«رفعت عيني للسما».. حين حصدت فتيات المنيا جائزة العين الذهبية
أعلنت لجنة أسبوع النقاد للأفلام الوثائقية بمهرجان كان فوز الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، بجائزة L’Œil d’or (العين الذهبية). ويعد الفيلم هو أول فيلم مصري يفوز بتلك الجائزة، وثالث فيلم مصري يفوز بجائزة في فعاليات مهرجان كان بعد فيلم «ستاشر» لـ سامح علاء (2020) والذي فاز بجائزة السعفة الذهبية Short Film Palme d’Or لمهرجان كان في دورته الثالثة والسبعين كأفضل فيلم روائي قصير، وفيلم “ريش” لـ عمر الزهيري (2021) الذي حصل على Grand Prix (الجائزة الكبرى) في مسابقة أسبوع النقاد في فعاليات الدورة الرابعة والسبعين.
«رفعت عيني للسما» هو فيلم تسجيلي وثائقي عن كفاح فتيات من قرية البرشا التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا. قررن أن يتحدين عادات القرية وإنشاء فرقة مسرحية تتجول في الشارع. مقدمة عروض مسرحية وبانوراما لتصحيح المفاهيم حول جسد المرأة وحريتها في التعبير والقضايا التي تعاني منها داخل القرية، مثل الزواج المبكر والتحرش. ويتتبع الفيلم قصة أولئك الفتيات الصعيديات وإصرارهن على تغيير عادات مجتمعهم عبر استخدام الفن.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تحصد فيها نساء البرشا جائزة من مهرجان “كان”. فإن أول من حصدت تلك الجائزة هي دميانة نصار بطلة فيلم ريش. ثم تبعتها أقرباؤها وأصدقائها مؤسسات بانوراما البرشا. لتعلن عن مواهب الصعيد المجهولة وعلى الأخص محافظة المنيا والتي ينحدر منها أيضا الفنان العالمي رامي سعيد مالك.
***
وكانت الحركة المسرحية بالمنيا قد بدأت عند شباب المدرسة القبطية بالمنيا قبل عام 1880م. واستمرت حركة المسرح تنتشر على مدار القرن المنصرم. حيث قاموا بإنشاء عدة فرق مسرحية كنسية مثل فريق ثيؤدوروس المسرحي والذي ترجع بداياته إلى ستينات القرن الماضي ومسرح الجيزويت (اليسوعيين) بالمنيا أحد أهم المراكز الثقافية بالمنيا والصعيد.
وتبدأ القصة عندما قام بعض من شباب قرية البرشا التابعة لمركز ملوي بتأسيس فريق بانوراما برشا. والذي يعنى بعمل عروض مسرحية وعروض شارع وليس كذلك فقط. بل آمن أولئك الشباب أن لهم دور في تنمية مجتمعهم الصغير. فهم يعرفون أنفسهم بأنهم “فريق مسرح شارع مهتم بالقضايا المجتمعية في الصعيد”. لذا قاموا بعمل ورش للحكي وحملات لمناهضة العنف ضد الأطفال مثل حملة (علمونا من غير ما تهينونا) بجانب عروض المسرح والحفلات المختلفة. وقد قاموا بتوفير فرص تمثيل لكثير من أبناء قريتهم في عدة أفلام مستقلة مثل فيلم ريش وفيلم أمانة البحر للمخرجة هند سهيل الذي شارك في مهرجان القاهرة للسينما.
عبر جهود أولئك الشباب وسعى فتيات البرشا (يوستينا سمير وماجدة مسعود وهايدى سامح ومونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار وليديا هارون) نحو تنمية مجتمعهن وتغيير الوعي نحو قضايا المرأة بالمجتمع الريفي والصعيدي. سعى كل من ندى وزوجها أيمن لتوثيق نضال فتيات البرشا وإيصال صوتهم للعالمية. وبالفعل استمر العمل في الفيلم حسب تصريحات ندى رياض مخرجة العمل أربع سنوات. حيث قامت مع زوجها أيمن بتصوير مادة فيلمية تقارب الـ 400 ساعة. وتحدثت عن مواجهة الصعوبات في التصوير بداخل قرية صعيدية. حيث من اللازم أن يتم قبولهم داخل المجتمع القروي وأن يعتاد أهل القرية على وجود الكاميرا ويتصرفون بطبيعية.
***
الفيلم الوثائقي له ثلاثة عناوين بثلاث لغات الدارجة المصرية والإنجليزية والفرنسية. برأيي تقدم ثلاثة تعابير مختلفة مهمة لتكوين الصورة المُلهمة التي أرادها صناع العمل أن تكتمل عن بطلات عملهم:
- بالمصرية الدارجة “رفعت عيني للسما” وهو تمصير لنص مقتبس عن مزمور 121 رفعت عيني إلى السماء (الجبال) حيث يأتي عوني. ويعبر عن تطلعات فتيات القرية التي تصل حد السماء.
- باللغة الإنجليزية “the brink of dreams” أي حافة الأحلام. وهي ترجمة حرة لمعنى العنوان المصري.
- لكن يتفرد العنوان باللغة الفرنسية “Les filles du nil” أي بنات النيل ليقدم تعريفا مختلفا للفيلم على أنه توثيق لكفاح بنات نهر النيل المصريات.
اقرأ أيضا:
«أرشيف بيكيا»: «زكي محمد خطاب» الأزهري قائد الشمامسة