حوار| المخرج أحمد بدر: فيلم «ثريا» أحداثه حقيقية عايشتها في الصعيد

من بيئة صعيدية غنية بالعادات والتقاليد، ينطلق المخرج «أحمد بدر كرام» في فيلمه «ثريا»، الذي عرض في افتتاح مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام في دورته الـ26، ليقدم رؤية سينمائية تركز على الإنسان أكثر من المكان. يعكس «كرام» في أعماله السينمائية التجارب الإنسانية العميقة التي نشأ عليها، مجسدا تأثرها على رؤيته الفنية.

  • كيف بدأت علاقتك بالسينما؟

أنا من مواليد محافظة أسيوط في صعيد مصر، تخرجت في كلية الإعلام، وتأثرت بالصعيد وعاداته. بعدها سافرت إلى القاهرة للالتحاق بمعهد السينما، ومن هنا بدأت مشواري في مجال السينما بشكل عام. منذ طفولتي كنت من متابعي برنامج يوسف شريف رزق الله، وكنت مهتما جدا بالأفلام التي يقدمها البرنامج من كافة دول العالم، وتركت تأثيرها علي في محبة السينما. كذلك، كلاسيكيات السينما ثم مرحلة الواقعية الجديدة، وخاصة أفلام الأستاذ داوود عبدالسيد كان لها تأثير كبير جدا.

أخذت في وجداني أنه شيء مهم جدا في حياتي أن أكون صانع أفلام. دخلت كلية الإعلام وبدأت أشاهد تجارب لسينما مستقلة وأناس يصنعون أفلاما. مشيت في هذا الطريق حتى معهد السينما.

  • ما هي أول تجربة كتابية لك في مجال السينما؟

عملت في أفلام قصيرة وشاركت في كتابة مشروع تخرج المخرج أحمد البرغوثي “بيت راضي، وكتبت قصة فيلم “رحيل” للمخرج هشام متولي والذي شارك في مسابقة النجوم الجديدة بمهرجان الإسماعيلية، وشاركت في كتابة مسلسل “حكايات بنات” الجزء الرابع والخامس، وهناك مشاريع أخرى كتبتها وهي قيد الإنتاج والتطوير.

  • ما هي الفكرة الرئيسية لفيلم «ثريا»؟

الفكرة جاءت من البيئة التي أعيش فيها في الصعيد. هناك حدث يتكرر كثيرا جدا وهو محاولة الناس البحث عن طريق للثراء السريع وكسب المال بسهولة عن طريق التنقيب عن الآثار. لم أكن مهتما بالحدث ذاته بقدر اهتمامي بفكرة الماضي وارتباطنا به، سواء الماضي القديم “حضارة مصر القديمة” أو ما بعده. كنت أشير إلى ذلك من خلال تركات الصوت والموسيقى الخاصة بالفيلم. كانت فكرة التراث الخاص بنا، سواء قديم أو حديث، هي التي انطلقت منها فكرة الفيلم ونُفِّذَت من خلال البطلة.

وتدور أحداث الفيلم حول فتاة شابة تعيش في قرية نائية، تواجه أزمة معقدة عندما يُصاب شقيقها بمرض نادر. مما يدفعها للبحث عن حلول بديلة لعلاجه، لكن الأوضاع في قريتها تصبح أكثر خطورة بسبب نشاط عصابة تقوم باختطاف الفتيات. مما يضعها في مواجهة صعبة بين محاولاتها لإنقاذ شقيقها وكشف جرائم العصابة. ومع تصاعد الأحداث، تتطور شخصية “ثريا”، لتصبح رمزًا للمقاومة والشجاعة في وجه الظلم والخوف.

 

  • وماذا عن الفترة الزمنية التي كتبت فيها الفيلم؟

كتبت الفيلم منذ حوالي 5 سنوات، واستغرقت رحلة البحث عن الإنتاج 3 سنوات. بدأت التحضير له في عام 2023، وصور في نصف العام نفسه. وكل هذه الفترة كانت لإغلاق الفيلم. تعاونت مع شركات كبيرة مثل شركة Cairo groove و شركة Red star films  وشركات أخرى لدعم الفيلم.

  • ما هي الأماكن التي صُوِّر الفيلم فيها؟

حاولت تصويره في مكان واقعي في محل إقامتي في أسيوط. بالفعل، عاينت وعثرت على أماكن تناسب التصوير، لكن الصعيد بعيد جدا من حيث المسافة وتكاليف السفر والمعدات وفريق العمل. بعد ذلك، بحثت عن مكان مناسب يشبه قريتي، وكان في الجيزة، وكان مناسبا جدا وروح الفيلم التي كنت أبحث عنها.

  • ماذا عن صورة صعيد مصر في السينما؟

في الفترة الأخيرة، صورة الصعيد ليست بالشكل الكافي وتتناول بطريقة مكررة فكرة “الثأر”. حتى عند تناول هذه القضايا، تكون بعيدة عن الأبعاد الإنسانية لدى الشخصيات والجوانب الفلسفية، وتكوين القضايا ونشأتها. فكرة “التسامح” تتناول بشكل سطحي، وهناك تباعد بين صناع الأفلام والصعيد، مما يجعلنا نقدم صورة نمطية قليلا للصعيد.

  • هل لديك مشروعات سينمائية عن الصعيد؟

لدي أفكار كثيرة جدا أحب مناقشتها عن مجتمع الصعيد، بعيدا عن ما تم عرضه في الفترة السابقة. أتمنى أن يعيش الصناع جميعهم في الصعيد فترة ليقتربوا من الناس، وهذا ينمي الأفكار المطروحة. كما أن لدي أفكارا خارج إطار الصعيد في القاهرة.

أنا مهتم أكثر بالإنسان من المكان، وأريد أن يكون الفيلم يكون عابرا للأزمنة والأمكنة، بمعنى أنه إذا شوهد في بلاد أخرى، تصل فكرته أي تكون عابرة للزمن. لذلك كان فيلم “ثريا” غير مرتبط بزمن معين، وأرغب في أن تتجاوز مشروعاتي حدود الزمان والمكان.

محرر باب مصر مع المخرج أحمد بدر
محرر باب مصر مع المخرج أحمد بدر

 

  • كيف تم اختيار الممثلين في الفيلم؟

كنت أبحث عن ممثلين يناسبون مع روح الفيلم ويفهمون الفكرة جيدا. كان هناك ممثلون مشهورون يمكنني استخدامهم، لكنني فضلت البحث عن ممثلين حقيقيين يشعرون بوجودهم، وليس مجرد ممثلين معروفين. حتى المجاميع والإكسترا كانت جزءا من ذلك. ممثلة الفيلم كانت تجربتها الأولى في البطولة، ورأيت صورها فشعرت بأنها تناسب روح الفيلم. كما ساعدني أنها من مجتمع الصعيد، وكان هذا مناسبا جدا لها، وشجعتها على ذلك. عملنا بروفات وكان الموضوع شيقا جدا.

  • ما هي مدرستك السينمائية التي تميل إليها؟

أميل إلى المدرسة الكلاسيكية، وخاصة مدرسة شادي عبدالسلام وعطيات الأبنودي لأنهما اهتما بالهوية المصرية والثقافة المصرية. وتمعنا في الشخصية المصرية. قدما مصر بشكل عظيم يليق بمكانتها. أيضا داوود عبدالسيد له تأثير كبير علي، لأنه من أهم الناس التي تعلمت منهم. هو شخصية فلسفية أكثر من كونه مخرجا، حيث إن أفلامه عابرة للزمن وأفكاره ثرية وتجعل الإنسان يتحرك ويتفاعل مع العمل.

  • كيف ترى عروض الأفلام الموجود في مهرجان الإسماعيلية الدولي؟

العروض جميلة جدا، فيها أفلام تسجيلية وأفلام روائية. شاهدت أفلاماً تسجيلية من إيران ودول أخرى. هناك فيه تنوع وثراء، وفيه مخرجون  واعدون جدا سواء على الصعيد المحلي أو العالمي. وهناك أفلام طويلة مثل فيلم المخرج يوحنا ناجي، وأفلام أخرى تحتوي على تجارب مختلفة، ليست كلها متشابهة. التنوع فكرة مهمة جدا، وكلنا نحتاج إلى التنوع في السينما، سواء السينما التي تبحث عن الإنسانية أو عن التجريبية.

  • أخيرا.. كيف ترى مهرجانات السينما؟

المهرجانات هي بيئة خصبة لإنتاج وتصدير مخرجين وكتاب ومنتجين وكافة صناع السينما من خلال دعمهم وعرض مشاريعهم. المهرجان يشكل دافعا وداعما لتكليل تعبهم ومجهودهم في صناعة الفيلم. عندما يعرض المهرجان فيلم المخرج أو الصانع، يكون بمثابة شهادة ميلاد بالنسبة له. وأهم شيء في الأفلام والدراما هو الجمهور، والمهرجانات أمر مهم جدا،ومن خلالها يحصل الدعم، سواء من منح تطوير أو دعم مادي.

 اقرأ أيضا:

«السينما والعمارة».. آخر ندوات مهرجان الإسماعيلية السينمائي

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر