عرض كتاب| فتح أمريكا.. مسألة الآخر
كتب – مارك أمجد
في كتابه فتح أمريكا – سميت بذلك نسبة إلى أمريكو فيسبوتشي الذي توصل إلى أنها ليست امتدادا للهند، بل قارة لم تُعرف بعد – يوضح تزفيتان تودوروف الأسباب التي دفعت الأسبان إلى فتح أمريكا واستيطانها بالقوة، على يد كريستوفر كولومبوس، ذلك القرصان المتدين المغامر الذي استطاع إقناع أسبانيا بالبقاء على موقفهم من حيث الاستثمار في أمريكا، وقد نجح في إقناع النظام الملكي هناك من خلال نشر الدعوة المسيحية بين هذه الشعوب العارية التي تعبد الأوثان، ومن خلال مهمة التنقيب عن الذهب.
كما يعرض الكتاب شخصية كولومبوس الملتبسة على الجميع؛ فهو في أحيان يذكر بأوراقه جُملا وعظية شديدة التدين، وأوقات أخرى كل ما يهمه هو الذهب، لكن الشيء الوحيد الذي لا يختلف عليه الجميع، أنه كان شغوفا برصد ما لم تراه عين قبله.
الكتاب دليل فج على أن التطرف الديني قد يحلل كل ما يراه مناسبا سياسيا، لدرجة قد تصل بالبشر أن يعاملوا بشرا مثلهم على أنهم درجة ثانية أو مثل الكلاب بسبب لون بشرتهم أو عدم تدينهم أو اختلاف عاداتهم وأعرافهم.
يقول المترجم بشير السباعي في مقدمته: “خلال صيف 1991 استمتعت بصحبة فكرية استثنائية مع هذا الكتاب الذي أكد لي -من جديد- صواب رأي فالتر بنيامين: “إن كل وثيقة من وثائق الحضارة، هي في الوقت نفسه وثيقة من وثائق البربرية”. وعلى الرغم من اختلافي مع الكاتب حول فكرة أو أخرى، فقد رأيت من واجبي، في زمن إبادة الآخر الذي نكابده، نقل هذا الكتاب إلى القارئ العربي، فهوة دعوة للحرية والإنصاف والتسامح”.
وأضاف: “وإذا كان لي أن أهدي هذه الترجمة إلى أحد، فإنني أهديها إلى كل أولئك الذين يؤمنون بأن البشرية ليست مدعوة إلى سداد فاتورة “خطيئة أصلية” لم ترتكبها”.
كما قدم له فريال جبوري غزول، أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فيقول:
“بالإضافة إلى أن عام 1492 هو عام اكتشاف الآخر الذي أدى إلى القضاء على هذا الآخر، فقد كان أيضا العام الذي بدأ فيه مسلسل طرد الآخر من أوروبا، فهو العام الذي سقطت فيه غرناطة وبدأت إسبانيا في التخلي عن أندلسيتها والتنكر لرافدها العربي والإسلامي، وقامت بترحيل كل من شكل آخر في عرفها، مسلما كان أو غير ذلك من الأقليات الدينية والطائفية”.
المؤلف تزفيتان تودوروف
ولد في بلغاريا عام 1939، وأقام في فرنسا منذ عام 1963، وهو باحث في المركز الوطني للبحث العلمي بباريس، ومؤلف للعديد من الأعمال في مجالات النظرية الأدبية وتاريخ الفكر وتحليل الثقافة، ومن هذه الأعمال: نظرية الأدب 1966، نظرية الرمز 1977، ميخائيل باختين المبدأ الحواري 1981، نحن والآخرون 1989.
المترجم بشير السباعي
ولد في مصر عام 1944، وتخرج عام 1966 في كلية الآداب جامعة القاهرة، قسم الدراسات الفلسفية والنفسية، وهو شاعر ومؤرخ ومترجم، نقل إلى العربية العديد من النصوص الأدبية والسوسيولوجية والأعمال التي تتناول تاريخ الفكر والتاريخ الاجتماعي والسياسي. شارك بأبحاث في عدد من الحلقات الدراسية والندوات الدولية والمصرية.
كتاب فتح أمريكا صدرت منه الطبعة الثانية عام 2003 عن دار العالم الثالث (32 ش صبري أبو علم/باب اللوق، القاهرة. وقد صدرت هذه النسخة بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة، في 304 صفحات من القطع الكبير، مزود بلوحات تصف موضوعاته.
2 تعليقات