في ذكرى تأميم القناة.. عبدالناصر يمنح "يونس" صلاحيات رئيس الجمهورية
” ديليسبس” كانت هذه هي الكلمة التي اتفق الرئيس جمال عبدالناصر وزميله الضابط المهندس محمود يونس، لتتحرك مجموعات تأميم قناة السويس في مساء يوم 26 يوليو.
وفي خطاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالإسكندرية أعطي محمود يونس صلاحيات رئيس الجمهورية في عملية التأميم، وأسند إليه وضع الخطة.
قسّم يونس فريق التأميم إلى ثلاث مجموعات: مجموعة الإسماعيلية، وكانت أهمهم، وترأسها يونس بنفسه، ومجموعتي السويس وبور سعيد، وحين نطق الرئيس بكلمة السر كانت تلك المجموعات تستولي على مقار ومكاتب إدارة القناة، وكان يونس في الإدارة العامة بالإسماعيلية، وفي المكتب الذي شغله يوما ما “ديليسبس” أول رئيس للقناة، التي حفرت بدماء المصريين .
من هو محمود يونس؟
محمود يونس من مواليد 11 أبريل عام 1911 بحي السيدة زينب، لأب كان يعمل موظفًا بالسكة الحديد، وحصل على الابتدائية عام 1924 وبعدها نال شهادة الكفاءة من المدرسة الخديوية عام 1928، وأخيرا البكالوريا من نفس المدرسة في 1930.
التحق بمدرسة الهندسة الملكية، وكان من زعماء الطلبة وخرج في مظاهرات كوبري عباس منددًا بالاحتلال، وتخرج فيها عام 1937، ثم التحق بمدرسة الهندسة العسكرية، وكان ضمن أول دفعة مهندسين مصريين بالجيش المصري.
بعد تخرجه التحق بالعمل في إدارة العمليات العسكرية عام 1943، وزامل الرئيس الأسبق السادات، وفي عام 1948، صادق عبدالناصر وعبدالحكيم عامر أثناء حرب فلسطين، وعقب قيام ثورة يوليو عُين رئيسا للجنة جرد القصور الملكية.
في عام 1953 انتخب نقيبا للمهندسين لدورتين متتاليتين، وبعد نجاح عملية التأميم في 56 انتدب كعضو في مجلس إدارة القناة، ثم عُين رئيسا للقناة في عام 1957 خلفًا لحلمي محمد (أول رئيس مصري للقناة)، وبذلك يعد يونس الرئيس المصري الثاني للقناة.
استمر يونس في منصبه كرئيس للقناة حتى عام 1965، بعدها كُلّف بمنصب نائب رئيس الوزراء لقطاع النقل، واختير عضوًا بالبرلمان عن دائرة البساتين عام 1964، وبعدها عين وزيرًا للنقل والمواصلات في عام 1968، وظل في منصبه حتى وفاته في 18 أبريل 1976 .
فريق التأميم
المهندس عادل عزت كان أحد اثنين اختارهما يونس ليكونا شريكيه في عملية التأميم، أما الثاني فكان المهندس عبد الحميد أبو بكر، في حوار سابق لعزت نشرته جريدة “الشرق الأوسط” يقول إن أول من عرف بالتأميم كان محمود يونس، وقد طلب منه عبدالناصر طلب له ترشيح معاونيه، فرشحني أنا والمهندس عبد الحميد أبوبكر.
عزت أرجع أسباب اختيار الثلاثي يونس وعزت وأبو بكر إلى الأحداث التي سبقت التأميم بعامين، حين بدأت مفاوضات مصر مع الإنجليز للجلاء، وخشي عبدالناصر من تعرض القناة للاحتلال من قبل الإنجليز فقرر تدمير معملين للبترول في منطقة السويس، هما: معمل التكرير الحكومي ومعمل شل.
بهذه العملية حرم عبدالناصر الإنجليز من الوقود، في حال تدخلهم في القناة، ويرد عزت: كلف الرئيس عبدالناصر البكباشي محمود يونس وكان وقتها مدرسا بالكلية الحربية.
سري للغاية
وفي صباح 26 يوليو التقى يونس فريق العمل بمقر قيادة الثورة، التي كانت تحتوي على ثمانية من القوات المسلحة، وأحد عشر من قطاع البترول، وواحد من الشرطة، واثنان من الفنيين، وأربعة من وزراء التجارة الذين كانوا ضباطًا جامعيين.
كانت التعليمات الصادرة لهم هي تنفيذ كل ما يطلبه محمود يونس، رئيس جمهورية القناة، وقسم الفريق إلى ثلاث مجموعات، وأعطي رئيس كل مجموعة ظرفا مغلقا، مكتوب عليه “سري للغاية”، بحيث لا يُفتح إلا عندما ينطق الرئيس كلمة “ديليسبس”، وفي حوالي الساعة الثانية والنصف ظهرا تحركت 6 سيارات لتصل إلى معسكر الجلاء بالإسماعيلية، ومنها بدأ التحرك إلى مقر القيادة بالسويس وبور سعيد.
تحركت المجموعات الثلاث للاستيلاء على مقرات هيئة القناة ووضعت تحت الإدارة المصرية، وتعليقا على ذلك، يقول محمود يونس في مذكراته التي نشرتها مجلة الإذاعة والتلفزيون عام 1958 تحت عنوان “عصير حياتي”: “في ليلة التأميم كنا ثلاث مجموعات إحداها رئيسية في الإسماعيلية والثانية في السويس والثالثة في بورسعيد، وكنتُ على رأس مجموعة الإسماعيلية، ولم يكن أحد يعلم سر المهمة في المجموعات الثلاث غيري وعبد الحميد أبو بكر وعادل عزت.
وصلنا الإسماعيلية بعد ظهر يوم التأميم، فلما خطب ناصر في الإسكندرية وقال كلمة ديليسبس ثم قال: “والآن إخوان لكم”، دخلت مع المجموعة مبنى الشركة واستدعيت المسؤولين وأبلغتهم قرار التأميم، فانهاروا أمامي وطلبوا منى تأمين حياتهم”.
استعنا في توثيق الموضوع
- الهيئة العامة للاستعلامات
- الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس
- جريدة الشرق الأوسط العدد 8279 يوليو 2001
تعليق واحد