كيف استقبل أهالي دشنا بيان ثورة 52؟
“اجتازت مصر فترة عصبية في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم…” كان جزء من نص بيان الثورة، الذي صدح به الرئيس الراحل أنور السادات، معلنًا بداية عصر الجمهورية.
كان هذا الإعلان إذانًا بانتهاء عهود الاستعمار، وبداية السعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الإقطاع وبدء حياة ديمقراطية وبناء جيش وطني.
ومع هذا الإعلان خرجت الجماهير في مسيرات حاشدة تهتف بحياة الثورة ورجالها وتنادي بسقوط الاستعمار وذيوله، وفي مدينة دشنا لم يصدق الأهالي آذانهم من حين أذيع البيان لأول مرة.
كان أهالي دشنا يلتفون حول أجهزة الراديو القليلة، لسماع البيان من جديد مرة بعد مرة، “ولاد البلد” التقت 3 عاصروا ثورة 52، كانوا وقتها أطفالًا، لكن ما زال التاريخ محفور في وجدانهم.
معروف عبد الجليل موجه مواد اجتماعية بالمعاش- 80 عاما، يعود بذاكرته إلى الوراء حين كان في سن 15 عامًا، يقول: لم يكن في دشنا إلا بضع أجهزة راديو وأذكر أنني في ذلك الوقت كنت أسكن في شارع محمد علي، وكان هناك مذياع وحيد في منزل المرحوم أبو النجا فرج الله، وحين أذيع البيان وضع المذياع على الشباك والتففت أنا وأصدقائي نستمع إلى صوت السادات.
يتابع: حينها قفزنا من الفرحة مهللين: “تحيا الثورة”، كما أن معظم الأهالي من كبار السن في ذلك الوقت لم يستوعبوا الحدث وكنا نحن الصغار نشرح لهم معنى قيام الثورة وانتهاء الملكية.
يضيف معروف، وقد بدا عليه الحماس: خرجنا أنا وزملائي في مسيرات وهتفنا “عاش رجال الثورة، تحيا الثورة وكنا تهتف بالإنجليزيةdown… down English crown.
ويرى أن ثمار الثورة ظهرت سريعا على دشنا، وكان أهمها القضاء على الإقطاع وتحقيق العدالة الاجتماعية، لافتا إلى أن أهم نتائج الثورة كانت نشر الثقافة والتعليم، خصوصا بين الفتيات، فقد كان من النادر في فترات الأربعينيات أن ترى فتاة تتعلم.
” الثورة قامت يا واد.. وطرنا ورا الملك ” بهذه الكلمات يبدأ صلاح عويس، الموظف بالمعاش- المولود في عام 1945، والذي كان في ذلك الوقت في سن السابعة، ولكنه يذكر جيدا فرحة والده وأقاربه بالثورة، وفهم أن الثورة قد أزاحت نظام الملكية وقضت على الإقطاعيين، ومهدت لجلاء الاستعمار.
يسرح العم صلاح بذاكرته، يتذكر كيف تجمع الأهالي حول الراديو في المنازل ليطربوا بصوت السادات، وهو يذيع بيان الثورة، كما انبعثت الزغاريد من المنازل، وتبادل الناس التهاني.
ويعتقدا أن أهم انجازات الثورة تمثلت في الإصلاح الزراعي، الذي أعاد الحقوق لأصحابها ومنظومة الدقيق المدعوم، والتوسع في إنارة الشوارع، وإنشاء المصانع، مثل مصانع السكر والحديد والصلب، معتبرا أن نجاح الثورة غيرت من شكل دشنا، وما زالت آثارها باقية حتى الآن.
ويقول عبد المنعم أبو الحسن، عامل- 79 سنة، إن ثورة تميزن أنها سلمية، لم تسجل فيها أي حالات عنف أو صور انفلات أمني، ولم يحدث في دشنا أي جرائم، معللا ذلك بتعطش الأهالي للثورة، خصوصا عقب ما حدث في حرب 1948 وهزيمة الجيوش العربية.
ويتابع أبو الحسن: عندما سمعت بيان الثورة، تدفقت الدموع من عيني وهتفت: الله أكبر ألله أكبر.. عاشت مصر حرة مستقلة.
2 تعليقات