حوار| بعد فوزه بجائزة ساويرس للرواية.. أحمد شوقي: الأدب لا يدر عائدًا على صاحبه
لم يكن واثقًا من فوزه في مسابقة ساويرس الثقافية، إلا أن روايته “حكايات الحزن والحسن” قد تخطت طموحاته وحصدت المركز الثاني مناصفة في فرع الرواية، بدأ مشواره مع الحكايات في عامه الجامعي الأول، محاولًا مساعدة صديقه في كتابة نص مسرحي.
واستطاع الكاتب أحمد شوقي علي، الإفراج عن مكنونات قلبه؛ لتتنفس على أسطح الورق، فكانت مجموعته القصصية الأولى بعنوان “القطط أيضًا ترسم الصور”، فيما جاء عمله الثاني بروايته “حكايات الحزن والحسن، وكان موقع “ولاد البلد” على موعد مع الكاتب أحمد شوقي للتعرف على أبرز المؤثرين فيه، والكشف عن خطواته التالية بعد فوزه بجائزة ساويرس الثقافية، وإلى نص الحوار:
متى بدأت الكتابة؟ وما هو أول عمل لك لم ينشر بعد؟
بدأت ممارسة الكتابة بشكل فعلي، في السنة الأولى من الجامعة، كنت ممتلئًا بالرغبة في الكتابة، لكنني لم أمارسها حتى طلب مني صديق مساعدته في تأليف نص يصلح للعرض المسرحي الجامعي، وفعلت، وهكذا صرت أكتب.
ومن ناحية أخرى، لا أعتقد أن لدي عمل مكتمل يصلح للنشر ولم أنشره، بالتأكيد لازلت أحتفظ ببعض من النصوص التي كتبتها في بدايتي، لكنها لا تمثل في مجملها مشروع يستحق النشر.
إذًا هل من الممكن أن تستكمل مشروعاتك الأدبية الأولى وتنشرها؟
لا أعتقد ذلك، فكتاباتي في البداية لم تكن كتابة بالمعنى الفعلي، ولا أعتقد أنها ستثير في مخيلتي أفكار لمشاريع تالية، بعكس كتابي الأول “القطط أيضًا ترسم الصور”، الذي حذفت منها جزءً كان الأساس الذي بنيت عليه الرواية.
وماذا ناقشت كتاباتك الأولى؟
بدأت بالكتابة العاطفية، فكانت ترجمة للشحنة العاطفية التي أكنها للقضايا التي شغلت تفكيري في تلك الفترة منها؛ أطفال الشوارع، الشيطان، الطلاق، مراكز القوى.
من الشخصيات المؤثرة في استكمالك مشوارك الأدبي؟
من وجهة نظري أن الكاتب يتأثر بكل من يمرون بحياته؛ الطيب منهم والرديء، فإن كلمة يطلقها عفوًا أي شخص يمكن أن تكون دليل لي مدى الحياة، كما يمكنها تغيير وجهة نظري في التعامل مع بعض الأمور. وذلك لا يمنع وجود أشخاص محددين يرشدوك في بداية الطريق، وأعتقد أن جاري الدكتور ياسر الشاعر أستاذ الفيزياء بهيئة الطاقة الذرية؛ أول ناقد حقيقي أقابله في حياتي، فلولاه لكنت تأخرت كثيرًا في إدراك مشوراي الأدبي.
من أبرز الشخصيات الأدبية التي أثرت في تفكيرك وأسلوبك الكتابي؟ وكيف أثروا بك؟
نجيب محفوظ، يحيى الطاهر عبدالله، ماركيز، تعلمت منهم كيفية التعامل مع اللغة، والرغبة الدائمة في التجريب، يظن البعض أن نجيب محفوظ كاتب محافظ، هؤلاء لم يقرأوه كما يجب.
لماذا تتبع أسلوب الحكي في كتاباتك؟ وإلى أي مدى تأثرت بأساليب الحكي في ألف ليلة وليلة في روايتك “حكايات الحسن والحزن”؟
تعتمد روايتي في بناءها على الحوار اليومي، وهي قريبة الصلة ببنية الحكاية الشفاهية، كما أنها دائرية كما في ألف ليلة وليلة وغيرها من قصص الموروث الشعبي، وفرضتها الرواية لأنها حوار بين اثنين، أو حكاية يقصها الراوي على نفسه.
كيف أثر بك الموروث الثقافي الشعبي أثناء تأليفك لـ”القطط أيضًا ترسم الصور” و”حكايات الحزن والحسن”؟
لدينا تراث أدبي هائل وملهم، ومليء ليس بالخيال فقط، وإنما أيضًا بالتقنيات السردية المدهشة، المتجاوزة للزمن. فكيف لا أتأثر به؟
الكاتب إبراهيم عبدالمجيد قال: “القطط أيضًا ترسم الصور” فيها نزعة صوفية.. كيف تأثرت بالصوفية في الكتابة وكيف يمكن اعتمادها في الأدب؟
أعتقد أنها قراءة الأستاذ إبراهيم نفسه للنص، بالإضافة إلى أن اللغة المستخدمة قربت من النص القرآني وأدبيات الشعر الصوفي، وأؤكد أن النص نفسه فرض ذلك؛ بسبب أن بطله قط، وأشير هنا إلى احترامي الشديد للصوفية وتراثها، فقد قرأت الكثير منه، كما أفادتني كتابات إخوان الصفة، ورسالة ابن رشيق القيرواني، أثناء كتابتي لـ”القطط أيضًا ترسم الصور”.
ومن ناحية أخرى أرى نفسي بعيد جدًا في أدائي الشخصي عن الصوفية، فليس سهلًا أن تقول: “لقد كتبت نصًا صوفيًا”، فيجب في البداية التعامل مع الحياة كصوفي.
لماذا جعلت أبطال روايتك من النساء؟ وهل تعد الرواية دعوة للحفاظ على حقوق المرأة؟
إن عبارة المرأة نصف المجتمع، قول قاصر؛ فالمرأة تشكل العالم، وكان من الطبيعي أن تأخذ النساء هذا الدور في رواية تنتاب راويها رغبة في تشكيل عالم.
هل رواية “حكايات الحسن والحزن” صعبة الفهم؟.. ولماذا شككت في فوزها؟
لقد كانت الرواية مرهقة بالنسبة لي، لأنها كما أشرت عبارة عن حوار مفترض بين شخص ونفسه، هذا الحوار من الممكن أن يكون قد تم في ليلة واحدة؛ لذلك فإن الإيقاع السردي لابد أن يكون منضبطًا، ولكي أحافظ على انضباطه، اضطررت أن أعود لقراءة ما كتبته عندما أعود للكتابة مرة أخرى؛ حتى أستعيد نبرة السرد نفسها. وهذا كان صعبًا بالنسبة لي، وخشيت أن يسبب ذلك السرد المتلاحق إرباكًا للقارئ، فأنا هنا أتكلم عن البناء وليس عن مضمون الرواية ذاتها.
بدأت بالكتابة القصصية.. فما هو الفرق بين القصة والرواية؟ وأيهما أصعب من حيث الحبكة الدرامية من وجهة نظرك؟
لا أنظر إلى الأمر بهذه الطريقة، وأندهش من الكتاب الذين يرون في القصة تدريب على الرواية. فمن وجهة نظري أن الأمر يتعلق برؤية الكاتب وموقفه من الفكرة المنتجة لنصه، فلكل شكل فنياته، لكنني أرى أن الرواية تتفوق على القصة في قدرتها على استيعاب أشكال كثيرة من الفنون، كما أنني أفضل لقب سارد عن روائي أو قاص.
في مجموعتك القصصية الأولى “القطط أيضًا ترسم الصور” اخترت القطط لتكون أبطاًلا لها.. فلماذا؟
عندما تعرفت إلى زوجتي في الجامعة، وجدتها تحب القطط، وكانت تملك قطًا لكنه مات، وأردت أن أشتري لها آخرًا كهدية، وأحضرت لها «فتحي»، وكان عمره ساعتها 45 يومًا، لكنها ولسوء الحظ أصيبت بالحساسية من فروه، فاضطررت لإعادته للبائع مرة أخرى، وكان بائع جشع رفض أن يعيد لي الثمن ذاته الذي دفعته في القط، فقررت تربيته بنفسي، وكان والدي لا يحب القطط، لذلك تحتم علي أن أعيش أنا وهو سويًا في الغرفة نفسها، وفي محاولة لرصد سلوكه وفهمه، كتبت قصص كتابي الأول، مشتبكًا في ذلك مع كل ما لدينا في المخيلة الشعبية والتاريخية من موروث عن القطط.
من وجهة نظرك إلى أي مدى تثري المسابقات الثقافية الحياة الأدبية في مصر؟ وهل من الممكن أن تكون مجحفة في حق بعض الكتاب؟
الجوائز مهمة للأديب، فهي بمثابة تقدير للنص وكاتبه، بجانب مساعدتها في انتشار النصوص الفائزة وتقديمها إلى شريحة كبيرة من القراء، ولكن من ناحية أخرى قد تكون مضرة للأدب في حالة أن يكتب الأديب نصًا يتوهم موافقته لمعايير لجان التحكيم في الجوائز.
أيضًا أرى أن الجائزة من الممكن أن تكون مجحفة في حق البعض. ففي النهاية تحتكم الجائزة لذائقة لجان التحكيم. وللأسف فإن لجان التحكيم قد تضم في عضويتها أسماء مرموقة، إلا أنها تختار ما تفضله من الأدب وتنحي ما دون ذلك، وأرى أنها أزمة حقيقية، وتعاني بعض الجوائز العربية منها بالفعل.
هل معنى ذلك عدم وجود قواعد لاختيار الفائزين؟
بالطبع لا أدعي ذلك، فلست مطلعًا على محاضر لجان تحكيم كل الجوائز، ولكن هناك الكثير من الأعمال والتجارب المهمة لم تحصل على جوائز أدبية أو حصلت عليها بعد وقت طويل.
ماذا بعد جائزة ساويرس للرواية.. هل تنوي التفرغ للكتابة الأدبية أم ستستمر في عملك كصحفي؟
التفرغ للأدب صعب، فهو لا يدر عائدًا على صاحبه، ولكني أتمنى أن أستطيع ذات يوم أن أفعل ذلك بكل تأكيد.
“وراء كل عظيم امرأة” .. كيف تحققت هذه المقولة في حياتك؟
لا أرى نفسي عظيمًا، ولكن زوجتي كذلك، ونحن لا نسير أنني في الأمام وهي في الخلف، بل بجاور كلانا الآخر، وشيرين ساعدتني كثيرًا في الرواية، كما تساعدني في عملي بشكل عام، فتطور معي الأفكار، كما تقترح علي بعضها، كما تقترح علي قراءة كتب ستفيدني في مواضيعي الصحفية، ورغم ما تقوم به من جهد معي إلا أنها تقوم بدورها في المنزل على أكمل وجه، كما أنها تحضر رسالتها لمناقشة الماجستير.
صرحت من قبل حبك للعبة الفيفا.. فكيف توفق بين عملك كصحفي ولعبك للفيفا وكتاباتك؟
كنت أجلس مع صديق يدخن إلى جواري، ومعي شوكولاتة فطلب مني قطعة، فسألته كيف ستأكلها بينما تدخن؟ فقال لي: أنا أفعل كل شيء إلى جانب التدخين، الأمر عينه ينطبق علي، فأنا أقوم بكل شيء إلى جانب لعب الفيفا، ويمنحني لعب الفيفا التخيل والتقمص وكل شيء تقريبًا، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة للكتابة عن علاقتي بها بشكل مفصل.