حوار| بعد ظهور مجموعته في معرض الكتاب.. هاني عفيفي يكشف عن مشكلات الفيوم الثقافية
“للهلع أيضًا رائحة، فضيق عينيها، اللتين تضيقان أكثر كلما نظرت فيهما مباشرة، ربما بفعل الخوف مما يتحرك نحوها، يجعل نظرتي تبدو طائشة بفعل ما شممت من رائحة الأنوثة فيها، والتي لا تصدر إلا في لحظات خوفها، وكأنما يحدث خلط بنسب معينة داخل أوعية دمها، بين الإستروجين والأدرينالين، ما يبرز أنوثتها من خلال فتحتي عينيها، اللتين تضيقان محاولة للإغلاق، لتحافظا على ما يخرج من صاحبتها من مزيج صُنع داخلها بفعل تحفيز المجتمع الذي تسير فيه“..
معرض الكتاب
هذه إحدى أجواء المجموعة القصصية الأولى للكاتب الفيومي هاني عفيفي، والتي تحمل عنوان “الفوضى الخلاّقة”، عن دار “ابن رشد” للنشر، وتضم 17 قصة تأتي في 94 صفحة من القطع الصغير، تواجد بها الكاتب في الحدث الثقافي الأبرز في بلادنا معرض القاهرة للكتاب الموسم قبل الماضي، في افتتاح دورته الـ48.
ومع انطلاق الدورة الـ50 للمعرض، والتي تستمر لـ 5 فبراير الحالي، تواجد عفيفي مرة أخرى لكن في شكل مختلف، إذ تواجد عن كتاب رياضي بعنوان “عزيزي السيد Mo” في إشارة لمحمد صلاح، لاعب منتخب مصر وليفربول الإنجليزي.
عفيفي بدأ إهداءه:
“إلى كل محمد صلاح موجود بيننا، يرى في نفسه ويؤمن بأنه يمتلك ما لا نراه نحن”.
“ولاد البلد” التقى هاني عفيفي، المهندس الزراعي صاحب الـ38 عامًا، وكاتب قصة قصيرة، ليكشف عن سببه الرئيسي في تغيير شكل كتاباته القصصية لتصل للمجال الرياضي، وأسباب تراجع الكتاب الفيومية، وتراجع المستوى الثقافي للمحافظة وأهم المشكلات في الشأن الثقافي في الحوار التالي:
بداية لماذا اتجهت للكتابة القصصية؟
أنا من أسرة ثقافية، أسرتي كلها تكتب قصصًا وتغني شعرًا، لذلك أحببت الكتابة القصصية وخاصة القصة القصيرة، رغم أني بدأت في كتابة الشعر، لكن أحد الكتاب الكبار بقصر ثقافة الفيوم استمع لي، وأكد أني متميز في السرد القصصي ومن هنا بدأت رحلتي مع القصة.
متى انتهيت من أول قصة؟
في عام 2001 بدأت أول قصة مكتملة لي بعنوان “القبر يتحرك أحيانًا”، وهي تحكي عن التغير في الزمن والوقت، عن طريق مسن يسير على كوبري قصر النيل، وكل خطوة يعدي قسط من الزمن.
وفي عام 2002 صدرت مجموعتي القصصية بعنوان “الفوضى الخلاقة”، والتي عُرضت في معرض الكتاب قبل الماضي.
خبرتك تزيد عن 15 عامًا.. في رأيك ما أهم مشكلات الفيوم الثقافية؟
إن المشكلة الكبيرة هي قرب القاهرة من الفيوم “ظل القاهرة”، مما يجذب الكتاب والمثقفين للهروب إلى القاهرة ومنصاتها المختلفة.
كما أن هناك مشكلة كبيرة تساعد على الهروب السالف ذكره، وهو تصنيف كاتب أو شاعر الأقاليم على أنه شاعر درجة ثانية، وأن الأدباء والمثقفين من يتواجدون في القاهرة، وهو أمر مؤرق للغاية.
لكن هناك محافظات قريبة من القاهرة ورغم ذلك متقدمة ثقافيًا؟
الفيوم بها مشكلة كبيرة أيضًا، وهي عدم اتحاد المثقفين والكتاب مع بعضهم البعض، وتشكيل تجمعات ثقافية كبيرة بأي مسميات، تخدم الشارع الفيومي في المقام الأول، والأدب والثقافة من جانب آخر.
لماذا لا يوجد صالون ثقافي مثل القاهرة مثلًا؟
للأسف نادينا بذلك مرارًا، لكن هناك حالة خمول فكري كبير بين أدباء ومثقفي الفيوم، والجميع يفضل الذهاب للقاهرة بدلًا من عمل حلقات وصالونات ثقافية داخل المحافظة.
أكدت تنمر القاهرة على أدباء الأقاليم.. لماذا إذًا الذهاب؟
القاهرة وغيرها من المحافظات الكبيرة واسعة وبها كافة الآليات والأدوات التي تؤهل الشخص للنهوض والنجاح، بعكس الأقاليم كالفيوم، والذين يتفرغون للصراعات والانتقادات، لكن في القاهرة الجميع يعمل من أجل النهوض، ورغم التصنيف والتمييز إلا أنه مازال إلى الآن القاهرة أفضل.
أين دور فرع ثقافة الفيوم؟
في الحقيقة حتى الآن لا يوجد أي دور على الإطلاق، فالفرع دائمًا على خلاف مع نوادي الأدب، فنادي الأدب على سبيل المثال يكون له رأي، والفرع له رأي مخالف، ما يزيد من هبوط المعدل الثقافي في المحافظة.
لماذا لا توجد حفلات توقيع كتب بالفيوم؟
بالعكس، حفلات التوقيع بالفيوم موجودة وبقوة، ومن قريب تم إقامة فعاليات لحفلات توقيع 3 كتب لكتاب مختلفين، منهم محمد حسني، وأحمد جمال الدين، لكن كما أوضحت أن الشكل الإعلاني غير موجود.
ماذا تقصد بالشكل الإعلاني؟
أقصد أنه لا يوجد في الفيوم عملية إعلانية للكتب تتم بشكل صحيح، ولا توجد تغطية إعلانية جيدة، وبالتالي تنحدر العملية الثقافية وتظل في ركود.
لكن كان هناك حملة إعلانية كبيرة لمسرحية “قواعد العشق الأربعون”؟
بالطبع كان لها حملة جيدة في المحافظة، ولذلك أقيمت على مسرح قصر الثقافة ونالت مردود جيد من الفيوم، فأهل الفيوم ذواقين لكن يحتاجون لمن يأتيهم.
لكنك ذكرت في السابق أن قصر الثقافة مكان طارد.. لماذا؟
لم أشعر براحة داخل قصر ثقافة الفيوم، وهناك العديد من الأمور غير المنطقية وغير المقبولة تحدث داخله تعرقل المسيرة الثقافية للمحافظة، كما أن به كثير من الخلافات بين الفرع تارة ونوادي الأدب، وبين الموظفين أنفسهم.
هل أثرت السوشيال ميديا في الفيوم على الكتاب المطبوع؟
بالفعل، وليس في الفيوم وحدها بل في جميع أنحاء الجمهورية، وأصبحت أهمية الكتاب المطبوع شبه معدومة، والكتاب المطبوع أصبح أمام تحدي صعب للغاية.
من الممكن استغلال السوشيال ميديا؟
أكيد، لكن بشكل محسوب وبحذر، فالسوشيال ميديا سوق عريض ومفتوح، والمعروض أصبح كثيفًا، وأصبح المستخدم والقارىء يبتعد عن القراءة عمومًا.
رأيك في كتاب الفيوم؟
الفيوم بها عناصر من أفضل الكتاب على مستوى الجمهورية، فمن الجيل القديم من الشعراء محمد عبدالمعطي ومحمد حسني ومهدي صلاح وصلاح علي جاد، ولم يظهر في القصة سوى جمال الرديني وعصام الزهري، ثم جئت أنا وإبراهيم حسين.
وماذا قدمتم للفيوم في مجالكم الثقافي؟
هناك حاجز بين الكاتب وبين رجل الشارع، فقصر ثقافة الفيوم مغلق على أشخاص معينة، والعملية الثقافية في الفيوم أصبحت صعبة ولا يوجد مناخ جيد، فاتجه الكتاب إلى القاهرة، ولا يوجد ندوات أو مؤتمرات ثقافية يلتقي فيها الكاتب مع القارىء والمواطن، وتقرب وتتصل العملية فيما بيهما.
في رأيك هل القصر المسؤول عن هذا الحاجز؟
له جزء صغير من هذه المسألة، لكن السبب الرئيسي هو فكرة الدعاية وغيابها، فلم يكن هناك دعاية لشعراء أو لندوات أو لعرض قصص إلا خلال الفترة الحالية.
هاجم عدد من الإعلاميين الفيوم.. كيف دافعتم عن المحافظة؟
نحن دائمًا نحافظ على اسم الفيوم في كتاباتنا، ونحن لا نمثل أنفسنا بل نمثل الفيوم، فعلى سبيل المثال، الكاتب عصام الزهيري، كتب في الأصولية ومواجهتها، وهو الآن يمثل الفيوم كمحافظة، كما أن الفيوم من المحافظات التي دفعت أرواح أبنائها في محاربة الإرهاب وكل ذلك ظهر في كتاباتنا.
أين نادي الأدب بالفيوم؟
في آخر 10سنوات بدأ يخرج شعراء جدد من المحافظة، والشعر جماهيري، ونوادي الأدب بالمحافظة مفعلة وموجودة، وهناك حلقات شعرية تقام بشكل دوري بجميع نوادي الأدب بالفيوم.
لماذا كتاب رياضي؟
كان اقتراح من مؤسسة دار ابن رشد للنشر، خاصة أن الرياضة تأخذ حيز كبير لدى طبقة كبيرة من الشعب.
ولماذا عزيزي السيد mo؟
لدي رؤية نقدية وتحليل اجتماعي، ودائمًا ما يظهر ذلك في كتاباتي القصصية، ومحمد صلاح شخصيبة مشهورة وقصة نجاح تدرس، فرأيت أن من واجبي تحليل تلك الشخصية، ليقاس مثلها آخرين غير المجال الرياضي.
تعليق واحد