عرض لرواية| "يوتوبيا".. لأحمد خالد توفيق
كتب: مارك أمجد
صدرت الطبعة الأولى من رواية يوتوبيا عام 2008، ثم توالت طبعاتها الجديدة عن دار الشروق بداية من عام 2014 في نسخة من القطع الصغير في 186 صفحة، بغلاف من تصميم أحمد مراد.
فكرة الرواية:
تدور أحداث الرواية في المستقبل في عالم متخيل يرسم المؤلف تفاصيله بمنتهى الدقة، حيث يقسم المجتمع لنصف منحدر جائع يعج بالجريمة والبلطجية والنصف الآخر هو “يوتوبيا” مدينة النخبة والأثرياء الأذكياء، أو هكذا يظنون أنفسهم.
من وقت لآخر يداهم مواطنون من اليوتوبيا مدينة الأغيار ليسطوا على أجزاء من أجسادهم ويعودوا بها كتذكار لمنازلهم، نساء المستعمرة مهملات لا يهتممن بنظافة أجسادهن تفوح منهن روائح القمامة ويعملن بالدعارة تحت إشراف أشقائهن القوادين واللصوص.
رجال الأغيار يظنون أنهم الأكثر قوة وفحولة وأن نساء يوتوبيا يتمنين حتى وهن في أحضان أزواجهن أو عشاقهن أن يغتصبهن رجال المستعمرة.
كذلك رجال يوتوبيا ينظرون للأغيار نظرة دونية واحتقار لأنهن بذكائهم استطاعوا أن يفلتوا من هذا الفقر المدقع وأن يوفروا ما تبحث النساء عنه دوما قبل الجنس، وهو “المال”.
الكراهية متبادلة بين العالمين لأسباب متقاربة، الأمر الذي ينبئ بقيام ثورة في أي وقت من مستعمرة الأغيار على يوتوبيا الأثرياء، وهذه الثورة من وجهة نظر مستوطنو يوتوبيا لا يعطلها سوى كمون الأغيار ورضائهم بسوء الحال وانتشائهم بالضياع. خاصة وأنهم قلما فاقوا من المخدرات التي يتعاطونها.
رغم قصر صفحات الرواية إلا أن أحداثها تدور بشكل متواتر يجعلك مدفوعا لإنهائها دفعة واحدة، فالأحداث تتصاعد بين الجانبين أو الأرضين ولا سبيل للنجاة إلا بالتهام أحد الفريقين للآخر.
أسلوب الكاتب:
أسلوب أحمد خالد توفيق واحدًا في معظم رواياته، يعتمد بكثرة على التشبيهات، خاصة تلك المستخلصة من ثقافات أجنبية لكنه يوظفها بشكل ملائم، وهو رجل مطلع ومثقف بشكل عام، تستنج ذلك من زخم تركيباته الوصفية واقتباسه لأبيات شعر وأغاني من مصادر متباينة، على عكس كتاب آخرين تشعر طوال قراءتك للنص أنهم قرأوا كثيرا فعلا، لكن فيما يخص موضوع كتابهم، وليس في المطلق.
ولعل ما ساعد أحمد خالد توفيق على تكوين تلك الموسوعة المعلوماتية في ذهنه، لدرجة تجعله قادرًا على استحضار المعلومة التي يريدها في الوقت يشاءه، وعمله بالترجمة الأدبية فترة طويلة، واهتمامه الشخصي بأن يعرف عن كل شيء حديث ولو بضعة معلومات، وهذا نلحظه في يوتوبيا من خلال كتابته عن أنواع جديدة من المخدرات وأغاني الأورجازم وتاريخ الثورات والحضارات المندثرة.
يوتوبيا وثورة يناير
من المعروف أن جيل الثمانينيات سواء كانوا كتابًا الآن أو قراء، اعتبروا أحمد خالد توفيق هو أبوهم الروحي بترجماته الشهيرة ورواياته، وأن رواية يوتوبيا التي صدرت الطبعة الأولى منها عام 2008 كانت بمثابة نبوءة عن مقدمات وأحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، الأمر الذي يفسر الطريقة التي نعوه بها حينما توفي تاركا لهم تراثا صخما من إنتاجه الأدبي وبعد رؤيته.
أحمد خالد توفيق
ولد أحمد خالد توفيق أو “العرّاب” كما يطلق عليه في 10 يونيو 1962 بمدينة طنطا، وتخرج من كلية طب طنطا عام 1985، وحضّر الدكتوراه عام 1997، وانضم للمؤسسة العربية الحديثة عام 1992، وبدأ بكتابة أول سلاسله “ما وراء الطبيعة” في شهر يناير من العام التالي.
نجحت سلسلة الرعب نجاحًا كبيرًا رغم عدم انتشار هذا النوع من الأدب في الوطن العربي، وبدأ في كتابة سلاسل أخرى للمؤسسة نفسها مثل سلسلة سافاري، وسلسلة فانتازيا، وسلسلة روايات عالمية للجيب، غير بعض الأعداد الخاصة وبعض الروايات مثل يوتوبيا، والسنجة لدور نشر أخرى.
3 تعليقات