صور| لماذا يطلق الصعايدة على الجبنة القريش “خضراء”؟
تصوير: مريم الرميحي
يعرف أبناء محافظة القاهرة وأقاليم وجه بحري في مصر، بشكل عام الجبنة “القريش” بمسماها هذا الذي – وفق المعجم الجامع – يعني نوع من الجبن يابس قليل الدسم، ولكن عند أبناء الصعيد وخاصة محافظة قنا يعرفونها بالجبنة الخضراء بالرغم من لونها الأبيض.
الجبنة الخضراء
الجبنة القريش أو الخضراء هي قطع من الجبن اليابسة قليلًا، لونها أبيض، قليلة الملح والدسم، وتعرف أنها من أساسيات المائدة الصعيدية أو الريفية سواء في المنازل أو للمزارعين في حقولهم، حتى أنه يخصص لها وأنواعها ركن خاص بالأسواق الشعبية في القرى وأماكن بعينها من زوايا المدينة والقرى خلال الأسبوع يحفظها الأهالي.
الجبنة الخضراء
“طلعنا لقينا أهالينا بيقولوا عليها كدا”، تقول الحاجة أم عليو، 60 عامًا، من قرية الغربي بهجورة، عن مسماها في الصعيد بالخضراء، شارحة كل الأشياء التي في بداية نموها أو نضجها نشبهها بالزرع الأخضر حتى لو لونها ليس أخضر.
وحكت أم عليو، “الزرع الآخر بيكون في شبابه وبدايته لما يبتدي يصفر أو يتشكل يا بيأخد لونه علشان يسقط من على الشجرة يا بيبقا ذبل وعجز”.
وتروى أم السيد، 63 عامًا، جارة أم عليو في نفس القرية، “أننا نقول عليها خضرة يعني صابحة بخيرها وطازة، لأنه في أنواع أخرى من الجبن كل ما مر عليها الوقت تسمى الجبنة القديمة”.
أنواعها وأسعارها
ذكرت أم السيد، ” الخضراء ما كنتش تخلى من بيت أغلب الناس كان عندها جاموسة في المنزل، ومن لا يملك كنا نهادي بعضنا البعض به، لكن الآن وصل سعر قطعة الجبنة الواحدة لـ5 جنيهات، والقديمة بـ8 جنيهات، بالإضافة لزيادة أسعار مشتقاتها من السمن البلدي”.
مشيره إلى تغير الزمن وغلاء الأسعار الذي أصاب كل شيء حتى علف الحيوانات، والظروف المعيشية الصعبة للمزارعين ومن يملكن المواشي في السنوات الأخيرة.
طريقة صناعتها
عن طريقة صناعتها تقول شربات محمد، 55 عامًا، من أبوتشت، بعد استخراج الحليب من 3 لـ4 مرات يوميًا من “الجاموسة” في علب بلاستكية صغيرة تحمل الواحدة مقدار 2 ونصف لتر، نقوم بتغطية اللبن جيدًا ووضعه تحت أشعة الشمس لمدة 3 أيام في الشتاء، ويوم واحد في الصيف، حتى يصبح سائل متماسك ويتحول لطبقتين.
وتتابع: نقوم بفصل الطبقة العليا وهي التي نصنع منها الزبدة عن طريق وضعها على النار لعمل السمن البلدي والحامض الذي يوضع في “المش” أو الجنبة القديمة بعد تركه أيضًا في إناء فخاري “بلاص” وفي أشعة الشمس فيما بعد، والطبقة السفلى تقلب جيدًا وتوضع في مجموعة من الأجولة البلاستيكية معلقة على عصا خشبية وموضوعه عرضه لأشعة الشمس لفترة تصل لـ3 أيام، هي مرحلة تسمى “الشدة” في صناعة الجبنة القريش أي الخضراء.
وبعد أن تتماسك قوام السائل تصبح جبنة قريش أو خضراء كما نعرفها هنا، ويتم تقطيعها بحسب الرغبة، ولكن الحجم المعتاد ينتج 12 قطعة جبنة.
الباحث الأثري
وعن استخدام المصريين للجبنة الخضراء من مئات السنين واعتمادهم عليها من الوجبات الأساسية خاصة في الصيف، ومتى عرفوا صناعتها يقول الباحث الأثري أحمد عامر لـ”باب مصر”، إنه في عام 2018م تم العثور على جرة مكسورة قبل بضع سنوات في قبر بتحمس، الذي كان مسؤولا كبيرا في البلاط الفرعوني، وقد كانت الجبنة عبارة عن “كتلة بيضاء متصلبة” في إحدى الجرار، ويرجع اكتشاف هذه الكتلة البيضاء من الجبنة تقريبا إلى 3200 عاما مضت.
وتابع: ترجع أهمية هذا الاكتشاف في أنه لا يوجد دليل قبلها على إنتاج الجبن في مصر القديمة، وقد صنعت من حليب الغنم والماعز، ويرجع اكتشاف هذا القبر الذي عثر فيه على الجرة لبتحمس، الموظف الكبير في البلاط الفرعوني وكان عمدة لمدينة ممفيس القديمة.
2 تعليقات