صور| عبادات وسهرات وموائد العائلات في ليالي رمضان بأسيوط
تصوير: أحمد دريم
تزخر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بالعديد من الروحانيات لعل أبرزها صلاة التهجد والاعتكاف من جانب، والتجمعات العائلية والسهرات القرآنية وحلقات الإنشاد والذكر وإقامة الموائد والنفحات الرمضانية للفقراء من جانب أخر، لتعبر كل هذه الطقوس عن عادات أهالي قرى ومراكز محافظة أسيوط.
الدوار والمندرة
عقب صلاة العشاء من كل يوم، تفتح دواوير ومنادر العائلات أبوابها أمام الجميع لاستقبال الأقارب والأصدقاء من العائلات الأخرى والضيوف المترددين علي القرية لإقامة السهرات الرمضانية التي تضم قراءة القرآن الكريم يتلوها أحد المشايخ من أصحاب الأصوات المميزة، فضلًا عن المأكولات والتسالي التي يتم تجهيزها بالمنزل واحتساء الشاي وشرب العصائر وذلك طوال الليل.
يوضح محمد رمضان، 70 عامًا، أنه منذ القدم وكل عائلة تقوم بما يطلق عليه “التسهير” في شهر رمضان وهو عبارة عن الاتفاق مع أحد المشايخ مسبقًا لقراءة القران طوال شهر رمضان مقابل أجر مادي، وهذا تفعله معظم العائلات في الدوار أو المندرة، ويتحمل تكلفة المصروفات جميع أفراد العائلات من خلال توزيع ما يصرف عليهم وتقسيم الأيام علي بيت في العائلة من خلال تجهيز الأكل والمشروبات، وتضم السهرة الرمضانية جميع أفراد العائلة في جو يسوده حب وترابط ومحبة، وكذلك استقبال الضيوف من العائلات الأخرى والمترددين على القرية.
ويذكر الشيخ محمد المزلاوي في كتاب “شهر رمضان في الجاهلية والإسلام”، أن ليالي شهر الصوم تبدأ في القرية بعد صلاة العشاء والتراويح يحييها قراء القرآن الكريم في منازل شيخ العائلات ويجتمع الأهل والأقارب والاصدقاء في الدوار أو المندرة يستمعون إلى آيات الذكر الحكيم علي مدار الشهر الكريم ويتناولون أطعمة رمضان ويشربون الشاي والقهوة والقرفة ويتسابق الجميع في الخدمة والعمل من الرجال والنساء والأولاد والبنات وعلامات الرضي تضيء الوجوه رغم الجهد الكبير.
ليالي قرآنية
بعيدًا عن دوار العائلة أو المندرة، يقيم الأشخاص المقتدرين بالقرية ليالي قرآنية أمام منازلهم الخاصة من خلال المجيء بقارئ قرآن ومنشد ديني طوال الليل واستقبال الضيوف والفقراء من القرية لتقديم لهم الطعام والمشروبات والنفحات الرمضانية، وهذا يتكفل به صاحب المنزل الذي يعقد الليلة وأحيانا تكون عدة أيام أو يوم واحد في الشهر الكريم.
الطرق الصوفية
يعقد أفراد الطرق الصوفية حلقات من الإنشاد والذكر في ساحات الأضرحة بالقرى والمراكز، والتي تشمل الإنشاد في أهل البيت وتبدأ من بعد صلاة التراويح يتخللها حلقات للحضرة، وكذلك إقامة موائد رمضانية وتقديم المشروبات للمترددين علي الحلقات بالمجان وذلك يستمر طوال ليالي شهر رمضان.
الموائد الرمضانية
يحرص المواطنون على إقامة موائد الرحمن بالشوارع وأمام المساجد والميادين المختلفة بالقرى والمراكز، لإفطار الصائمين وخصوصًا الضيوف المارين علي الطرق الرئيسية والفقراء وتوزيع البلح والعصائر على السائقين بمداخل القرى، وهذه الموائد يتحمل تكلفتها القادرين ورجال الأعمال بالقرية.
صلاة التراويح
يحرص الكثير من المصلين على أداء صلاة التراويح في المساجد الكبرى في القرى والمراكز، والتي يؤم الناس فيها أحد الأئمة يتميز بالصوت الجميل، ففي مدينة أسيوط يتوافد المصلين علي مسجد ناصر والمجاهدين وجلال السيوطي وعمر مكرم، باعتبارهم أكبر مساجد المحافظة ويعجوا بمئات المصلين.
ويقول المنزلاوي في كتابه عن صلاة التراويح، إنها يسعى إليها الصائمون وتراهم في المساجد راكعين ساجدين يحيون بها ليالي الشهر الكريم ويرفعون أيديهم بالدعاء وتعد من أشهر المظاهر الرمضانية التي بدأت فردية، وجعلها الفاروق عمر جماعية سنة 14 هجرية وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخليقة الثاني هو أول من جمع المسلمين خلف إمام واحد في صلاة التراويح في فترة خلافته واستمرت 10 سنوات.
الهوامش
- كتاب “شهر رمضان في الجاهلية والإسلام” للدكتور أحمد المنزلاوي، الصادر عن كتاب الجمهورية في يوليه عام 2013.