني عليها المركز، بينما تكفلت أنا بالإنشاءات. ومع ذلك، لا يزال المركز يواجه بعض التحديات المالية، حيث يحتاج إلى توفير الطعام للموظفين والأطفال، ودفع رواتب الميسرين، وشراء المواد، وتغطية تكاليف المواصلات. فنحن نحصل على أموال من آباء الأطفال غير المصريين. بهذه الطريقة فقط يمكننا توفير مصاريف المركز”. وتشير إلى أن المركز حاليا في موسمه الأول. حيث بدأنا في أكتوبر الماضي وسنختتم في إبريل، وسنرى إذا استطعنا توفير الأموال أم لا، هي تجربة لا نعرف نتائجها حتى الآن.
أنشطة متنوعة
وتضيف أميرة ثروت، إحدى الميسرات في المركز، أن الأنشطة تتنوع وتختلف كل يوم، وتهدف إلى تعريف الأطفال بالثقافة المحلية للمجتمع الصعيدي. “فنشاط مثل الحنة نقوم بطحنه ونستخدمه في التلوين. وهم يقومون برسم أشكال على أيديهم ليتعرفوا على طريقة استخدام المصري القديم للحناء”.
على الرغم من التحديات، فإن ليانا زانين وشركاءها مصممون على تحقيق حلمهم بإنشاء مركز عالمي للتعليم في الأقصر. إيمانا بأن التعليم الذاتي والتفاعل مع الثقافات المختلفة يمكن أن يغير حياة الأطفال ويجعلهم مواطنين عالميين مسؤولين.
اقرأ أيضا:
لهذه الأسباب فازت «الأقصر» بجائزة عاصمة الثقافة والتاريخ والتراث