«حوريات البحر والمراكب والفينيل».. دمج الأسطورة بالتاريخ المصري في معرض فني
تختتم غدا فعاليات المعرض الفني«حوريات البحر والمراكب والفينيل» للتشكيلي جمال بسيوني، بجاليري «آرت توكس». المعرض يقدم مزيجا فنيا مبتكرا بين الرموز المصرية القديمة، مثل «مراكب الشمس» وأساطير حوريات البحر، بأسلوب معاصر. كما يتيح فرصة لاستكشاف العلاقة بين البحر والمراكب المصرية القديمة من خلال رحلة تفاعلية تجمع بين الفن التشكيلي والموسيقى والفينيل.
صورة تخيلية
دمج الفنان السكندري بين رمز حقيقي وهو المراكب المصرية القديمة، وأسطورة حورية البحر. إذ يربط بين البحر والمراكب بطريقة تعبّر عن هذه العلاقة التاريخية. يصور “بسيوني” المراكب المصرية القديمة، لأنه يرى أنها الجسر الحقيقي إلى التراث المصري ووسيلة الاتصال الأبدي مع الأرض والمياه، سواء النيل أو البحر. كما يقدم بصورة تخيلية لقاء القارب بالبحر وتناغم حركته مع الموج ليوثق أساس الطبيعة الحياتية وأسطورة حورية البحر على خلفية موسيقية من الفينيل.
كما يدعو الفنان جمال بسيوني في معرضه، إلى الانغماس في رحلة تربط بين الروايات التاريخية لكن بطريقة معاصرة. وتصور لوحاته المراكب وصفارات الإنذار، ويقدم لأول مرة أعمال منحوتة تتنوع بين المزهريات والمراكب المصرية.
رموز مصرية قديمة والفن الحديث
عن فكرة المعرض، يتحدث الفنان السكندري جمال بسيوني لـ«باب مصر»، قائلا: “عندما نفكر في مصر القديمة، فإننا نفكر في الأهرامات والصحراء والنيل والمومياوات والحياة الآخرة.” ويضيف: “معظمنا لا يفكر في الإبحار، لكن المراكب هي الخيط المشترك الذي يربط رموز مصر القديمة معًا، وهذا ما يدور حوله المعرض”.
يستكمل بسيوني بهذا المعرض سلسلة معارض تتعلق بمصر القديمة. كان آخرها معرض فردي في الإمارات في مارس الماضي عن مراكب الشمس. ويعد هذا المعرض الفردي الثالث للفنان التشكيلي، بعد “طيور العبور” عام 2021، و”أليجرو” عام 2023.
بدأ هذه السلسلة منذ دراسته رسالة الماجستير بعنوان: “العقائد المصرية القديمة وعلاقتها بالفن الحديث”. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الحضارات القديمة جزءا أساسيا من أعماله. ويقول: “أحرص في أعمالي على دمج عنصر البحر والمياه، وفي المعرض الحالي جسدت فكرة المركب المصري وانعكاسه على البحر، وحاولت تقديمه في صورة أسطورة حورية البحر”.
تخرج بسيوني في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وعزز فنه متعدد الوسائط بالدراسة الأكاديمية، إذ حصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة عام 2019، في الرسم الزيتي.
الإسكندرية المُلهمة
أما عن كواليس المعرض، وتأثره بالنشأة بمدينة الإسكندرية والجمع بين أسطورة إغريقية مع رمز مصري قديم. فيقول بسيوني لـ«باب مصر»: “نشأتي على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ورؤية القوارب بشكل يومي جعلت البحر مصدر إلهام لي. وأثارت هذه المراكب الحديثة مخيلتي حول كيفية تفاعلها مع الأمواج”. وشكل افتتانه بالإسكندرية هذه الرؤية، حيث كان البحر دائمًا رفيقًا له، مما دفعه لاستكشاف عالم قوارب المصريين القدماء.
وقبل أربع سنوات، انتقل إلى القاهرة، المدينة الصاخبة. وكان التحول بين هدوء الإسكندرية وحركة وصخب القاهرة حافزًا لاستكشافه الفني وتوسيع نطاق عمله ومهاراته في المنحوتات والتركيبات باستخدام مواد مثل المعدن والألياف الزجاجية والطين. يرى بسيوني أن الخلفية الثقافية للفنان تؤثر على العمل النهائي. ويقول: “أي عمل أستلهمه يكون من البيئة المحيطة بي أو تأثري بالدراسة الأكاديمية، وأرى أن الجزء الفكري مهم ومؤثر في العمل”.
تجريب وتطوير
يذكر بسيوني أن كل شيء قابل للتجريب، إذ يعمل دائما على استكشاف أشياء جديدة. ويقول: “كل شيء بالنسبة لي قابل للتطوير، ودراسة الماجستير كان لها تأثير كبير عليّ، حيث عمقت اهتمامي بالحضارة والتاريخ”.
وعن استخدام القوارب، يوضح: كانت القوارب جزءا مهما من الحياة المصرية القديمة وكانت تستخدم أيضًا للاستكشاف. وفي هذا المعرض تعاونت مع 10 فنانين مصريين شباب للرسم بأسلوبهم الفريد وأحجام مختلفة من القوارب المصرية القديمة”. ويتابع: “المعرض الذي أقدمه هو معرض فردي، لكنني شاركت أيضًا في مشروع تعاوني. حيث قمت بنحت المراكب، ومن ثم أضاف فنانون شباب رؤيتهم الخاصة، مما خلق روح التعاون بيننا. كان بيننا رسامون ونحاتون”.
والفنانون الشباب هم: أحمد عثمان، أكرم الحلواجي، أمير عبد الغني، فريدة سلطان، مايكل وحيد، عمر سنادة، بانس أحمد، شادي حامد، يحيى نور الدين وزياد فاوي.
اقرأ أيضا:
د.سامح حنا: «ترجمة الكتاب المقدس».. السفر إلى النص في زمنه واستدعاؤه في زمننا