صور| الرسام والنحات محمود حسن: أحلم أن يكون لدى مؤسسة لتعليم الأطفال الرسم
محمود حسن فنان تشكيلي من أبناء محافظة الفيوم، من مواليد عام 1984، صاحب موهبة بارزة، ورغم عدم دراسته للفن بشكل أكاديمي، إلا أنه بات أشهر من يعملون بشكل احترافي، واستطاع بما يبدعه من فن أن يكون واحدًا من أهم فناني الفيوم في رسم البورتريه باستخدام الفحم والتصوير الزيتي وعمل المجسمات الإعلانية.
بداية المشوار
يحكى محمود عن تجربته ويقول: “والدتي هي معلمتي الأولى، ترسم بشكل فطري، وجعلتني محبًا للرسم ومتعلقا به، وهي التي جعلتني، وأنا فى الخامسة من عمرى أمسك القلم لأرسم قبل أن أمسكه للكتابة. عندما دخلت المرحلة الابتدائية بدأت أقلد رسومات الكتب المدرسية وأرسم أي شيء يوجد أمامي، وفي المرحلة الإعدادية كنت ارسم في كشاكيل وكراسات المذاكرة صورة خاصة لكل درس أقوم بمذاكرته، كما كنت أرسم الخرائط المدرسية بدقة وإتقان لدرجة أن العديد من المدرسين بالمدرسة لم يصدقوا أنني من قمت برسمها، لذا كنت أحصل على الدرجات النهائية في مادة التربية الفنية، وتنبه لموهبتي مدرسي التربية الفنية الذين شجعوني، ثم بدأت استخدام الألوان الجواش في الإعدادية، وفي المرحلة الثانوية استخدمت الفحم”.
يتابع حسن: لم أجد في المواقع الثقافية بالفيوم من يقدم لي الدعم أو الاهتمام بموهبتي، لذلك اعتمدت على نفسي وعلى إحساسي بالفن والجمال دون مساعدة من أحد، إضافة إلى التحدي الذي بدأ ينمو بداخلي والإصرار على السير في طريق الفن حتى أشبع نهمي وشغفي بالرسم.
العمل والدراسة والهواية
“عملت خلال مراحل دراستي لأوفر مالا أنفق منه على نفسي وأساعد أسرتي”، هكذا يشرح محمود، ويقول: عملت مع والدي في ميكانيكا السيارات في عمر 6 سنوات، وفي الصف الرابع الابتدائي وحتى نهاية المرحلة الإعدادية عملت في ورشة للخراطة، ثم عملت لمدة 11 عامًا “عتال” على سيارات النقل الثقيل، وعشقت خلال تلك الفترة مناظر الصحراء والجبال، كما شكلت تلك الفترة جزءا هاما من شخصيتي نتيجة تعاملي مع مختلف الأشخاص.
التحق محمود بكلية التجارة جامعة بني سويف، ورسم أكثر من 40 بورتريه لممثلين وممثلات باستخدام الفحم، علقها في غرفته بالمنزل، كان يتمنى أن تُشاهد أعماله، وفي الجامعة تحققت الأمنية، فيقول: كانت الجامعة تستعد لافتتاح معرضًا للوحات الفنية، ذهبت للقائمين على المعرض لأخبرهم برغبتي لكن في المشاركة، لكن للأسف المسؤول عن المعرض أخبرني أن موعد التقديم للمشاركة قد انتهى، في اليوم التالي حضرت إلى الجامعة ومعي إحدى لوحاتي وذهبت مرة أخرى للمسؤول عن المعرض الذي اندهش من اللوحة، وتجمع من كان موجود بالحجرة ينظرون إلي لوحتي بإعجاب، وسألني المسؤول عن المعرض: “عندك لوحات أخرى؟” فأجبته: حوالي 40 لوحة، وطلب مني أن أحضرها في خلال ساعتين، وسيخصص لي حائط خاص في المعرض لعرض اللوحات، وعلى الفور اتصلت بأخي أن يحضر اللوحات سريعا من الفيوم إلى بني سويف، وبالفعل تم إفراغ حائط كامل لعرض لوحاتي ونالت إشادة وإعجاب زوار المعرض، بعدها أصبحت عارضا أساسيًا في كافة المعارض التالية بالجامعة، وفازت كلية التجارة بالمركز الأول في المعارض الفنية.
وفي إحدى المرات علمت أن من سيفتتح المعرض محافظ بني سويف وعميدة الكلية ورئيس جامعة القاهرة ورئيس جامعة بني سويف، وقبل المعرض أحضرت صورهم وقمت برسم بورتريهات بالفحم لهم وتم تعليقها في بداية المعرض، وكانت الإشادة والسعادة ظاهرة في أعينهم ثم منحوني تذكرة لحفلة للفنان عمر خيرت في دار الأوبرا المصرية، وتم تكريمي في الجامعة.
إحباط وعودة
تعرض “حسن” لبعض المضايقات، فقد حمل لوحاته راغبًا في المشاركة بها في معرض كان يقام على هامش مهرجان السينما بفرع ثقافة الفيوم، لكنه واجه تعنتًا من القائمين على المعرض، وتزامن ذلك مع موجة عاتية لتحريم الفن، وهو ما أثر نفسيا عليه وجعله يصل لمرحلة الاكتئاب دفعته إلى أن يمزق كافة لوحاته الفنية ويحرقها ويعتزل الفن. استغرقت هذه الحالة بعضا من الوقت، لكن حنينه إلى الرسم كان أقوى، وعاود العمل مرة أخرى بقوة وقرر مواصلة مشواره الفني والاعتماد على نفسه في اكتشاف واستخدام خامات جديدة وأسرار مختلفة لعمل البورتريهات، فاستخدام أعمدة الكربون المستخرجة من البطاريات التالفة كي يظهر اللون الأسود القاتم، كما استخدم قطع الفحم بعد طحنها، ورسم بعض البورتريهات بالقهوة والشيكولاتة.
النحت والفوم
تعرف محمود على النحات محمد الفيومي، وذهب في أحد الأيام إلى ورشته، وكان الفيومي يعمل في أحد أعماله النحتية، وهذا اللقاء كان فارقا في مشواره الفني، يقول عنه: بكر الفيومي من أكبر فناني النحت في مصر والوطن العربي والجميع يعلم ذلك، وعندما ذهبت إليه كنت مبهورا بعمله، وقام بإعطائي إحدى قطع البرونز وطلب منى تشكيلها، أخبرته أني لم يسبق لي هذا العمل، لكنه شجعني وبالفعل بدأت في تشكيل أول قطعة نحتية في حياتي بداخل ورشة الفيومي، وأعجب الفيومي جدا بالمنحوتة وقام بتوجيهي لبعض الأخطاء ثم أعطاني أحد تماثيله وطلب منى نسخها كي أتعلم، لكني لم استمر في النحت على البرونز كثيرا لعدم توافر الأفران الخاصة بالحرق.
ويكمل: الآن أمتلك ورشتي الخاصة التي أمارس فيها هوايتي وفني، واتجهت مؤخرا لعمل المجسمات العملاقة والصغيرة من الفوم للأغراض الإعلانية لكافة الأنشطة التجارية، وقد زادت شهرتي في هذا المجال، أتذكر ذات مرة نشرت أحد أعمالي من هذه المجسمات على الفيسبوك، فحصلت على أكثر من 11 الف إعجاب ومشاركة وتعليقات كثيرة، وهذا شجعني على استكمال مشواري في هذا المجال الذي لا يعمل فيه الكثير من الفنانين.
حصل محمود على منحة تفرغ من وزارة الثقافة في مجال النحت، يقوم خلالها بعمل ثلاثة قطع نحتية في العام، لكنه يحلم بالكثير، فيقول: “نفسي يكون عندي كشك أو مكان مخصص للرسم في ميدان السواقي مثل الميادين الكبرى فقط أتمنى حامل للرسم ومقعد وحبل لعرض اللوحات، وقد حاولت الكثير مع المحافظة لكني فشلت، أحلم أيضًا بأن يكون لدي مؤسسة وهنجر كبير وفريق عمل لإنتاج ألعاب الأطفال من الفوم الذي يعمل بالريموت كنترول أقوم بتنفيذه، وتقوم تلك المؤسسة بتقديم الدعم لكافة المواهب هذا الدعم الذي لم أجده خلال مشواري الفني”.
2 تعليقات