«عبدالكريم مرجان».. خطاط المصحف
بأنامله الذهبية يعكف عبدالكريم محمد مرجان، ابن مركز أبوتشت شمالي قنا، على كتابة القرآن الكريم بخط يده، فبالرغم من كونه طالبا بكلية الآداب بقنا، إلا أنه معروف وسط أهله وأصدقائه وأهالي قريته بـ”خطاط المصحف” لحبه وموهبته في الكتابة بخط جميل منذ صغره..«باب مصر» يتعرف على قصته.
موهبة صغيرة
يقول عبدالكريم لـ«باب مصر» متحدثا عن موهبته: كان والدي خطه جميل ومنسق للغاية، ورثت منه هذه الموهبة، كنت اكتب باليد اليسرى ولكن والدتي أصرت على تعليمي الكتابة باليمنى كعادة كل الأمهات في الأكل والكتابة أيضا، وبعدها بدأ والدي في تعليمي أساسيات الكتابة بالرغم من أنه ليس معلما.
وتابع: ذهبت للمدرسة الابتدائية وكنت معروف بين زملائي بجمال خطي وكل المدرسين كانوا يعرفون هذا، وفي الصف الثالث الابتدائي جاء لنا مرة موجه المدرسة وفتح كراستي وسألني: “ده خطك ولا خط الأستاذ؟”، ولم يصدقني إلا حينما كتبت له ثانية في الكراسة وأندهش للغاية وشجعني على الاهتمام بموهبتي.
كتابة القرآن الكريم
ويكمل الخطاط الصغير حديثه، وصلت للمرحلة الثانوية وفنون الخط العربي تجذبني أكثر وأكثر من المذاكرة وإكمال دراستي، كنت أتحدث مع أصدقائي عن حلمي في أن أصبح خطاطا معروفا بين كل الخطاطين المشهورين، فلم أجد منهم سوى السخرية والقول “الخط ملوش مستقبل”، وحدثت مشادات كثيرة بيننا إلا أنني التحقت بمدرسة الخط التي اعتبرها زاوية جديدة لحياتي وثقل لموهبتي.
وفي المرحلة الثانوية، اختار عبدالكريم كتابة المصحف الشريف بيديه، رغم أن الآيات القرآنية تحتاج إلى دقة بالغة من حيث الحروف والتشكيل والتركيب ودراسة علوم اللغة، ويقول: الإنسان هو من يختار أن يكتب ذلك، فتدربت كثيرا على خط النسخ فهو خطي المفضل تتشكل فيه روحي، فكنت اكتب وأراجع السور القرآنية مع مشايخ القرآن المتخصصين من حيث اللغة والتركيب والتشكيل وأتقنت ذلك بشهادة الكثير.
ويوضح عبدالكريم، أن كتابة المصحف تدخل الإنسان في عالم من الروحانية والاتصال مع الله، من خلال تدبر الكلمة والحرف، فهي ليست بالكتابة السهلة مثل التي نكتبها في الأسماء والعبارات المختلفة، بل هي كتابة لها طقوسها الخاصة وتحتاج حالة روحانية خالصة، فالخط يتأثر بالمشاعر، بل هي المحرك الأساسي لفنون الخط وجماله.
التكنولوجيا والخط العربي
أما عن الأقلام التي يستخدمها عبدالكريم، فيقول: استخدم نوع “بلاتجنام” والحبر”دايسوا ياباني” والورق من الكوشيه. ويضيف أنه قرر الالتحاق بالفرقة الأولى بكلية الآداب قسم اللغة العربية، حتى يثقل موهبته بفنون اللغة وعلومها من حيث التركيب والتشكيل وبناء الجملة، إذ أن كل هذه متطلبات لابد أن يتقنها الخطاط.
ويختتم حديثه: رغم صغر سني أشرف على الطلاب وأشرح لهم فنون الخط وجمالياته، ولكني مازلت أتعلم لأن الخط العربي بحر كبير، مشيرا إلى أنه على الفنان مجاراة التكنولوجيا وتطويعها في عمله وخدمة موهبته، ولكن لا تستطيع التكنولوجيا القضاء على فنون وجماليات الخط العربي فهو علم قائم بذاته له قواعده ويعتمد أيضا على التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، كما أن كتابة المصحف لا تعتمد على التكنولوجيا، بل هي كتابة بخط اليد تنبض بمشاعر الخطاط.