التراث والمناخ في «يوم التراث العالمي»
لاشك أن تغير المناخ من أهم مواضيع الساعة نظرا لما ثبت من ازدياد درجة الحرارة منذ القرن التاسع عشر وازدياد معدل الزيادة إلى الضعف بالقرن العشرين.
ويؤدي الاحترار إلى ارتفاع مستوي البحر وتقلبات في الطقس وكوارث نتيجة للفيضانات والعواصف والجفاف أو السيول. ولذلك ينبغي أولا أن يكون هناك برنامج قومي لوضع خريطة مخاطر للآثار المهددة في المناطق الساحلية وفي مجري السيول لاتخاذ ما يلزم من تدابير لحمايتها.
ومن ناحية أخري ينبغي أن توضع خطة لتأثير تغير المناخ على السياحة. لأنه يؤثر على ما يقصده السائح في زياراته ولذلك من الضروري تجهيز المناطق التي ستكون أكثر جذبا وتنويع المقاصد والبرامج السياحية في مجال السياحة الثقافية بما تتضمنه من اهتمام بالتراث اللامادي. وفي إطار استضافة مصر في 7-18 نوفمبر القادم المؤتمر العالمي UN Climate Change Conference 2022 لتغيير المناخ (UNFCCC COP 27) يستحسن أن تنظم الزيارات إلى الأماكن التي يستدل منه على ما حدث من تغيرات مناخية. بمصاحبة شروح لتأثير تغير المناخ على المجتمع وما تم من إجرءات للتخفيف من وطأتها والتغلب عليها. ومن هذه الأماكن مقياس النيل بالروضة ومنه يستدل على تأثير المناخ على شحة الفيضانات التي أدت إلى الشدة المستنصرية ومقاييس النيل في آسوان وإدفو والأقصر التي رصدت تغير مناسيب الفيضان نتيجة للتقلبات المناخية في أعالي النيل في عصور مصر القديمة. وهناك أيضا “سد جراوي” بحلوان الذي صمم في عصر الأهرامات لحصد مياه السيول وتفادي مخاطرها.
**
كما تقدم بحيرة قارون بالفيوم سجلا فريدا لشحة الفيضانات التي ساهمت في انهيار الدولة القديمة نتيجة لتغير مناخي عالمي في 2200 قبل الميلاد. وهو ما يحتاج الي تأسيس مركز للتراث والمناخ ليقدم للزوار الشروح والأدلة على ذلك. وتحظي الفيوم أيضا بمتحف محمية وادي الحيتان. وهو من أول المتاحف التي اهتمت بعلاقة التراث الطبيعي بالمناخ.
كما نحتاج الي مركز آخر بالواحات لتقديم الأدلة على تغير المناخ وتأثيره على تخضير الصحراء وجفافها في فترات متتالية. ساهمت في انتشار الإنسان الأول من شمال إفريقيا عبر مصر إلى باقي أنحاء العالم وفي التواصل بين مصر وجيرانها خلال العصور المطيرة. وتأثير الجفاف منذ 7000 عام على النزوح من الصحاري إلى وادي النيل وما واكب ذلك من تحول إلى الزراعة التي مهدت لظهور الحضارة المصرية. وسيكون من مهام هذه المراكز تنظيم الزيارات للجميع ومنهم الطلبة بالتعاون مع الأهالي إلى أماكن الشواهد المناخية التي تشمل في الصحاري رواسب البحيرات والرسوم الصخرية التي تبين الفيلة والزراف التي عاشت في الفترات المطيرة وانقرضت نتيجة للجفاف الذي شكل معالم الصحراء كما نعرفها حديثا.
اقرأ أيضا:
د.فكري حسن خلال معرض«الرحلة»: العامية المصرية هي الفصحى العربية المعاصرة