صور| كنيسة العذراء بدير الجنادلة.. 9 قباب محفورة في الجبل الغربي
تصوير: أحمد دريم
يقع دير السيدة العذراء مريم بقرية دير الجنادلة التابعة لمركز الغنايم، على بعد ما يقرب من 45 كيلو مترا جنوبي محافظة أسيوط، وعلى بعد 3 كيلو مترات من القرية بناحية حضن الجبل الغربي، وما يميزه موقعه الجمالي بجوار وادي سرجه و الطابع الأثري لاحتوائه على كنائس أثرية وبئر مياه روماني من القرون الميلادية الأولى.
ويحيط بالدير مغارات كثيرة متناثرة في كل اتجاه كان يسكنها الرهبان كقلالي للعبادة، وكان يطلق عليه دير أبو مقروفه، بعدها أطلقوا عليه اسم دير الجنادلة، ويتردد كثيرا على مدار العام الآباء، حيث إن هذا المكان مرت به العائلة المقدسة وتقدس بقدمي الطفل يسوع وأمه العذراء مريم ومار يوسف فتقدس بزيارة العائلة المقدسة، ولذلك سمي هذا الدير باسم العذراء بدير الجنادلة.
تسمية الدير باسم دير الجنادلة
كان الدير لوقت قريب يطلق عليه دير أبو مقروفه حتى في قراءات المساحة في عام 1905 كان يسمى بهذا الاسم، أما تسميته بدير الجنادلة فيرجع هذا الاسم لما يحيط بالبلدة والدير من صخور وأحجار تشبه الجنادل.
أما الآن فهذا المكان هو وادي سرجة، وما يؤكد ذلك أن حجاب الكنيسة عبارة عن أحجار مجمعة من قديم الزمان يرجع تاريخها إلى العصر الأول ومرسوم عليها علامة الحياة وهي مفتاح الحياة عند الفراعنة وأحجار رسم عليها عنقود العنب والقرابين.
سور وباب الدير
كان يحيط بالدير سورًا كبيرًا يجمع بداخله أبنية قلالي الآباء الرهبان والبئر الأثرية وجميع مباني الدير والكنائس الأثرية، ولكن السور هدم ولم يبق منه إلا بقايا مبنية من الطوب اللبن وتحيط بالكنيسة فقط، وباب الدير هو من الناحية البحرية كعادة الأديرة وأمامه من الناحية البحرية مغارة كبيرة، وهناك مغارات كثيرة متناثرة حول الدير من كل ناحية كان يسكنها الرهبان كقلالي يستخدمونها للعبادة.
بئر الدير
يوجد بالدير بئر أثرية قد ترجع إلى القرن الأول المسيحي، وهي على عمق 45 مترًا في أرض صخرية منها 30 مترًا مبنية بطريقة عجيبة، وهي عبارة عن حجارة منتظمة ومرصوصة فوق بعضها حالما تقع عليها عين الناظر تتذكر الهرم الأكبر وطريق بنائه وباقي العمق الـ15 مترًا عبارة عن نحت في صخر أسود جامد وهي تأتي بماء عذب كاف للرهبان والزوار والزراعة والطيور وكل شيئ يعتمد علي مياه هذا البئر.
كنائس الدير
بالدير كنيستان أثريتان، الكنيسة الأولى وهي كنيسة القديس بطرس وبولس وهي حديثة علي اسم الرسل بنيت، حوالي سنة 1765 تقريبًا علي اسم القديس بطرس وبولس وهي كنيسة لها تسع قباب ولها ثلاث هياكل: الهيكل البحري علي اسم القديس مرقوريوس أبوسيفين، والهيكل الأوسط علي اسم القديس بطرس وبولس، والهيكل القبلي علي اسم القديس مارجرجس، وهو الهيكل الذي احتوى على اسم الكنيسة المندثرة في الدير باسم دير سرجيوس الذي أطلق عليه اسم منطقة الدير وادي سرجة ويقف صحن الكنيسة ست قباب أخرى تمثل الصحن والخوارس للكنيسة لذلك تكون جملة قباب الكنيسة تسع قباب في السقف.
الكنيسة الأثرية
الكنيسة الأخرى وهي الكنسية الأساسية بالدير، عبارة عن مغارة منحوتة في الجبل يرجح أنها من القرن الأول الميلادي، ويرجح أيضًا أنها قد تكون جاءت إليها العائلة المقدسة في زيارتها إلى أرض مصر واستراحت بها لأن المكان الذي وطئت به أقدام الطفل يسوع يكون مقدس لذلك.
لذلك حيثما جاء القديس مقروفيوس بعد رهبنته علي يد القديس الأنبا مويسيس “بالبلينا” جاء القديس في هذه المغارة وشيد في هذه المغارة الأثرية كنيسة علي اسم السيد العذراء مريم بالطريقة والتراث الأرثوذكسي، وبدأ النحت فيها وتقسيمها تقسيما عجيبًا للخوارس الثلاثة ولكن بدون بناء أي حوائط ولكن تقسيمها كان من ناحية السقف بنظام التقسيم الأفقي، لأن المغارة عبارة عن صخر وهذا التقسيم العجيب من نوعه الذي انفردت به هذه الكنيسة، وهذه الكنيسة الأثرية لها بابان باب من الناحية القبلية وباب من الناحية البحرية والباب ضيق ويجعل الداخل ينحني رأسًا لكي يسجد.
حامل الأيقونات
يتكون حجاب الكنيسة الأثرية من حجارة جمعت من العصر الأول المسيحي مرسوم على هذه الحجارة مفتاح الحياة الفرعوني علامة الأونخ، ويرمز إلى الصليب، وأخرى منقوش عليها القربان ويعضها عبارة عن صلبان رسمت بطريقة زخرفية بديعة تدل على عظمة الفن القبطي، ويختلف كل صليب عن الآخر في زخرفته وشكله وبعضها نحت عليها أغصان زيتون متداخلة في منظر مجسم وكأنها لوحة حية أو سيمفونية جمال روحاني.
ويوجد بحجاب الهيكل الأوسط طاقتين حسب عادة الكنيسة في العصور الأولي وبالكنيسة الأثرية مذبح رئيسي علي اسم العذراء القديسة مريم ولها قبة والمذبح الآخر من الناحية البحرية علي اسم رئيس الملائكة ميخائيل ولها قبة وتوجد المعمودية من الناحية البحرية.
أعياد الدير
رتبت الكنيسة سبعة أعياد للعذراء وأضيف إليها أخيرًا عيد ثامن وهو عيد ظهورها بكنيستها في الزيتون في 24 برمهات، والأعياد هي عيد البشارة بميلادها ويقع في 7 مسري، وعيد ميلادها في أول بشنس، وعيد دخولها طفلة في الهيكل في 3 كيهك، وعيد دخولها مصر في 24 بشنس وعيد نياحتها في 21 طوبة، وعيد صعود جسدها الطاهر إلي السماء ويكون في 16 مسري، وعيد السيدة العذراء حالة الحديد وتخليصها لمتياس الرسول من السجن.
حالة الحديد
أما عن معجزة العذراء “حالة الحديد” هي عند تقسيم أماكن الخدمة والكرازة بين الرسل في أنحاء العالم وقعت القرعة علي متياس الرسول للخدمة في آسيا الصغرى – تركيا حاليا – وأثناء خدمته في مدينة برطس أمسكه ملكها الوثني وحبسه في السجن لكي يمنع بذلك انتشار المسيحية في بلاده، فأعلن رب المجد للسيدة العذراء وهي في مدينة أورشليم أنه استجاب بصلوات وتضرعات القديس متياس لإنقاذه من سجنه وعودته إلي خدمته، فحملتها سحابة نورانية بسلام إلي بلاد آسيا والتقت بامرأة عجوز التي حدثتها عن متياس الرسول، وأن ابنها قد مسه الشيطان وتريد أن يشفيه القديس متياس، فوعدتها بشفاء ابنها وأن تخفض صوتها ولاتنطق بهذا الاسم في العلن.
ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﺻﻄﺤﺎﺑﻬﺎ إلي ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻗﻔﺖ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺗﺼﻠﻰ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ ﻭﺇﻳﻤﺎﻥ ﻟﻜﻰ ﻳﺘﻤﺠﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺬﺍﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺪﻥ ﻭﺻﺎﺭ ﺳﺎﺋﻼ ﻭسال ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺫﺍﺑﺖ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﻣﺘﺎﺭﻳﺴﻪ ﻭﺍﻟﺴﻼﺳﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻲ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺗﻌﺠﺒﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺗﺴﺎﺀﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍلظﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﺤﺪﺙ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ.
ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻧﺪ ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﻴﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺲ ﻣﺘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ، ﺣﻴﺚ إﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻬﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺫﺍﺑﺖ ﺃﺑﻮﺍﺑﻪ ﺑﻞ ﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻭﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺬﻟﻚ ﺁﻣﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ ﻭﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﺒﺮﻛﺔ ﺣﻀﻮﺭ ﺃﻡ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍلي ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﻰ سجلها ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ.
الهوامش
- كتاب “القديس الأنبا مقروفيوس”، الصادر عن دار يوسف للطباعة.
اقرأ ايضا
18 تعليقات